الطريق الوحيد معالم الأسرة الصالحة رحلة الأربعين تعرف علینا بقلم استاذ البريد الكتروني فیسبوک تويتر انستقرام تلغرام

جديدنا

۹۴/۰۴/۱۰ چاپ
 

كيف نستطيع أن نتقرّب أكثر في شهر رمضان؟

  • المكان: طهران ـ هيئة شهدای گمنام (الشهداء المجهولين)

  • الزمان: 2015/06/11  

  • A4|A5 :pdf

تطرّق سماحة الأستاذ بناهيان في آخر جلسة من جلساته الأسبوعية في هيئة الشهداء المجهولين قبل شهر رمضان إلى موضوع «الاستعداد لشهر رمضان». فإليكم أهمّ المقاطع من كلمته:

إن لم نغتنم فرصة شهر رمضان، قد نحسب مستكبرين

  • بین جمیع أشهر السنة، يتيح لنا شهر رمضان أكثر فرصة للتقرّب إلى الله سبحانه. فإن لم ننتهز هذه الفرصة، عند ذلك يحقّ للّه عز وجل أن يحرمنا من التقرّب إليه في الأوقات الأخرى أيضا. إن لم نغتنم فرصة شهر رمضان المبارك فلعلّنا نحسب مستكبرين، إذ قال الله سبحانه: (إِنَّ الَّذینَ یَسْتَکْبِرُونَ عَنْ عِبادَتي‏ سَیَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرین) [الغافر/60].
  • ما دامت أبواب الرحمة الإلهية لم تفتح جميعا على مصراعيها، ولم تعمّنا الرحمة والمغفرة الإلهية، فإن لم نبادر بالدعاء ولم نتضرّع إلى الله قد لا نحسب مستكبرين وإن كنّا مذمومين بلا ريب. ولكن بعد ما فتح الله أبواب رحمته وقال: (أُدْعُونِي أسْتَجِبْ لَکم) [المصدر نفسه] فإن ضيّعنا هذه الفرصة، نستحق أن نكتب في عداد المستكبرين. ولذلك فإن شهر رمضان في نفس الوقت الذي هو محبوب ومحفوف بالرحمة والمغفرة، مع ذلك مصحوب بالهيبة والعظمة.

كل مآسينا بسبب ابتعادنا عن الله

  • لابدّ من الاستعداد لشهر رمضان ولذلك فإن شهر شعبان شهر مهمّ لهذا الغرض. فلنسأل الله في هذه الأيّام المتبقّية من شهر شعبان أن يجبر أيّامنا الماضية ويقدّر لنا مستقبلا حسناً. نحن إن تقرّبنا إلى الله تستقم جميع أحوالنا وشؤوننا الروحيّة، إذ كل مآسينا هي بسبب ابتعادنا عن الله.
  • لقد كان المجاهدون في أيّام الدفاع المقدّس قد آمنوا بهذه الحقيقة بشكل باهر وغريب. فكلما كانت تتأزّم الأوضاع في الجبهة، كانوا يلجأون إلى الله ويتعبّدون ويذكرون، فتنحلّ المشاكل والعقد. كانوا مصدّقين بهذه الحقيقة. حتى لم يكونوا ينتظرون أحدا ليستصحبوه، بل كانوا يذهبون ويلجأون إلى الله فرادى فيناجي كل واحد منهم ربّه بمعزل عن صاحبه، ثمّ يرجعون إلى إخوتهم وقد فكّوا العقد وحلّوا المشاكل.

