۹۸/۰۴/۱۰
ما هو الذنب؟.. كيف تكون التوبة؟(المحاضرة12)
الخطوة الثالثة على طريق امتلاك الشخصية المتدينة هي "أن تكون أهل سباق"/ ما لم تدخل في سباق فسوف لا تدرك ألوهية الله!/ لا تكبت حس التسابق الجميل عند الأطفال!
-
المكان: طهران، مسجد الإمام الصادق(ع)
-
الزمان: 17/أيار/2019 ـ 11/رمضان/1440
-
الموضوع: ماهو الذنب؟.. كيف تكون التوبة؟
-
A4|A5 :pdf
حال أيّهما أفضل: الذي يركض هرباً من التعاسة، أم الذي يركض طمعاً للفوز في سباق؟ لا شك أن المتسابق حاله أفضل. لكن الأمهات – مع الأسف – قد يتسبّبن في شقاء أطفالهنّ وينتزعن حس السباق منهم بأن تقول الأم لطفلها: "إن لم تواصل دراستك فستكون تعيساً!"
الذي يريد التديّن عليه أن يوفر في شخصيته بعض الممهّدات
- الذي يريد التدين عليه أن يوفر في شخصيته بعض الممهدات ويحلّ في ذهنه بعض المشكلات كي يتعامل مع الدين، ولاسيما مع موضوع "ترك المعصية"، بحساسية ويقيم معه علاقة جيدة.
- مَن لم يقتنع بأصل التدين فسوف لا يقتنع بقضية ترك المعصية. فقد يكون الكثيرون أهل دين، لا بل مؤمنون ومتدينون إلى حد ما، لكن لم يختمر التدين في عقولهم بعدُ كي يحتل موضوع المعصية مكانة بارزة في أذهانهم! بمعنى أن قضية ترك المعصية والتعامل مع الذنب بحساسية لم تحتل مكاناً مرموقاً في حياتهم. فالذي يكون حساساً تجاه الذنب لا بد أن تصير التوبة بالنسبة له في غاية العذوبة والحلاوة.
من أجل التديّن وترك المعصية لا بد للمرء أولاً أن يكون مخططاً لحياته
- الذي يرغب في أن يكون حساساً تجاه شيء اسمه "الذنب" أو – على نطاق أوسع – أن يتعامل مع الدين بحساسية ويقيم معه علاقة حسنة فإن عليه أولاً أن يكون مخططاً لحياته. لا بد لشخص كهذا أن يلقَّن منذ نعومة أظفاره أنه لم يولَد في هذه الدنيا إلا "ليعيش حياة مُمَنهجة"؛ فمن دون برنامج ليس بإمكان المرء أن يحقق مصالحه، ومن دون خطة لا يستطيع الرجل درء عدوّه، ومن دون منهاج لا يمكن التمتع بالحياة، ولا التسلية فيها، ولا الازدهار.. الخ.
- الإنسان المخطط لحياته يتقبل الدين بشكل أفضل، فهو إن أخطأ في موضع ما انزعج لكون خطته فسدَت؛ كالذي خطط للذهاب إلى مدينة رسول الله(ص) ووضع لكل شيء جدولاً زمنياً دقيقاً، وإذا بمشكلة تعترضه وسط الطريق، كأن تعطل سيارته مثلاً، فيضطرب الجدول الزمني لجميع الأمور التالية! لا شك أنه سينزعج كثيراً، لأنها كانت قطعة في لعبة "بازل" ضخمة وغيابها قد أربك اللعبة بأكملها.
- متى يشعر المرء بحساسية تجاه العمل الذي يقوم به؟ يشعر بذلك عندما يدرك أن عمله هذا يمثل جزءاً صغيراً من برنامج ضخم! فمثلاً عندما تخطط لتلاوة زيارة عاشوراء لأربعين يوماً فلا بد أن كل خطتك ستفسد إذا لم تتلُها ليوم واحد!
