الطريق الوحيد معالم الأسرة الصالحة رحلة الأربعين تعرف علینا بقلم استاذ البريد الكتروني فیسبوک تويتر انستقرام تلغرام

جديدنا

۰۰/۰۶/۲۱ چاپ
 

التقوى مشروع لإدارة المجتمع (المحاضرة 3)

لماذا استخدام "بطاقة تسجيل الحضور والانصراف" يخالف نهج التقوى؟/ التقوى أسمى نهج يخلق في الإنسان دافعًا سلوكيًّا

 

المكان: موكب النور

الزمان: 02/محرّم/1439 - 23/أيلول/2017

A4|A5 :pdf

 

إننا في نهج التقوى نُمهل الناس ليكونوا "هُم"، ولذا ليس لدينا فيه الكثير من الثواب والعقاب الآنيَّين.

في الإدارة القائمة على نهج التقوى لا يُمارَس الحُكم على أي شخص تحت تأثير المال والمنصب.

ليست التقوى مجرد موعظة أخلاقية ومعنوية، بل هي نهج يغيّر أسلوب حياتنا وقوانيننا.

بعض الأحكام والتعليمات المعمول بها تُبيد كرامة الإنسان وتُنشئ أفرادًا عديمي الشخصية.

 

سماحة الشيخ بناهيان

  • التقوى نهج "يحفّز الإنسان للعمل". كثيرًا ما تُستخدم مفردة "التحفيز" أو "خلق الدافع" في علم الاقتصاد والسياسة والإدارة. فإنّ أحد الأسئلة الأساسية في علم الإدارة يدور حول طريقة خَلق الدافع في أعضاء المنَظّمة، إذ يحرص المديرون على وضع التعليمات وسَنّ القوانين التي من شأنها تقوية الدافع لدى الموظفين وتعزيزه. وعليه فإن تحفيز الأشخاص وغرس الدافع فيهم هي مسألة اجتماعية أكثر منها فردية، وإن التقوى هي أسمى نهج ينهض بهذه المهمة.
  • ليست التقوى مجرد موعظة أخلاقية ومعنوية، بل هي نهج يُخضِع أسلوب حياتنا وقوانيننا لتغييرات جذرية.
  • تعارِضُ بعضُ الأحكام المعمول بها نهجَ التقوى؛ كنصبِ أجهزة تسجيل الحضور والانصراف عند مداخل المصانع والدوائر فيُستقطع من راتب الفرد إزاء كل دقيقةِ تأخير، أو يضاف إليه لقاء كل دقيقةِ عملٍ إضافية. إنهم يتعاملون مع الإنسان كتعاملهم مع "كلب بافلوف" (طريقة مشهورة لجعل الكلب مشروط السلوك عبر مكافأته)، وهذا خلاف التقوى، ثم يريدون في مثل هذه الدوائر تنشئة "آدمِيِّين"! وفي بيئة كهذه، حيث الرقابة وحيث الثواب والعقاب الآنيَّين، تُباد إمكانية رفع مستوى الخدمة إلى أقصى حد وخفض معدلات الفساد إلى أدنى مستوى؛ ذلك أن نظرة المُشرِّع إلى أفراد جماعته نظرةٌ تجريمية؛ بمعنى أن المبدأ يقوم على عدم الثقة بأي شخص وأن الجميع ليسوا أهلًا للثقة!
  • اعترضَ الناس على أمير المؤمنين(ع) بأنك لستَ تُتقن الحُكم! فلماذا لا تشتري الأشخاص وتبيعهم كما يفعل معاوية؟! لكن كيف كانت طريقة أمير المؤمنين(ع) في حكم رعيته؟ فحوى رَدّ أمير المؤمنين(ع)  هو أني أحكم بنهج التقوى؛ «لَولا التُّقَى لَكُنتُ أَدهَى العَرَب» (الكافي/ ج8/ ص24).
  • ليس لدينا في نهج التقوى مجال للثواب والعقاب الآنيّين، بل "يُمهَل" الناس ليكونوا "هُم". ولا يُحكم في نهج التقوى امرؤٌ تحت تأثير المال والمنصب. كان حَسْبُ أمير المؤمنين(ع) أن يتراجع عن نهج التقوى ويشتري الأشخاص بالهِبات والمناصب، ولربما جاراهُ معاوية أيضًا لو أنه(ع) فعل ذلك! لكنه خلاف نهج التقوى.
  • لقد التفتوا في الغرب وفي بعض الدول الشرقية للتو إلى أنه" لا يجوز في النهج الإداري التعامل مع الأشخاص والعاملين تعاملًا غير إنساني. فقد أعلنت بعض الشركات اليابانية أنه ليس من الضروري للموظف الذي يشعر بالإرهاق ولا يريد الدوام في اليوم التالي أن يتقدم بطلبِ إجازة من الشركة. فإن قرر هو أن لا يأتي في الغد، فلا يأتِ. عليه فقط أن يُطلِع الشركة على قراره!" لقد توصّلوا عبر الطرق التجريبية إلى أن العامل الذي يتمتع بإجازته بهذه الطريقة، ولأنه هو الذي أعطى لنفسه إجازة، سيكسب نشاطًا أكبر لمضاعفة عمله في اليوم التالي وتدارك ما فاته في الأمس. هذا الأسلوب في منحه الاستقلالية والشخصية يزرع فيه شعورًا حسَنًا ويجعله يستمتع بعمله أكثر. وهذا هو معنى معاملة الأشخاص بكرامة وصيانة شخصيتهم.
  • لقد كرَّمَنا الله تعالى إذ قال: «وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ» (الإسراء/ الآية70). وفي وسعنا أن نُديم هذه الكرامة المُعطاة لنا عبر التقوى؛ فالله عز وجل يقول: «إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُم» (الحجرات/ الآية13). لكننا بتعليماتنا وأحكامنا ننسف هذه الكرامة وننشئ أفرادًا عديمي الشخصية.
  • نعم قد يستغل بعض الموظفين والعمال الوضع لدى إلغاء أسلوب بطاقة تسجيل الحضور والانصراف، على أن عدد هؤلاء قليل. فليُمهَل مرتكبو المخالفات الذين لم يلتزموا التقوى حتى يُصلِحوا أنفسَهم ويتقيدوا بنهج التقوى. فإن لم ينصلحوا يطردهم مدير المؤسسة من العمل بكل حزم. وعوضًا عن "الإدارة من الأعلى" تُستبدل ببطاقة تسجيل الحضور والانصراف والرقابة المشدَّدة طريقة تنبيه زملاء العمل للفرد غير المنضبط. وعلى الجميع في الدائرة والمصنع أن يشعروا بالمسؤولية فيُنَبّهوا الشخص إذا تأخر أو غاب عن العمل بسبب التقاعس وقلة الانضباط ليلتفت إلى خطئه ويصلح نفسه.

تعليق