لقد كان مجهادونا قد أيقنوا بأنه ما لم يتصلوا بالله لن تمشي أمورهم

  • ممّا لا شك فيه لا يمكن أن نسند كلّ نجاح مجاهدينا إلى ذكائهم العسكري. بالتأكيد إنهم كانوا أذكياء جدّا ولكن لم يكن الذكاء هو العامل الوحيد. كان هؤلاء المجاهدون يخططون خططا يرغمون بها جميع غرف التنظير التي كانت تدعم صدّام يومذاك.
  • كان مجاهدونا يستخرجون ذكاءهم العسكري عبر اتصالهم بالله. أوتدرون ما الذي كانوا قد أيقنوا به؟ كانوا قد أيقنوا بأنه ما لم يتصلوا بالله لن تمشي أمورهم، ولن تنقدح أفكارهم، ولن تجري الأوضاع لصالحهم. كانوا يدركون مدى البون الشاسع بين حياة الإنسان المقرّب وبين حياة غيره. لم يكونوا عشّاقا وحسب، بل كانوا يخافون الابتعاد عن الله. الأمر الذي قلّ ما نجده في أوساطنا هو «خوف الابتعاد عن الله».

من ذاق حلاوة التقرّب إلى الله يخاف الابتعاد عنه

  • غالبا ما نحن لا نخاف الابتعاد عن الله، ولكنّ المجاهدين والشهداء كانوا يخافون الابتعاد عن الله، وذلك لما كانوا قد ذاقوا حلاوة القرب من الله، لا لأنهم كانوا يخافون عذاب الله فقط. يقول أمير المؤمنين(ع): «وَ هُمْ فِي ذَلِكَ خَائِفُونَ أَنْ لَا یُقْبَلَ مِنْهُمْ وَلَیْسَ وَاللَّهِ خَوْفُهُمْ‏ خَوْفَ شَکٍّ فِیمَا هُمْ فِیهِ مِنْ إِصَابَةِ الدِّینِ وَ لَکِنَّهُمْ خَافُوا أَنْ یَکُونُوا مُقَصِّرِینَ فِي مَحَبَّتِنَا وَ طَاعَتِنَا» [الكافي/8/128] إن هؤلاء قد ذاقوا لذّة القرب. إن حياة الإنسان المقرّب تختلف عن حياة غيره بكثير. ويعلم هؤلاء أن لابدّ من المداومة على الذكر لكي يبقوا في مقام قربهم بل يتقرّبوا إلى الله أكثر. فمن يعش بهذا الأسلوب يحظ بحياة طيبة من نمط آخر وسوف يعيش عيشة الملائكة، يعني سيكون أحد جنود الله كالملائكة.
  • يحصل الإنسان المقرّب على عين وأذن من نمط آخر. وكأنه يرتقي إلى مستوى أعلى من نظام العالم. لقد كان الإمام الخميني(ره) نموذجا من هؤلاء الرجال. فقد سأله آية الله السيد بهاء الديني(ره) في أوائل أيام انتصار الثورة: هل تعلم ما هي المخاطر القادمة؟ فأجابه الإمام(ره): «لیس الأمر بيدي»! أتعلمون معنى هذا الجواب؟ يعني أن السيد الإمام(ره) كان قد تجرّد عن نفسه، وتخلّص من قيود أنانيّته. كما أنّه عندما كان يزداد المجاهدون تقرّبا، كانت تعتريهم نفس هذه الحالة، بحيث كانوا يتجرّدون عن قيود أنفسهم وأنانيّتهم. إن هذه الحالة تؤدّي بهم إلى شيء من السكر والنشوة. وهذا هو السكر الذي يبحث عنه العرفاء في أشعارهم.

