الطريق الوحيد للحصول على الحياة الأفضل ـ 8
بناهیان: إن الحياة عمليّة للازدهار/ الشرط الأوّل للحياة الأفضل هو اشتداد الحياة/ الحياة هي عمليّة في سبيل أن يصبح الإنسان أحيى/ نحن غالبا ما نكثّر إمكانات الحياة بغيةَ الحصول على الحياة الأفضل، في حين أن كل القوى والطاقات کامنة في ذاتنا!/ الحياة هي عمليّة للحصول على المعرفة
بعد ما ألقى سماحة الشيخ بناهيان سلسلة محاضراته في موضوع «الطريق الوحيد والاستراتيجية الرئيسة في النظام التربوي الديني» ونالت إعجابا من قبل الشباب، بدأ بطرح موضوع «الطريق الوحيد للحصول على الحياة الأفضل» ليجيب عن سؤال «كيف نحظى بحياة أفضل؟» فإليك أيها القارئ الكريم نصّ أهم المقاطع من محاضرته في الجلسة الثامنة:
الحياة عمليّة لإدارة الرغبات في الداخل ومحاربة الموانع في الخارج/ الإنسان أسيرٌ تحت رغباته
- لقد قدّمنا تعريفا للحياة في الجلسات السابقة على أساس الرغبات والنزعات وقلنا: إنّ الحياة تعني إدارة الرغبات والسعي والصراع لنيل الرغبات وكذلك الاستسلام للموانع والمحدوديّات. و بعبارة أخرى: الحياة عمليّة لإدارة الرغبات في الداخل وصراعٍ في الخارج في سبيل نيل الرغبات، مع الاستسلام للموانع والمحدوديّات. فإن الحياة تركيبة من هذه العمليّات الثلاث، ولكن في ظرف المقدّرات الإلهيّة لا في خلأٍ أو جوٍّ أُعِدّ صدفةً، وإنما في ظرف المقدّرات الإلهية التي أعدّت لكل امرءٍ بحسب عنديّاته.
- إن كنّا قد عرّفنا الحياة على أساس الميول والنزعات، فذلك بسبب أنها محرّك روحنا في الحياة. إذ أن الأنسان أسيرٌ تحت نزعاته ورغباته. وإن رغباتنا هي التي تحدّد أهدافنا. ولا يخفى أنها تستخدم العلمَ دائما. ولكنّنا إن وددنا أن نفهم أمورا ما، سنقصدها لندركَها، بينما إن لم نودّ أن نفهمها، فلن نقصدها. وإن وددنا أن ننتهي من مستوى فهمنا إلى نتائج أعمق عبر التفكّر، سنقصدها أيضا. بينما إن لم نودّ ذلك فلن يتطوّر فهمنا.
في عمليّة إدارة الرغبات، نحن بحاجة إلى العلم خطوة بعد خطوة
- لا نريد أن نحدّد تعريف الحياة في موضوع الرغبات والنزعات، بل نريد أن ننظر إلى جميع مواهب الإنسان وقدراته، كما يجب أن ننظر إلى باقي الأحداث التي تجري في وجود الإنسان. ونحن في الوقت ذاته لا نريد أن نقدّم تعاريف متعددة؛ فإن التعريف الرئيس هو نفسه الذي قدّمناه على أساس الرغبات. ولكنكم إن نظرتم إلى حياة الإنسان من زوايا مختلفة، ألفيتم حياة الإنسان ذات معالم أخرى. فعلى سبيل المثال إن أراد أحدكم أن يدير نزعاته ورغباته، أو يسعى ويحارب و يتقدّم أو يحدّد أهدافه، فإنه بحاجة إلى العلم خطوة بعد خطوة.
- نحن نكتسب بعض العلوم والمعارف من الخارج، أمّا بعض المعارف فلا يمكن اكتسابها من الخارج، بل لابدّ من نيلها شيئا فشيئا عبر الحياة. وحتى لو اكتسبنا هذا النمط من الخارج، فليس ذلك إلا ألفاظا تطرق أسماعنا ثم تذهب جُفاءً! فعلى سبيل المثال عندما يقال للشاب: «سرعان ما تأتي أيّام المشيب» من المستحيل ـ تقريبا ـ أن يعي هذه المعلومة. طبعا هناك بعض الشباب قد حظوا بفهم عالٍ جدّا، مثل الشهداء الذين ذكرناهم سابقا وتحدّثنا عن حسن فهمهم.