سبب صعوبة الدين عند غالبية مَن يرونه صعباً هو أنهم غير مَنهجِيّين
- سبب صعوبة الدين عند غالبية الذين يرونه صعباً هو أنهم غير منهجيين وأنهم لم يعتادوا على العيش وفق خطة وبرنامج. نعم، قد ينجز غير المنهجي جميع أعمال الشخص المنهجي، لكن على شكل ردود أفعال، ومن دون جدوى، وبالإكراه، وباستياء، وبشكل مبعثر، ومن دون نتيجة بالطبع! أما الشخص المنهجي فيقوم بالأعمال نفسها جميعاً لكن وفق برنامج معيّن فيحصل على نتائج جيدة للغاية.
- إذا بدأتَ بممارسة الدين وفق منهاج خاص فسترى كم سيكون الدين أنيقاً وراقياً في نظرك، وهذه بالضبط هي حقيقة الدين؛ أي إن الدين هو حقاً أنيق وراقٍ إلى هذا الحد، لا أننا نحن الذين نحاول زخرفته!
على كل من أراد التدين أن يكون إنساناً "نفعياً"
- الخطوة الثانية للاقتناع بالتدين - كما قد مَر - هي أن يكون كل من أراد التدين إنساناً نفعياً. فحينما يُنجز كل واحد منا عملاً بما تمليه عليه رغبتُه فإنه في الواقع يُشبع رغبتَه وينجز العمل بما يجر عليه هو نفعاً روحياً.
- بل إن النفعية غير منفصلة عن روح الإنسان. فلماذا تُحمّل الأم نفسَها كل هذا العناء من أجل طفلها؟ إنه على وقع حس الأمومة. الجميع يقول: "الأم لا تفعل هذا بدافع النفعية، بل تقوم به عن محبة!" حسنٌ، إن فعل الشيء عن محبة لا يتعارض مع النفعية! فالمنفعة لا تكون في المال فقط، بل إن إشباع الأم لشعور الأمومة في داخلها هي منفعة أيضاً.. فالنفع الروحي هو الآخر منفعة، والنفع النفسي هو كذلك منفعة.
- حب الذات لا ينفصم عن الإنسان في أي حال من الأحوال حتى في ذروة حالات العشق لربه تعالى. فقمة العشق، التي يدعوها العرفاء "الفناء في الله"، هي في الواقع ليست فناءً، بل هو بقاءٌ تام.. هو كسبٌ تام.. هو أخذٌ تام! فالذي يقال إنه "قد فنى في الله" هو – بالمناسبة – قد أخذ من الله أزيد من مما أخذ أيُّ إنسان آخر، وهو الآن أوفر حظاً من الجميع، وقد غدا أكبر من الكل أيضاً!
إذا علم المتدينون أن "التدين يعني النفعية" لم يصابوا بالغرور
- التدين هو النفعية! لا بد من قول هذا لغير المتدينين، بل وللمتدينين أيضاً! فلو علم المتدينون أن تدينهم هو عن منفعة فسيذهب عنهم الغرور، إذ سيعلمون أنهم كلما توغلوا في التدين أكثر كان ذلك في مصلحتهم أكثر وسيصبحون مدينين لله أكثر من ذي قبل. ولو عرف المتدينون أنه ما من عمل يأتون به إلا ويصب في مصلحتهم لكان التزامهم بالصلاة أشد.
- ولو كنا قد أوضحنا لغير المتدينين أن الدين في صالحهم لما شهدنا الآن كل هذه الضجة حول الحجاب! ولما دار الجدل حول ما إذا كان الرقص في المدارس مباحاً أو لا! فمعظم هذه النزاعات التافهة تأتي على خلفية خطابنا الديني الخاطئ! سببها أننا قلنا: "كُفّوا عن هذه الأعمال السيئة من أجل معتقداتكم!" في حين كان علينا أن نقول: "هذه الأعمال لا تصب في صالحكم، بل فيها خسارة لكم!"
الخطوة الثالثة لتكون لنا "شخصية متدينة" هي أن نكون "ذوي سباق"
- الخطوة الثالثة من أجل أن نتحلى بشخصية متدينة لا تطيق المعصية وأن نقتنع بالكف عن الذنب هي أن نكون من هواة السباق؛ أي أن لا نكون من القانعين بالحد الأدنى من المنافع، بل أن نطالب بالمنفعة، لا بل نطالب بأعلاها، وبأسرعها، وبجميعها، ونطالب بها أفضل من الباقين.