من تقرّب إلى الله يتجرّد عن نفسه وأنانيّته

  • لا يخلو التجرّد عن النفس عن حلاوة خاصّة. أولئك الذين يتقرّبون إلى الله يتجرّدون عن نفسهم وأنانيّتهم. هذه «الأنا» ثقيلة جدّا، ولذلك فهي تثقّل الروح لتبقى على مستوى الأرض بلا أيّ تحليق. هكذا عبّر القرآن عن أولئك الذين تكاسلوا عن أمر الجهاد فقال: (اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْض) [توبه/38]. وفي المقابل كنّا نرى في جبهات الدفاع المقدّس كيف كان المجاهدون والشهداء يخفّون وكأنهم يحلّقون في السماء.
  • إن تجرّد الإنسان عن نفسه، سوف لا يجرّه إلى الأرض ثقل أنانيّته، بل يحظى بعد ذلك بخفّة وقوّة وبصيرة خاصّة! كالذي تغلّب على قوّة جاذبية الأرض وبدأ يصعد نحو السماء بلا رفرفة. فهو يطير بإرادة خاصّة، وإن قطع إرادته لحظة واحدة يسقط.

الذهول عن النفس يمنح الإنسان قوّة باهرة

  • لابدّ أن تذهل عن نفسك. يذهل الإنسان عن نفسه بالبلاء أحيانا وبالمعرفة أحيانا أخرى. ولكن حالة الذهول عن النفس من الروعة بمكان بحيث يزداد الإنسان قوّة في هذه الحالة ويقوى! فعلى سبيل المثال يشتدّ ذهنه.
  • بعد ما يظهر الإمام الحجة أرواحنا له الفداء سوف يمنح كلّ رجل مؤمن قوّة أربعين رجلا؛ «لَمْ یَبْقَ مُؤْمِنٌ إِلَّا صَارَ قَلْبُهُ أَشَدَّ مِنْ زُبَرِ الْحَدِیدِ وَ أُعْطِیَ قُوَّةَ أَرْبَعِینَ رَجُلًا» [الغيبة للنعماني/ ص310] ولا شك في أنه لا تمنح هذه القوّة إلا لأهل الولاء، فلا تعطى لغيرهم. أمّا من أين تنشأ هذه القوّة؟ تنشأ من أوج ذهول هؤلاء عن أنفسهم ومن أوج تقرّبهم. لقد كان المجاهدون في الجبهة يدركون هذه الحقيقة، حتى أنها كانت تسليتهم وكان بها انشغالهم. فقد كانوا منشغلين بالتقرّب إلى الله ومراقبين أنفسهم خشية الابتعاد عنه! وفي سبيل نيل تلك النشوة التي كانوا قد جرّبوها بعض الأحيان كانوا يذكرون الله ويقومون لصلاة الليل. ثم كانوا يودّون أن يستعملوا قوّتهم؛ أي يرسموا ويضعوا الخطط! إذ كانوا يعرفون أنهم إذا عملوا بتلك القوّة سيختلف نتاج عملهم تماما. وتأتي هذه القوّة من شدّة الاتصال والقرب بالله المتعال.
  • لقد كان المجاهدون قد ذاقوا القرب وعاشوا أجواءه، فكانوا يعملون في ذاك المناخ. ولكن عندما يرجعون إلى مدنهم، كانوا يبحثون عن أجواء القرب الإلهي في أزقّة المدن فلم يجدوا ضالّتهم، لذلك سرعان ما كانوا يفرّون من المدينة ويرجعون إلى الجبهة. طبعا لم يكونوا قادرين على بيان سبب فعلهم. فكانوا يقولون: «لقد ضاق صدري وشعرت بالثقل». إذ لا يمكن التعبير عن هذا الشعور بالكلمات والعبارات.