الحياة وسيلة للفهم، شأنها كشأن المدرس/ على الإنسان أن يدرك بعض الحقائق بلحمه وجلده وعضمه
- يحتاج الإنسان في كل خطوة من مسار حركته صوبَ رغباته، إلى معرفة أمورٍ ما. ولكن الحياة أساسا هي وسيلة للفهم شأنها كشأن المدرس والورشة ومثل مسرحيّة تعرض للإنسان على أساس قصّة معيّنة ليفَهّموا المتفرّج بعض المفاهيم. فعلى الإنسان أن يدرك بعض الحقائق بلحمه وجلده وعضمه، وعليه أن يفهم بعض الحقائق عبر الحياة.
- أتعلمون لماذا فرض الإسلام كلَّ هذه الأحكام؟ لأن هذا السلوك وهذا النمط في الحياة هو الذي سيفهّمنا الكثير من الحقائق، أمّا حلقات الدرس والكتب فتأتي في الدرجة الثانية من الأهمية. فإن طريقتك في الحياة مهمّة جدا. إذ لا يذوق طعم الحياة حقيقةً، إلا من تلقّى تلك المفاهيم التي أرادت الحياة أن تعلّمه إيّاها. إذن فعش حياةً تحصل فيها على ذاك الفهم المنشود.
إن الحياة عمليّة لنيل المعرفة/ ما لم تعش في هذه الحياة لن تدرك بعض الحقائق
- أساسا الحكمة من هذه الحياة هي اكتساب المعرفة؛ أي معرفة كلّ شيء. ولا شكّ في أن معرفة ربّ العالمين هي على رأس جميع المعارف. إن ما يُقال من «أننا بحاجة إلى العلم والمعرفة في هذه الحياة» كلام صحيح. فإننا ومن أجل حياة حسنة، لسنا بغنى عن العلم والمعرفة. ولكن الحياة أساسا هي عمليّة لنيل المعرفة، وإنها لوسيلة للمعرفة.
- لا يمكن فهم بعض الأمور إلا بعد ما تَحدُث للإنسان في طيّات حياته. فعلى سبيل المثال ما لم تُصبح أباً لن تستطيع أن تفهم حقيقة الأبوّة؟ فإنك ما لم تعش وتحيَ لن تستوعب بعض الحقائق، ولذلك جئت إلى هذه الدنيا لتعيش فيها.
- قلنا في تعريف الحياة: «إن الحياة هي إدارة الرغبات والسعي والصراع من أجل نيل الرغبات، بحيث يصحبها ضرب من الاستسلام وسيقع كلّ ذلك في ظرف الامتحانات الإلهية.» ولكنّنا إذا نظرنا إلى تعريف الحياة من زاوية المعرفة، نستطيع أن نقول بكلمة واحدة: إن الحياة وسيلة للفهم ومعرفة الكثير من الأمور. فمن ذاق عصارة الحياة ونال هذا الفهم المنشود، فإنه سيلقى بعد ارتحاله احتراما شديدا من الله وملائكته.
تعريف الحياة من زاوية أخرى/ الحياة عمليّة لازدهار الإنسان
- لقد قدّمنا لحد الآن تعريفين للحياة. فقد قمنا بتعريف الحياة من جانب الحبّ والرغبات، وكذلك قمنا بتعريفها من جانب المعرفة. ولكن بودّي في هذه الجلسة أن أقدّم تعريف الحياة من زاوية أخرى، وننظر إليها من جانب آخر مهمّ جدّا.
- الحياة من جانب آخر هي ازدهار الإنسان، وهي عمليّة لكشف دفائن وجود الإنسان. وهذا ما يشار إليه في مدارس التربية والتعليم أيضا، فعلى سبيل المثال قد يقال: «نحن بصدد ازدهار مواهب الطلاب». كما عندما يسجّل الآباءُ أولادهم في المدارس، یتوقّعون من المعلّمين أن يكتشفوا مواهب أولادهم ثمّ يطوّروهم وينمّوهم في ذلك المجال. فليس الإنسان ما يبدو وحسب، بل ينطوي على مواهب كثيرة في داخله، والحياة هي عمليّة لازدهار الإنسان.