- يا ترى ما الذي يطلبه من الدين هذا الذي لا يطالب كثيراً بمنفعة نفسه؟! فليذهب ويشاهد المسلسلات التي تبث مضامين أخلاقية! فإن الذي يفتش عن بعض الأخلاقيات لا حاجة له بالدين!
الدين نهجُ أولئك الذين يطالبون "بالحد الأعلى من المنافع"/ الذي لا يطالب بالحد الأعلى من المنافع لا يتحلى بشخصية دينية
- الدين نهجُ أولئك الذين يطالبون بالحد الأعلى من المنافع. الدين لا ينفع الشخص الذي لا يطالب بأعلى حد من منافعه! فإن قلتَ لأحدهم: "لا تستمع إلى الموسيقى السيئة لأنها تعيقك عن بلوغ الحد الأعلى" وأجابك: "أنا لا أريد أن أبلغ الحد الأعلى!" فسوف لا يبقى لديك كلام تقوله له!
- بل إن الذي لا يطالب بالحد الأعلى من المنافع ولا يريد أعلى الدرجات لا يتحلى بشخصية دينية. بل إن شخصاً كهذا لا يذرف الدمع لمعصيته، لأنه لا يدرك حجم الخسارة التي سبّبَتها له.
- نعم، البعض يتسابق في أمور هابطة تافهة كي لا يقال عنه أمام الآخرين إنه فاشل! كأن يقيم حفلات ضيافة فارهة كي لا يُوصف بالفشل أمام قريبه الفلاني أو لكي يتفوّق عليه! فمرادُنا ليس هذه المسائل التافهة.
القرآن الكريم يدعونا إلى التسابق!
- يقول تعالى في محكم كتابه العزيز: «سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالأَرْض» (الحديد/21).
- وعن الإمام علي بن الحسين(ع) أنه قال: «مَعَاشِرَ شِيعَتِنَا، أَمَّا الْجَنَّةُ فَلَنْ تَفُوتَكُمْ، سَرِيعاً كَانَ أَوْ بَطِيئاً، وَلَكِنْ تَنَافَسُوا فِي الدَّرَجَات» (التفسير المنسوب إلى الإمام الحسن العسكري(ع)/ ص204).
- ثم يتابع(ع) بأنك لو أتيت بهذه الخيرات... (مثلاً أن تحسن إلى الفقراء وإخوانك في الدين...) أتدري ما سيحصل؟ إنك ستسبق صاحبك مائة ألف سنة! «وَاعْلَمُوا أَنَّ أَرْفَعَكُمْ دَرَجَاتٍ، وَأَحْسَنَكُمْ قُصُوراً وَدُوراً وَأَبْنِيَةً فِيهَا أَحْسَنُكُمْ إِيجَاباً لِإِخْوَانِهِ الْمُؤْمِنِينَ، وَأَكْثَرُكُمْ مُوَاسَاةً لِفُقَرَائِهِمْ. إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ لَيُقَرِّبُ الْوَاحِدَ مِنْكُمْ إِلَى الْجَنَّةِ بِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ يُكَلِّمُ بِهَا أَخَاهُ الْمُؤْمِنَ الْفَقِيرَبِأَكْثَرَ مِنْ مَسِيرَةِ مِائَةِ أَلْفِ سَنَةٍ تَقَدَّمَه» (نفس السابق).
- يا ترى هل لنا نحن الرغبة في أن نخلف الآخرين وراء ظهورنا ونتقدّم عليهم؟ يسأل سائل: "ما لي لا أذرف الدمع إذا ناجيت الله تعالى؟" نُجيبه: "لأنك لست أهل سباق! فالذي أعدّ نفسه للسباق تراه يبكي إذا خسره!
الدين ليست غايته انتشالنا من التعاسة فحسب
- الدين لم يأتِ لانتشالنا من مستنقعات التعاسة الآسنة فحسب، بل جاء لإنقاذنا من أوحال الحياة "بسيارة سباق" ولكي يبلغ بنا الذُرى! أي إن قضية السباق ماثلة منذ البداية، فالأمر لا يقتصر على الانتشال من المستنقعات الآسنة، بل هذه هي خاصية الدين أساساً، وهي أنه ينطوي على سباق.