إن شهر رمضان لفرصة للتقرّب إلى الله

  • لابد من تذوّق طعم القرب الإلهي وإن شهر رمضان لفرصة لنيل هذا القرب. إن حياة المقرّبين حياة من نمط آخر. فبعد ما تقرّب الإنسان إلى الله سيعيش حياة أخرى. القرب الإلهي يذهب بالإنسان إلى أجواء خاصّة ويمتّعه بشعور خاصّ جدّا. وعلى أيّ حال يختلف الإنسان المقرّب عن غيره! فعندما تقتربون إلى قبور أئمّة الهدى(ع) تختلف مشاعركم، فكيف بكم إذا تقرّبتم إلى الله عز وجل؟!
  • إن شهر رمضان لفرصة لأن نتقرّب إلى الله أكثر من أي زمان آخر. لابدّ من تذوّق طعم القرب وتحسّسه. فعلى سبيل المثال إن قُبلت توبتك تتقرّب إلى الله. وإن كانت نيتك في أعمالك أن تفعلها لوجه الله، تزداد قربا إليه. وكذلك إن راقبت نفسك لئلا تسخط ربّك، تتقرّب إليه. وإن حزنت على ابتعادك عن الله في لحظات غفلتك، تتقرب إليه. فبإمكانك في أوقات كثيرة أن تشعر بالقرب إلى الله.

لابدّ أن نجرّب حالة القرب ونجد آثارها في روحنا وجسمنا وأفعالنا

  • يجب أن نجرّب حالة القرب ونجد آثارها في روحنا وجسمنا وأفعالنا! لابدّ أن نشعر بتحوّل صلاتنا! لابدّ أن نكثر الضجيج إلى الله ونطيل الصراخ والعويل بين يديه حتى نجرّب حالة القرب. فليس لنا طريق آخر ولا أي فرصة أخرى.
  • فلا يجوز التسويف في هذا الأمر. لا تقولوا: «سوف نتقرّب إلى الله في المستقبل»، فإنك إن لم تتقرّب إليه الآن مع أنك أحسن حالا من مستقبلك، فكيف بك في المستقبل وقد ازددت بعدا عن الله؟! فليس هذا الأمر ممّا يجوز تسويفه. فلا يجوز لي أن أسوّف التوبة وأعلقّها إلى إشعار آخر! فلأتب الآن. فإذا كنت أترقب المستقبل لكي تتغيّر ذائقتي وأترك الذنوب وحبّ الدنيا، فلأتركها اليوم ولتتغيّر ذائقتي الآن.

في أجواء القرب يجب أن تستحضر نية التقرّب في جميع أعمالك ليل نهار

  • إن شهر رمضان لفرصة للتقرب، ولابدّ من تجربة هذه الأجواء التي تجعل من حياتك حياة أخرى. في هذه الحياة الطيبة الجديدة، نحن مأمورون بأن نستحضر نية التقرّب في جميع أعمالنا ليل نهار. كما قال رسول الله(ص) لأبي ذر: «یَا أَبَا ذَرٍّ لِیَکُنْ لَكَ فِي کُلِّ شَیْ‏ءٍ نِیَّةٌ حَتَّى فِي النَّوْمِ وَ الْأَکْلِ» [وسائل الشيعة/ج1/ص48]  و «یَا أَبَا ذَرٍّ، هُمَّ بِالْحَسَنَةِ وَ إِنْ لَمْ تَعْمَلْهَا لِکَیْلَا تُکْتَبَ مِنَ الْغَافِلِین‏» [أمالي الطوسي/ص536] وکذلك قال الإمام الصادق(ع): «فَلَا بُدَّ لِلْعَبْدِ مِنْ خَالِصِ‏ النِّیَّةِ فِي کُلِّ حَرَکَةٍ وَ سُکُونٍ إِذَا لَمْ یَکُنْ بِهَذَا الْمَعْنَى یَکُونُ غَافِلًا وَ الْغَافِلُونَ قَدْ ذَمَّهُمُ‏ اللَّهُ تَعَالَى فَقَالَ‏ إِنْ هُمْ إِلَّا کَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِیلًا وَ قَالَ‏ أُولئِکَ هُمُ الْغافِلُون» [مصباح الشريعة/ص53]
  • نفس نيّة القربة التي يجب أن ننويها عند الصلوات، يجب أن نستحضرها عند جميع أعمالنا وأفعالنا. فكأن الله قد دخل معنا في معاملة تجارية وكأنه قال: «اجعل کلّ أفعالك لي، لكي أشتريها منك كلّها وأجعلك من المقرّبين». فإذا رفض أحد دعوة ربّه ولوّى عنقه، ماذا يجب أن نسمّيه؟

يبدو أن الله بصدد إذاقتنا طعم القرب شئنا أم أبينا!

