مقطع فلم | كي تكون شبيه الله...
- انتاج: موسسة البیان المعنوي
المدة: 07:15 دقیقة
07:15 دقیقة | تنزیل بجودة ( رديئة(10MB) | عالیة(164MB) )
- مشاهدة في: یوتیوب
النص:
الله لا ينبغي معرفته فحسب، بل لا بد من الارتواء به، لا بد من تذوُّقه، لا بد من الشعور به، لا بد من تناوله، لا بد من الالتذاذ به.. الشعور الذي يخامر فتاة وشابّاً على أعتاب علاقة غرامية، أي رعشة رائعة يُحْدِثها مثل هذا الشعور في كيان الإنسان! لقد وهب الله تعالى هذا الشعور للإنسان للتجربة لكي يتسنى له قليلاً أن يتخيّل ما هو شعوره عند لقاء الله ساعة العبادة! لكن إحساس التقارب بين الرجل والمرأة، أو الشاب والفتاة، أو الجنسين المختلفين عموماً، في حال كونه عاطفياً وطاهراً وغرامياً يحصل لمرة واحدة، أقصاه مرتان، ثم يتحول، بعد ذلك، إلى الابتذال.. أو الروتين.. أو حتى العداوة. أما ذاك الشعور فهو يتجدد على الدوام.. شعور العبودية هو الشعور الأجمل والأكثر إثارة الذي يمكن أن يعيشه المرء، رجلٌ أو امرأة. إنك إن امتثلتَ الأوامر لمدة فسيستيقظ حِسّ العبودية هذا فيك. عوضاً عن تعابير مثل: "أُحبُّك"، أو: "أنت حُبّي" سيعمل الدهر على إفراز تعابير أسمى في وجودك، وهذا هو قمة الازدهار. مثل عبارة: "إنني أعبدك... أعبدك!" إنه فوق المحبة.. الطفل، وهو المحتاج لحُضن أمه.. الطفل، وهو المستأنس بأمه.. الذي ما إن تفصله عن أمه حتى يبكي مرتعباً، ليس في مقدوره أبداً أن يقول: "أحبّكِ أُمّي!" مشاعرُه تتجاوز المحبة.. لا مجال لقوله: "أُحبّكِ!" يقول: "إياكِ أُمّاه أنا... !" وكفى!َ هكذا هي الأدعية كلها. الطفل إن أراد مخاطبة والديه بمحبة فليس في قاموسه غير كلمة واحدة تقال! وهي: "أمي، لا تغضبي منّي!" وأدعيتنا تطفح بهذه المعاني: "إلهي، لا تسخط علَيّ"... "إلهي، لا تعذّبني"... ما لم تقل له: "سمعاً وطاعة" وما لم تمتثل أمرَه، لن تبلغ حسّ العبودية! ـ وهل ثمة حس أسمى من العبودية؟ ـ أجل.. حسُّ كونِك مملوكاً... كونك عبداً... كونك رقيقاً! ـ إلهي، أريد أن أكون رقيقك.. فالعبد هو الرقيق.. هو المملوك.. رسول الله(ص) عبد.. له مالك.. هو مِلكُه.. لا يحق له أن يقول: "غداً" دون أن يقول: "إن شاء الله"، أي: إن شاء مالِكي وصاحبي. العبد يعني أنك ملكُه.. و"هو" الذي يقرر متى تنتهي حياتك، وليس لامرئ قطّ أن يسأله عن هذا! العبد يعني "المملوك".. "هو" الذي يعلم ما أعطاك وما لم يُعطك. هل معنى العبد هو: "أنا راضٍ عن الله؟" أنا لا يحق لي أن أرضى عن الله أو لا أرضى عنه! ومَن أكون كي أرضى أو لا أرضى؟!.. فأنا ملكُه..! إن في الإنسان شعوراً كشعور الطفل إذ يود أن يكون ملكاً لأبويه، شعور يجعل صاحبَه متعلّقاً "بمولى". الوجه الآخر لعملة "العبد" هو "القوة العظمى"، يقول تعالى: «أَطِعْنِي حَتَّى أَجْعَلَكَ مَثَلِي». كي تكون شبيه الله.. كي تكون شبيه الله... كي تكون شبيه الله!.. «تَقُولُ كُنْ فَيَكُون».. برضاك يُجعَل الكون عالِيَه سافِلَه.. وبتقطيبك وغضبك يُباد الوجود... إنك ستكونُ مثلي..! «فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِر». إنك ستجلس عندي.. على الكرسي الذي أجلس عليه..! هذا معنى العبد! مَن الذي يكره أن يكون عبداً؟ إنه الذي لا يريد أن يكون مثل الله "قوة عظمى".. إنه القانع بالقوى الضئيلة واللذات الخسيسة والحيوانية.. الذي لا يرغب في السيطرة على الكائنات والتسلط على العالم فلا حاجة له في أن يكون عبداً.. تكفيه حيوانيّته التي هو عليها. حس العبودية يعني أنني لا أستطيع أن لا أعلم ما يجري في الكائنات!.. لا أستطيع أن لا أكون مدير العالم.. «فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِر». أريد الجلوس بجوارك ربي في غرفة إدارة عالم الوجود خاصتك! لأكون معاون المدير. فالطاعة تبعث على تفتُّح الإنسان حتى إذا بلغَت به ذروة التفتُّح.. ماذا ستصنع؟ سيتولّد فيه حس العبودية وهذا الحس إن تولّدَ في امرئٍ فإنه سيموت من دون مولاه! سيكون أنسه بمولاه! الله لا ينبغي معرفته فحسب.. لا بد من الشعور به.. ما لم تقل له: "سمعاً وطاعة" وما لم تمتثل أمرَه، لن تبلغ حسّ العبودية.