- عن رسول الله(ص) أنه قال: «التَّقِيُّ سَابِقٌ إِلَى كُلِّ خَيْر» (أعلام الدين/ ص186)؛ أي إنه لا يتعامل مع أي خير تعامُل الحد الأدنى. وهذا هو معنى التقوى تحديداً! والله عز وجل يقول أيضاً: «إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِين» (المائدة/27)؛ أي لا يتقبّل إلا من المتقين، وفيه شكل من أشكال الشعور بالسباق. فالإنسان المتقي هو الذي تكون عاقبته على خير، وليس الإنسان المكتفي بالحد الأدنى من الدين!
- ويقول عز من قائل أيضاً: «فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَات» (البقرة/148)؛ أي تسابقوا من أجل الخيرات! ويقول تعالى في آية أخرى في حق المؤمنين: «وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَات» (آل عمران/114). وروي عن الإمام الحسين(ع) قوله: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، نَافِسُوا فِي الْمَكَارِمِ وَسَارِعُوا فِي الْمَغَانِمِ وَلا تَحْتَسِبُوا بِمَعْرُوفٍ لَمْ تَعْجَلُوا» (كشف الغمة/ ج2/ ص29)؛ أي لا تعوّلوا أبداً على فعلكم للخير إذا لم تفعلوه بمسارعة وتعجيل واشتياق!
- ويقول سبحانه وتعالى: «وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُون» (المؤمنون/60)؛ أي الذين يفعلون ما يفعلون وقلوبهم خائفة من أنهم سيرجعون إلى ربهم. "والوَجَل" لا يعني الخوف السلبي، بل الاضطراب والقلق الخاص الذي يحصل للإنسان في الحالات الإيجابية، ويكون عذباً ولا يحطم أعصاب صاحبه.
- ثم يقول في الآية التالية: «أُولئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُون» (المؤمنون/61)؛ أي يقيسون أنفسهم بغيرهم في فعل الخير كي يسبق بعضهم بعضاً.
ليكن لديكشعورُ سباق!/ لا تكبت حسّ التسابق الجميل عند الأطفال!
- يقول عز وجل في كتابه العزيز: «وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً» (هود/7)؛ أي لقد خلق كل هذه السماوات والأرض ليرى أيكم أفضل؟ فهو إذن سباق. ويقول في موضع آخر: «الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً» (المُلك/2)، فهو لا يختبركم لينظر أيكم صالح وأيكم طالح، بل هو – من البداية – سباق ليرىمَن منكم أفضل من غيره؟
- ليكن لديك شعورُ سباق. أما ترى الشعور الرائع الذي يمتلكه الأطفال؟ دائماً يلذ لهم التسابق مع بعضهم البعض. وهذا شعور جميل أُودع في كيان الإنسان لكننا مع الأسف نعمل عادة على كبت هذا الشعور فينا! فكم يتحمس الطفل للتسابق مع أقرانه لكننا ننبّهه باستمرار أن: "اجلس في مكانك! كفاك تهوّراً!" فينسَلّ خلسةً ويتناول لابتوباً أو جوالاً ليلعببالألعاب والسباقات غير الواقعية في الفضاء السيبري وما إليه! في حين أن علينا أن نقحمه في سباقات حياته الجادة.
- أتدري لماذا يكون البعض سريع البكاء جداً في المناجاة؟ ألأنه غارق في تعاساته؟ كلا، بل لأن الذي يبذل جهوداً مضنية ليفوز في سباق ثم يخبرونه "بأنك لم تفز فيه!" فإنه سيبكي! وليست دموعه هذه ناشئة عن تعاسة، بل هي صادرة عن شعور جميل.
لربما تسبّبَت الأمّهات في شقاء أطفالهن بانتزاع حس السباق منهم
- حال أيّهما أفضل: الذي يركض هروباً من التعاسة، أم الذي يركض طمعاً للفوز في سباق؟ من الواضح أن الذي يركض سعياً للفوز في سباق حاله أفضل. لكن الأمهات – مع الأسف – قد يتسبّبن في شقاء أطفالهن فينتزعن حسّ السباق منهم بقولهن لهم: "إن لم تواصل دراستك فستكون تعيساً!"