  • فعلى سبيل المثال إذا تعبنا وأراد أحدنا أن ينام، يقول الله له: «استرح ونَم لأجلي». ولكننا لا نمتثل أمره. نحن ننام بدون نيّة التقرّب أحد عشر شهرا، ثم يأتي الله في شهر رمضان وكأنه يقرّر أن يذيقنا طعم القرب جبرا. فعلى سبيل المثال يحسب نوم الصائم في شهر رمضان عبادة، يعني يجعل العبد يتقرّب إليه حتى في النوم. ولذلك عندما تنام وتستيقظ، تشعر بحال معنوي جيّد، بينما في باقي الشهور لا تشعر بهذا الحال بعد النوم عادة، إذ تشعر بأنك قد ابتعدت عن الله. ولكن في شهر رمضان ليس نوم الصائم عبادة وحسب بل حتى أنفاسه تسبيح؛ «أَنْفَاسُکُمْ فِیهِ تَسْبِیحٌ وَ نَوْمُکُمْ فِیهِ عِبَادَة» [أمالي الصدوق/93]
  • حتى الرائحة الكريهة التي تخرج من فم الصائم بسبب صومه، يعتبرها الله أفضل من ريح المسك؛ «وَ الَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِیَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ عِنْدَ اللَّهِ أَطْیَبُ مِنْ رِیحِ الْمِسْك» [من لا يحضره الفقيه/2/75] فبإمكانك أن تعرف أنّ حتى خلوف فمك قد قرّبك إلى الله. والمورد الآخر هو أنه إذا قرأت آية واحدة من القرآن فكأنما قد ختمت القرآن جميعا. فليت شعري كيف يمنحنا الله تجربة التقّرب إليه أفضل من هذا الأسلوب حيث قد فرض علينا أجواء القرب جبرا؟!

إن بعض الناس يتقرّبون إلى الله بتعظيمهم شهر رمضان

  • لابدّ أن نتقرّب إلى الله في شهر رمضان. إن بعض الناس يتقرّبون إلى الله بتعظيمهم شهر رمضان. فهم يتقرّبون بهذا الاحترام والتعظيم فمثلا يستقبلون صيام شهر رمضان بعدّة أيّام، أو يحزنون بسبب عدم استعدادهم الجيّد لهذا الشهر. كلّ هذه الأفعال هي من مصاديق تعظيم شهر رمضان.
  • يبدو أن الله سبحانه بصدد إذاقتنا تجربة التقرّب إليه قهرا! فعلى سبيل المثال في الأسحار يجعلك تستيقظ من نومك أسهل، بحيث لا تقدر على الاستيقاظ بهذه السهولة في باقي الشهور. أو مثلا تقوم وتأكل وتشرب لتتقوّى على صيام النهار، وإذا بالله يثيبك على أكل السحور أيضا، إذ قد جعل أكل السحور مستحبّا. في حين أنه حتى لو لم يكن مستحبّا لقمنا وتسحّرنا قبل الأذان.