نموذج من قابلية دماغ الإنسان الهائلة/ ترى بعض الناس قد عاشوا سنين طويلة ولكنّهم لم يفعّلوا قدراتهم الروحية
- أحد أساتذتنا في علم النفس الفسلجي كان يقول: تموت خلايا جسم الإنسان، ثمّ تحلّ محلّها خلايا جديدة. ولذلك فإن جسمنا ليس نفس جسمنا السابق، بل هو شبيه بذاك الجسم، فإن خلاياه في تجدّد وتبدّل دائم. فكان يشرح لنا خلايا الجلد وباقي أعضاء الجسم إلى أن وصل إلى الدماغ. فقال: أما الدماغ فإن ماتت خلية منه بعد السنة الرابعة والعشرين من عمر الإنسان فلا تحلّ محلّها خليّة أخرى! ولكن لا تقلقوا وكونوا على اطمئنان إذ حتى لو عشتم مئات السنين، وأخذت خلايا دماغكم تنقص دائما، فما يبقى منها يستوعب من المعلومات ما يفوق علوم جميع علماء العالم!
- فانظروا إلى مدى قابليّة الدماغ! وإذا نحن نتعجّب إن سمعنا بأن امير المؤمنين (ع) كان يعرف أسماء شيعته إلى يوم القيامة! «عَنْ سَعْدِ بْنِ ظَرِيفٍ عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ قَالَ: كُنْتُ مَعَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ قَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنِّي وَ اللَّهِ لَأُحِبُّكَ فِي اللَّهِ وَ أُحِبُّكَ فِي السِّرِّ كَمَا أُحِبُّكَ فِي الْعَلَانِيَةِ وَ أَدِينُ اللَّهَ بِوَلَايَتِكَ فِي السِّرِّ كَمَا أَدِينُ بِهَا فِي الْعَلَانِيَةِ وَ بِيَدِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع عُودٌ فَطَأْطَأَ بِهِ رَأْسَهُ ثُمَّ نَكَتَ بِعُودِهِ فِي الْأَرْضِ سَاعَةً ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَيْهِ فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص حَدَّثَنِي بِأَلْفِ حَدِيثٍ لِكُلِّ حَدِيثٍ أَلْفُ بَابٍ وَ إِنَّ أَرْوَاحَ الْمُؤْمِنِينَ تَلْتَقِي فِي الْهَوَاءِ فَتَشَامُّ فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ وَ مَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ وَيْحَكَ لَقَدْ كَذَبْتَ فَمَا أَعْرِفُ وَجْهَكَ فِي الْوُجُوهِ وَ لَا اسْمَكَ فِي الْأَسْمَاء» [الاختصاص/ص311]
- وهذا كلّه قابليّة الدماغ فحسب، فانظروا إلى مدى قابليّة روح الإنسان وقدراتها، وإلى مدى قدرات عين الإنسان وأذنه! إن حاسّة السامعة هي إحدى مواهب الإنسان المهمّة ومن قابليّاتها هي أن تمكّن المرء من سماع تسبيح النباتات.
- الحياة هي عمليّة لازدهار المواهب، ولكن مع الأسف ترى كثيرا من الناس قد انقضت من عمرهم سنوات عديدة ولكن لم تزدهر مواهب روحم بعد. ولعلّ السبب هو أن مدارسنا منذ البداية هدفت إلى اكتشاف مواهبَ من قبيل القصابة والنجارة والبناء، ولا علاقة لها بالمواهب الروحيّة!
- الحياة هي فرصة ذهبيّة لازدهار المواهب، ولذلك فمسكينٌ من لم تزدهر مواهبه ولم يفعّل أي قوّة في نفسه ويقنع بما هو عليه.