- ما طبيعة الحياة التي سيوفرها الإمام صاحب الزمان(عج) للناس إذا ظهر؟ إنه(عج) سيهيئ للناس الحد الأدنى من المعيشة، أما باقي الحياة فستكون سباقاً! فلأن الجميع مرتاح البال من أنه لن يشقى أحد في ذلك الزمن فسوف لا يقصد أحدٌ عملَه بدافع التعاسة. وحتى لو أفلس أحدُهم فإن معيشته مضمونة... إنه(عج) سيخلق هذه الظروف كي يكون الهدف من ممارسة الحياة والعبادة هو الارتقاء والتقدم.
- أساساً ما الحكمة من أن تعمد الدولة الدينية إلى ضمان الحد الأدنى من معيشة الناس؟ إنه من أجل أن يصل الناس إلى الله عز وجل، أو بعبارة أخرى: لكي "يصبحوا أهل سباق".
يقول الدين: "ليكن لديك باعثُ سباق" ويقول بعض الأخلاقيين: "لا ينبغي أن يكون لديك باعثُ سباق!"
- بعض المفكرين في حقل الأخلاق وبعض النفسانيين ممن يمارس تهدئة الأعصاب هو كارثة بمعنى الكلمة! لماذا؟ لأنه يقول: لا ينبغي أن يكون لديك باعثُ سباق؛ فاضطراب الفوز وألم الخسارة يؤذيانك! أمثال هؤلاء يسعون جهاراً ليجعلوا من الناس عبيداً وخرافاً! لا ريب أنك رأيت كيف أن الخراف لا تتسابق مع بعضها أبداً.. فهي في طمأنينة!
- يقول بعض المفكرين الأخلاقيين: "لا ينبغي أن يكون لديك باعثُ سباق!" أما الدين فيقول: "ليكن لديك باعثُ سباق!" قد تسأل: "وماذا عن الاضطراب الذي يولّده الفوز والخسارة؟" يجيبك الله: "لكن أنا موجود! لا تغلبُني حتى إغفاءة خفيفة.. أنا أساعدك.. أنا رب! بل أنا أفرح إذا رغب عبدي في الفوز...". فتقول له: "وماذا لو خسرتُ يا ربي؟!" فيجيبك: "أيُعقَل أن أدعَك تخسَر؟!" تقول: "افترض أنني خسرت!" فيقول: "أنا موجود، سأتدارك الأمر لك! لأي شيء تريد إقامة علاقةٍ معي إذن؟!"
كُن أهل سباق! ما لم تدخل في سباق فسوف لا تُدرك ألوهية الله!
- أساساً، ما لم تدخل في سباق فسوف لا تدرك ألوهية الله عز وجل! الله يمد لك يد العون منذ اللحظات الأولى من السباق ولا يجعلك تخسره، بل يهيئ لك بنفسه أسباب الفوز فيه. وإن كنت مولعاً بكسب السباق حقاً فسيفتش الله لك عن عمل جميل، يسهُل إنجازُه، فيضعه في طريقك ويقول لك: "أنجز هذا العمل"، أي إنه عز وجل يساعدك على كسب السباق بسهولة!
- كن أهل سباق! وإلا فكيف تريد أن تستوعب حقيقة المعصية؟! أتدري ما المعصية؟ المعصية هي أن ترتكب خطأ وتخسر هذه الجولة من السباق. ثم يأتي الله ويتدارك لك الأمر! وهاهنا تبدأ علاقتك بالله تعالى.
لو نظرت إلى التدين نظرة سباق لتغيّرَت أجواء حياتك وعبادتك!
- لو نظرت إلى التدين نظرة سباق لتغيّرَت في عينيك أجواء تدينك وحياتك ولباتت شيئاً آخر!
- يتشاجر بعض الأزواج في بيوتهم ويحاول كل منهما التغلب على صاحبه فلا يتنازل له. لكن لو تسابقا على أنه أيهما يكون أكثر صلاحاً فإنهما سيفكران بالطريقة التالية: "الآن وقد حصل شجار فلنرَ أي واحد منا يحوز على ثواب أكبر؟" فلو فكر المرء بهذه الطريقة لتنازل أمام الطرف الآخر قائلاً له: "حسنٌ، القول قولك!" وعندها يكون المتنازل هو الفائز في السباق.