إن شعرنا بالقرب، سيصبح كلّ شهر رمضان عيدا

  • انظر كيف أن اللّه سبحانه عزم على أن يقرّبك إليه ويحتضنك. فحسبك أن تراعي آداب شهر رمضان شيئا ما. فعلى سبيل المثال أحد آداب هذا الشهر هو أنه إذا جادلك أحد وأردت أن تردّه، وقد استحضرت جوابا دامغا جدّا لتردّه به وتقعده في مكانه، فلا تفعل ذلك وقل مع نفسك: «إني صائم فلا أجيبك».
  • إنّ شهر رمضان لفرصة رائعة للتقرب. فيا ليت كنّا قد ذقنا حلاوة التقرّب. فلو كنّا قد ذقنا حلاوته لخشينا أن تفوتنا هذه الفرصة، واستحوذت الخشية على وجودنا كلّه. ليتنا كنّا قد ذقنا حلاوة حياة المقرّبين ليكون شهر رمضان كلّه عيدا ونبتهج في أيامه ولياليه ونغتبط من صميم قلوبنا في أجوائه لأن لا نضطر إلى مشاهدة برامج الفكاهة وتناقل النكات المضحكة في ليالي شهر رمضان! بينما الآن فيدعوننا إلى مشاهدة البرامج الفكاهية في ليالي شهر رمضان! هذه البرامج هي خاصّة بمن ضاق صدره، لا المؤمن المغتبط بشهر رمضان. فيا ترى هل أصبنا بكآبة أو سئمنا من الحزن والمصاب حتى نحتاج إلى نكات وبرامج فكاهية! وهل نكتئب إذا تقرّبنا إلى الله لنحتاج أن نعوّض عنها بهذه البرامج؟!

لماذا يزداد بكاء الإنسان في شهر رمضان؟

  • لماذا يزداد بكاء الإنسان في شهر رمضان؟ لأنه مسرور جدّا. الإنسان الكئيب لا يبكي بل يبحث عن فرص الضحك واللعب، بينما الإنسان المسرور فيودّ أن يبكي. كالآباء والأمّهات بعدما زوّجوا أولادهم، فترى أعينهم تفيض من الدمع فرحا إذ قد أينعت ثمارهم.
  • كلّ من يدخل في مجالس ذكر الله أو مجالس ذكر أهل البيت(ع) يجب أن يعرف أن هؤلاء المؤمنين الحاضرين في المجلس هم في حالة سرور وبهجة شديدة. وهذا ما يدركه الناس في مجالس عزاء الحسين(ع)، إذ يدركون أنك أكثر من أن تحزن على الحسين(ع) تفتخر به وتعتزّ به! تفتخر وتقول: «حسين أميري ونعم الأمير»! فعينك تحكي عن مدى لذّتك وأنسك بذكر الحسين(ع) وهذا ما يدركه أكثر الناس. فعندما تبكي أو تصرخ أو تلطم على الحسين(ع) يدرك الناس أن وراء هذا الحزن الجميل الذي لا يؤدي إلى كآبة وعقد نفسية، سرور ممتدّ في أعماق قلبك. كالعقيلة زينب(س) التي قالت: «مَا رَأَیْتُ إِلَّا جَمِیلا» [اللهوف/160]
  • إن شهر رمضان لهو أفضل فرصة للتقرّب إلى الله سبحانه. وإنّ الحياة في مناخ القرب حياة مختلفة تماما! أودّ أن أسألكم أيها الصائمون: أليس الإفطار فيه طعم خاص يختلف عن باقي وجبات الطعام؟! فهذا ما أشار إليه النبي(ص) حيث قال: «لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ حِینَ یُفْطِرُ وَ حِینَ یَلْقَى رَبَّهُ عَزَّ وَ جَل» [من لا يحضره الفقيه/2/75] كما أن حالة الحزن التي تعتريكم عند انتهاء شهر رمضان وفي عيد الفطر بسبب انتهاء هذا  الشهر العظيم، يحكي عن هذا الشعور الجميل وهذه الفرحة التي يشعر بها الصائم في أيام شهر رمضان وعند الإفطار. فعزّزوا هذا الشعور في قلوبكم.