في أي عمر تفضّلون أن يَبلُغ شبّاننا جنسيّاً؟
- الإنسان قويّ جدّا. فعلى سبيل المثال عندما يبلغ الأربع عشرة سنة، من المفترض أن يكون قادرا على مقاومة شهوته. ذات يوم كنت في جمع من المربّين والمعلّمين المتديّنين فسألتهم: في أي عمرٍ تفضّلون أن يبلغ شبّاننا جنسيّا؟ وما هو العمر الذي تقترحونه أنتم؟! كان معدّل العمر الذي اقترحوه هؤلاء المشفقون هو 21 سنة! فقلت لهم: «كأنكم تقولون: إن الأمور قد خرجت من يد الله بحيث أيقظ الشهوة الجنسية مبكّرا! فإن حديثكم يحكي عن حدوث خطأٍ ما!» فقالوا: إذن كيف يمكن أن نعصم الأولاد في عمر الخمس عشرة سنة من الشهوات؟ فقلت لهم: إنكم قد أهملتم العمل التربوي في حينه أي في السنين السبع الثانية، بينما لو استُغِلّت هذه الفرصة للعمل التربوي الصحيح، لأمكن هذا الأمر. إن تربَّ الشاب في هذه السنين على مقاومة رغباته وتجهّز بهذه القدرة، سيقدر بعد السنة الرابعة عشر على مقاومة شهواته أيضا.
الحياة هي عمليّة في سبيل اشتداد حياة الإنسان
- الحياة تعني ازدهار المواهب الفطرية. الحياة عمليّة لازدياد قدرات الإنسان، وهي عمليّة في سبيل أن نزداد حياةً ثمّ نحيى. الحياة تعني ازدياد حظّنا من الحياة، ولكن أكثرنا أنصاف أموات! نحن نفقد كثيرا من القوى. فعلى سبيل المثال قد روي عن الإمام السجاد (ع): «أَلَا إِنَّ لِلْعَبْدِ أَرْبَعَةَ أَعْیُنٍ عَیْنَانِ یُبْصِرُ بِهِمَا أَمْرَ آخِرَتِهِ وَ عَیْنَانِ یُبْصِرُ بِهِمَا أَمْرَ دُنْیَاهُ فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِعَبْدٍ خَیْراً فَتَحَ لَهُ الْعَیْنَیْنِ اللَّتَیْنِ فِي قَلْبِهِ فَأَبْصَرَ بِهِمَا الْعَیْبَ» [التوحيد للصدوق/ص367] ولكنّ أعين قلوبنا عاطلة. إذن يبدو أن حياتنا أرقى بقليل من أولئك الذين أصيبوا بموت الدماغ ويحافظ عليهم في غرفة العناية المركّزة والذين لهم حياة نباتية فقط!
الشرط الأوّل للحياة الأفضل هو اشتداد الحياة/ نحن غالبا ما نكثّر إمكانات الحياة بغيةَ الحصول على الحياة الأفضل، في حين أن كل القوى والطاقات في داخلنا!
- الحياة تعني أن تكون حيّا. يُرزَق الإنسان حياة بدويّةً نباتيّة وعليه أن يعزّزها ويرقّيها. فالحياة في الواقع أحداث ومنعطفات ليزداد الإنسان حياةً فيها. والحياة الأفضل هي تلك الحياة التي يزداد الإنسان حياة فيها. العجيب هو أننا وفي سبيل ازدياد حظّنا من الحياة وبغيةَ الحصول على الحياة الأفضل، لا نزال نكثّر من إمكانات الحياة، في حين أن الشرط الأول في الحياة الأفضل هو أن يكون الإنسان أحيى، ولا يلزم أن يضيف الإنسان شيئا من الخارج، بل ينبغي أن يفعل طاقاته ومواهبه الذاتيّة.
- الحياة تعني عمليّة تنتهي إلى ازدهار مواهب الإنسان. فإن القدرات والطاقات في ذاتنا. فكل من لم يحثّك على اكتشاف قدراتك الذاتيّة وبات يلفت أنظارك إلى عالم الخارج فقد خانك وخدعك. فلتذهب وتكتشف قدراتك الذاتية، وعندها تزداد حياةً.
- لابدّ أنكم قد سمعتم كثيرا عن قدرات وكرامات أولياء الله، ولعلّنا نستطيع القول بأنه إن قارنّا أنفسنا بهم لم نعد أحياءً! إن أولياء الله يرون كلّ شيء ويسمعون كلّ شيء ويمتلكون كلّ قوّة غير أنّهم لا يتدّخلون في قدرة الله وتدبيره، إلا في ما شذّ وندر. ترى الضعاف من الناس يحاولون أن يستخدموا أقصى ما لديهم من قوّة، بينما أولياء الله الذين يملكون قوّة هائلة، يراقبون أنفسهم دوما لكي لا يستخدموا شيئا من قوّتهم؛ فهذا هو امتحانهم. إذ يقتضي أدب العبوديّة أن يتصرّفوا في محضر الله بكلّ رويّة.
