التقوى مشروع لإدارة المجتمع (المحاضرة 6)
في الإدارة وفق نهج التقوى ينهض "القانون" بأضأل دور!
المكان: موكب النور
الزمان: 05/محرّم/1439 - 26/أيلول/2017
منطق التقوى هو: لا يمكن أن نعالج كل المشاكل بـ"القانون"!
قانون التقوى هو "ضبط النفس" وهو مرتكز على دوافع الشخص الداخلية.
لا نعارض القانون. القانون في المجتمع ضروري لكن "كثرة القوانين"، من جانب آخر، مضرة.
تُسَنّ في الإدارة غير القائمة على التقوى "قوانين كثيرة" وهذا، بحد ذاته، يساعد على "خرق القانون"!
إن أحد أسباب اللجوء الفائق عن الحد إلى السلطة القضائية هو "كثرة القوانين".
منطق نموذج التقوى هو: عوضًا عن أن تستقوي على الناس، اجعل الناس أقوياء! فإنْ قَوِيَ أفراد المجتمع،
استقامت حالُهم. أما في "النظام الرأسمالي" فإنه يتم إضعاف الناس بشكل "منظَّم" وإنه لمن السهل جدًّا "ظلم"
الضعفاء.
سماحة الشيخ بناهيان
- في الإدارة التي تنتهج نهج التقوى ينهض "القانون" بأضأل دور، فكثرة القوانين، بحد ذاتها، تساعد على "خرق القانون"! وإنّ حُكمَ الناس بـ"القانون" والرقابة من الخارج دونما تنشيط "للبواعث الداخلية" لا هو ممكن ولا محبَّذ! فقد قال قائد شرطة البلاد قبل بضع سنوات: " على الرغم من رفع الغرامات لم تنخفض معدلات الجرائم"!
- من صفات الأنظمة غير القائمة على التقوى والمعمول بها لإدارة الحياة أنها تَسُنّ "قوانين كثيرة"؛ والمثال على ذلك التواقيع السبعة والثلاثين أسفل ورقة عقد الزواج! فلماذا يا ترى تزداد معدلات الطلاق بنسبة ازدياد عدد هذه التواقيع؟ تقول التقوى: "اعهَدْ إليه بالجزء الأكبر من المسؤولية، فلا يمكن علاج كل مشكلة بالقانون"!
- بكثرة "القوانين" و"الرقابة" في أسلوب إدارة المجتمع بالنماذج غير القائمة على التقوى يبتعد المجتمع يومًا بعد آخر عن الوضع المطلوب. فما هي أسباب اللجوء الفائق عن الحد إلى القضاء؟ إنها "كثرة القوانين"! إن معدل تشريع القوانين في بعض الدول يقِلّ بكثير عنه في الجمهورية الإسلامية، بل إن البرلمانات فيها لا تَعقِد في العام الواحد غير بضع جلسات وحسب.
- لقد جاء في بروتوكولات علماء الصهاينة: "من أجل إذاقة المجتمعات التعاسة لا بد من تكبيلهم بقوانين كثيرة!" والمراد من "كثرة القوانين" هو زرع "الرقباء" في كل مكان وسَنّ "العقوبات" وحساب تصرّفات الناس كلها من حيث الكَمّ. ففي مثل هذه البيئة المخنوقة لا يُترك مجال "للدوافع الداخلية" لتنضج.
- أنا شخصيًّا لا أعارض "القانون" فلا يمكن العيش في المجتمع من دون قانون. حتى "الشرع" له قوانينه الجزائية والحقوقية والاجتماعية. على أنه ثمة شروط في غاية التشديد والتعقيد لوضع "القوانين الشرعية" حيّز التنفيذ، إلى درجة أن بعضها يندُر أن يصل مرحلة التطبيق!
- وإن "للتقوى" قانونها الخاص، غير أنه يختلف عن القانون "المدني" أو "الجزائي"، فإن "للرقابة من الخارج" أضعف دور فيه. قانون التقوى هو "ضبط النفس" وهو مرتكز على دوافع الشخص الداخلية. منطق التقوى هو: "ارفع ضغوط البيئة المحيطة عن الإنسان ما أمكن، وعوضًا عن أن تستقوي على الناس، اجعل الناس أقوياء! فحين يَقوَى أفراد المجتمع تستقيم حالُهم". أما في "النظام الرأسمالي" فإنه يتم إضعاف الناس بشكل "منظَّم" وإنه لمن السهل جدًّا "ظلم" الضعفاء.
- في نظام إدارة المجتمع القائم على "التقوى" بإمكاننا أن نُحِلّ "اللهَ" تعالى محل الكثير من القوانين (لا كلها). لكن كيف ستسير الأمور إذا جعلنا الله عز وجل محل القوانين؟ أحد النماذج لذلك هو حقبة الدفاع المقدس؛ فإننا، في تلك الحقبة، لم نفرض على الشعب التوجّه إلى جبهات القتال، لكننا انتصرنا بهؤلاء الذين ذهبوا بأنفسهم بدافع التقوى فنال الشعبُ كافة هذا الفخر. الجندية في العراق آنذاك دامت ثماني سنوات، أما هنا فلم يتم تمديد الجندية ولو لشهر واحد!
- يلزم شرطان لإحلال الله تعالى محل القانون (وإدارة المجتمع بأسلوب التقوى): الأول هو أن تكون الدولة دولة ولائية (بمعنى أن لا يستقر في رأس هرم السلطة رجل مثل علي بن أبي طالب(ع) فحسب، بل أن لا يكون في طبقات الهرم الأخرى أيضًا أشخاصٌ مثل "زياد" – ممن ليس لديه الأهلية ليكون عاملًا للدولة). والثاني أن تَثبُت ثلة من الناس على هذا الأمر؛ بمعنى أنه مجرد أن تَصلُح جماعة من أفراد الأمة ويَثبُتوا على هذا الأمر ستسير الأمور، إذ ليس من الضروري أن يكون الجميع على خير.
- السبيل الوحيدة للقضاء على الفساد في "الحكومة" هو "تقليص حجمها"، وإن من تبعات "تقلّص حجم الحكومة" هو أن يتولّى أفراد الشعب بأنفسهم معظم الأعمال التي يستطيعون إنجازها. على سبيل المثال أن يعمل الوالدان، ما استطاعا، على تسجيل أولادهما في "المدارس الأهلية"، فإن كانت باهظة التكاليف، فمن الممكن تأسيس "مدارس أهلية رخيصة" اعتمادًا على "ثقافة الوَقْف".
- ينبغي لنا - ما استطعنا إلى ذلك سبيلًا – العمل على إدارة شؤون حياتنا بأنفسنا والعيش بطريقة تسد احتياجاتنا المادية فلا نكون بحاجة إلى "الحكومة"، و"السُلَف المصرفية"، و"التوظيف الحكومي".