كيف نستطيع أن نزداد تقرّبا في شهر رمضان؟

  • كيف نستطيع أن نتقرّب في شهر رمضان أكثر من الحدّ الأدنى الذي يتقرّب فيه كلّ مؤمن أو مسلم؟ إذا أحيينا شهرَ رمضانٍ ولائيِّ سياسيِّ ثوريِّ حماسيّ. وإذا كان شهر رمضاننا مصحوبا بانتظار الفرج والنشاط الثوريّ، عند ذلك نتقرّب أكثر.
  • لماذا كان المجاهدون في جبهات الدفاع المقدّس يصلّون صلاة الليل؟ ولماذا كانوا يذوقون حلاوة صلاة الليل؟ لأنهم كانوا يجاهدون في سبيل الله. فإنكم إذا كرّرتم نفس الأذكار التي كان يردّدها المجاهدون لن تصلوا إلى ما وصلوا إليه، إلّا أن تصلّوا وتذكروا الله مثل المجاهدين. لقد كان المجاهدون يذكرون الله ويتوسّلون به لينجحوا عمليّاتهم. وكانت عمليّاتهم في الواقع عملا في سبيل الإسلام والمجتمع الإسلامي. فبإمكان الإنسان أن يحصل على هذا النور في ساحة النشاط الثوريّ والعمل السياسي والاجتماعي، وحريّ به أن يصلّي صلاة الليل ليوفّقه الله للنجاح في تلك الساحات. يقوم الليل ويصلّي لينجز مهمّته السياسيّة والاجتماعية بنجاح، فيتزوّد نورا بهذه الصلاة التي أقامها في جوف الليل.
  • يقول الله سبحانه: (وَ الَّذینَ جاهَدُوا فینا لَنَهْدِیَنَّهُمْ سُبُلَنا) [عنكبوت/69] وهداية الله ليست سوى الحياة في أجواء القرب، فترى يدك صارت يد الله وعينك عين الله وأذنك أذن الله، طبعا في مرتبتك وبحسب شأنك.

لا تستطيع أن تتحسّس حياة المقرّبين إلا إذا كنت سياسيّا وثوريّا جدّا

  • متى تستطيع أن تتحسس حياة المقرّبين؟ تستطيع أن تشعر بذلك إن كنت سياسيّا جدّا وكان معظم اهتمامك ودعائك للمجاهدين ولخطّ المقاومة، وإن كنت تهتم وتفكر بالمجاهدين وتدعو للفرج، بأسلوبه الصحيح، لا أن تدعو أن يأتي الإمام ويصلح بنفسه كلّ الأمور بلا حاجة إلى نصرنا وجهادنا!
  • لقد روي عن الإمام الصادق(ع): «لِیُعِدَّنَّ أَحَدُکُمْ لِخُرُوجِ الْقَائِمِ وَ لَوْ سَهْماً فَإِنَّ اللَّهَ إِذَا عَلِمَ ذَلِكَ مِنْ نِیَّتِهِ رَجَوْتُ لِأَنْ یُنْسِئَ فِي عُمُرِهِ حَتَّى یُدْرِکَهُ وَ یَکُونَ مِنْ أَعْوَانِهِ وَ أَنْصَارِهِ» [الغيبة للنعماني/320] طبعا لا داعي لادّخار السلاح في بيوتكم، ولكن على الأقل ليحتفظ كل واحد منكم ببدلة عسكرية في بيته. فإن سألوك عن سبب ذلك؟ قل: «قد احتفظت بها لأرتديها في جيش الإمام صاحب الزمان(عج) بعد ظهوره، إذ لا يمكن القتال بالقاط الرسمي». فقد يستغربون أن هل قد حملت القضية على محمل الجدّ بهذا القدر؟! فقل لهم: نعم، إن حديث الإمام الصادق(ع) قد وصّانا بهذا التعامل الجادّ مع قضية الظهور. انظروا إلى كوفيّة سماحة السيد القائد! فلنكن مجاهدين دائما ومستعدّين للجهاد دائما.