كيف تصبح حياةُ من ازدهرت مواهبه؟
- الحياة عمليّة للازدهار؛ فكيف تُصبح حياةُ من ازدهرت مواهبه؟ لقد قال الله تعالى: (مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَة) [النحل/97] وحريّ بالذكر أن هذه الآية قد قدّمت العمل على الإيمان، ولذلك فإنها قريبة من موضوعنا الذي يدور حول الحياة وكيفية الحياة ونمط الحياة.
- يقول العلامة الطباطبائي في تفسير الميزان: إن هذه الحياة حياة أخرى، تختلف عن حياتنا التي نعيشها الآن. ثمّ يذكر خصيصتين مهمّتين للحياة الطيّبة؛ إحداهما هي أن هذه الحياة منشّطة وبهيجة وتشحن الإنسان طاقةً فيصبح راضيا عن حياته حقّا. والأخرى هي أنه لا يُخطئ الإنسان في هذه الحياة. ثم يكمل العلامة الطباطبائي (ره): من أحيي حياة طيّبة فهو يتجهّز بقدرة التمييز بين الحق والباطل. [تفسير الميزان/ ج12/ص341ـ342].
الحياة تعني اشتداد الحياة وازديادها/ لماذا ينعصر فؤادنا بعد مشاهدة كثير من الأفلام؟
- الحياة تعني اشتداد الحياة وازديادها! لماذا ترى كثيرا من الأفلام ـ مع الأسف ـ ينعصر الفؤاد أو يظلَمّ بمشاهدتها؟ لأنها خالية من شخصيّة تتمتّع بمزيد من الحياة، وكل عناصر القصّة يعيشون عميا وصمّا مِثلَنا! فيا ترى ما هي ميزة هذا الفلم الذي عرضتموه لنا لنَسلو به؟!
- دعوني أذكر لكم حكاية عن أحد الرجال الذي كان أحيى منّا. سُئِل الحاج فخر الطهراني: «كيف تعرف أن هذا الطعام مشبوه فتأمرنا بمجانبته»؟ فقال: «هو يقول لي!» يعني أن التفاحة مثلا هي تكلّمني وتنهاني عن أكلها لأنها مشبوهة!
توقّع الشيخ بهجت (ره) من شاب في الثامنة عشر
- المهم هو أن يزداد الإنسان حياةً، فعند ذلك سيسمع حتى صوت الملائكة. أحد الشباب من طلبة الحوزة في قم قال لي: كنت أتردد إلى بيت الشيخ بهجت كثيرا وكنت أوزّع الشاي وأخدم. فبعد مدّة ذهبت إلى مشهد المقدّسة. فلم أحضر في أحد مجالس ذكر أهل البيت (ع) بحضور الشيخ بهجت لأقدم الشاي. فعندما رجعت قال لي الشيخ: أين كنت يا فلان؟! فقلت: كنت قد ذهبت إلى زيارة الإمام الرضا(ع) في مشهد.
- فقال الشيخ بهجت (ره): طيّب، فلمّا دخلت في الحرم هل رأيت الإمام الرضا (ع)؟ فقلت لا! لم أره. فقال الشيخ: يعني أنك دخلت في حرم الإمام ولم تره؟! فقلت: نعم كذلك. فقال: عجيب! ثم قال: أفهل رأيت الإمام الرضا (ع) في المنام خلال أيام حضورك في مشهد؟! فقلت: لا! فقال: ولم ترَ الإمام الرضا (ع) في المنام في إحدى سفراتك إلى مشهد؟! فقلت: لا. فتعجب الشيخ وقال: عجيب... هكذا كان يتوقّع الشيخ بهجت (ره) من شاب في عمر الثماني عشرة سنة. فقد سأله ليرى هل هو حيّا واقعا!
- على الإنسان أن يكون حيّا أولّا، ثمّ يعيش ويحيى. نسأل الله أن يوفّقنا لاختيار حياة أفضل، ثمّ نتقرّب إليها خطوة بعد خطوة.