­­

  • يقول المفضّل بن عمر أحد أصحاب الإمام الصادق(ع): «سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع وَ قَدْ ذَکَرَ الْقَائِمَ ع فَقُلْتُ إِنِّی لَأَرْجُو أَنْ یَکُونَ أَمْرُهُ فِي سُهُولَةٍ فَقَالَ لَا یَکُونُ ذَلِكَ حَتَّى تَمْسَحُوا الْعَلَقَ وَ الْعَرَق» [الغيبة للنعماني/ 248]
  • أيّها الإخوة الأعزاء! فليكن نشاطنا ثوريّا سياسيّا اجتماعيّا ودينيّا. ما هذه المعنوية العلمانية التي اعتدنا عليها؟ لا معنى في أن يصلّي شابّ صلاة الليل ليكون قد أداها وحسب! يجب أن يرى ماذا حصل عليه من كفاءة أو توفيق بعد قيام الليل، وما هي القضايا التي يستطيع أن يعالجها، وماذا يجب أن يفعله في النهار، وعلى أي عمل قد عزم، وما هي نيته وما هو قصده وهمّته.
  • يسأل بعض الشباب: «ماذا أفعل لأكون مقرّبا؟» فأقول له: كن ثوريّا! كن ثوريّا لتتقربّ إلى الله. فإن سأل: ماذا أفعل لأكون ثوريّا، أقل له: قدّم خدمة للنظام الإسلاميّ هذا، وافعل شيئا واخطُ خطوة! طبعا عندما تنصح بعض الناس بهذه النصيحة يذهب ويمارس بعض الخدمات الاجتماعية التي لو كان في أمريكا أو اليابان لفعلها نفسها! فلم أقصد هذا من تقديم الخدمة.

لیس شهر رمضان، شهر المعنوية العلمانية وشهر الابتعاد عن المجتمع والناس

  • انتفع بشهر رمضانك للتقرّب، ولكن اعلم أنه ليس شهر رمضان، شهر المعنوية العلمانيّة شهر الابتعاد عن المجتمع والناس. إن شهر رمضان هو شهر الرجوع إلى الناس. فانقذ الناس واعمل شيئا في هذا المسار؛ في مسار الولاية وفي سبيل تمرين الولاء تحت راية الإمام المنتظر(عج)! حاول أن تقدّم شيئا.
  • إن فرصة شهر رمضان للتقرّب لفرصة ذهبيّة، فإذا أردتم أن تتقرّبوا كثيرا في هذا الشهر العظيم فكونوا ثوريّين جهاديّين حماسيّين ولائيّين ومنتظرين. فأنقذوا أمتكم هذه من أغلال الأسر وقوموا بهذه الأفعال لتكونوا من المقرّبين.

إذا رأيتم عارفا غير ثوريّ، فهو ليس بعارف بل صاحب دكّان

  • أسأل الله أن تصبحوا في هذا الشهر المبارك من المقرّبين، فإن صرتم كذلك تعرفوا لماذا كلّ من كان من العرفاء كان ثوريّا أيضا. ولماذا كلّ من صار ثوريّا من الدرجة الأولى صار عارفا. فمن كان ثوريّا ولكن لم يكن أهل العرفان والعبادة والبكاء بين يدي الله، فهو قد اتخذ الأمور لعبا ولعلّه يسيء إلى العمل الثوري. وإن رأيتم عارفا غير ثوريّ، فهو بالأحرى صاحب دكّان ومسيء إلى العرفان.
  • إنّ شهر رمضان هو شهر استشهاد أمير المؤمنين(ع). إن مصائب أمير المؤمنين(ع) ليست من قبيل ملاحم كربلاء، بل هي مصائب من نمط آخر ولا يمكن البكاء والعويل عليها بسهولة. إنها مصائب لا يدركها كل الناس ولذلك كان أمير المؤمنين(ع) يضطر أحيانا إلى مناجاة البئر، إذ لم ير أحدا يفاتحه عن ما في قلبه.

صلى الله عليك يا مظلوم يا أميرالمؤمنین

تعليق