مقطع فلم | دعه هو.. بنفسه!
- انتاج: موسسة البیان المعنوي
- المدة: 05:25 دقیقة
- 05:25 دقیقة | تنزیل بجودة ( رديئة(7MB) | متوسط(17MB) | عالیة(436MB) )
- مشاهدة في: یوتیوب
النص:
إنّما التقوى نهج للحياة، نهج لخلق الدافع عند الناس. دعه هو.. بنفسه.. دعه هو. التقوى مشروع لإدارة المجتمع. فتّشتُ في الكتب إلى حد ما فاكتشفت أنّ التقوى ـ مع الأسف ـ لم تُعرَّف بهذا الشكل، فلا استخلصوا منها معنى "النهج" ولا تناولوها على أنها "نهج". التقوى نهج لخلق دافع لدى الإنسان وهذا النهج يقود، في الحياة الفردية أو الاجتماعية، إلى آداب وتقاليد. عليكم أن تغيّروا أسلوب دفع الرواتب، عليكم أن تغيّروا طريقة منظومة الحضور والانصراف، عليكم أن تغيّروا أسلوب استلام تقرير العمل، كل هذا يتغيّر.
لكن كيف؟ إنه نهج، نهج لتربية الإنسان، لخلق الدافع لديه، نهج إذا أهملناه فإننا سنُخرج الناس من إنسانيتهم! فإذا تربّينا على قاعدة أنّ: العمل الذي اُنجزه لا أنجزه طمعاً في الحوافز الفورية، بل ولا اجتناباً للعقوبة الآنيّة..
ـ بهذا فقط أصبحتَ يا هذا آدمياً!
فلماذا أجّل الله الثواب والعقاب إلى يوم القيامة؟ لأن إنسانية الإنسان هي في أن يكون له دوافع طويلة الأمد. عليك أنت أيضاً أن تتعامل مع طفلك بهذا الأسلوب. هو مجرّد أسلوب، تعلَّمْ هذا الأسلوب، إنه غير خاص بالله، فسيرة أولياء الله كانت هكذا أيضاً
أمير المؤمنين(ع) لم يقدّم الحوافز كثيراً فتفرّق عسكره، أما معاوية فكان يقدّمها بسخاء. أمير المؤمنين(ع) لم يعاقب كثيراً فتفرّق جندُه. معاوية، أكان يعاقب؟ كان يقطع الأعناق! أي (يقول عليّ): إنّ نهج إدارتي التقوى، أَتفهَم؟! إنه نهج. لا أتعجّل في المحاسبة على الزلّة.
ـ لكن، سيّدي، إن لم تتعجّل في ذلك أفسدَ كل شيء!
ـ ليفسد كل شيء، نتقبّل المجازفة!!
أحد نماذج حُمق الخوارج كان هذا تحديداً، إذ قالوا لعلي(ع): لماذا تُمهل الأشعث؟ وكانوا محقيّن، فالأشعث كان شديد الخُبث، لكنهم جَهلوا إدارة أمير المؤمنين(ع) القائمة على التقوى. لقد أمهله كثيراً حتى يعرف الناسُ من هو الأشعث.
ـ لكن نتيجة إمهال أمير المؤمنين(ع) كانت قتْلَه، وقتلَ الإمام الحسن(ع)، وقتلَ الإمام الحسين(ع)!!
ـ لا بأس، فنحن لا نتنازل عن هذا النهج! إدراك الناس يجب أن يرتقي إلى هذا المستوى.. إدراك الناس يجب أن يرتقي إلى هذا المستوى.
نحن لم نفقه هذا النهج. فقط نثني على أمير المؤمنين علي(ع) روحي فداه هكذا دون معرفة: «مولانا كان مظلوماً!» وما سرّ ظلامتِه؟ سرّها عدم فهمنا نحن له(ع). فلو فهمناه لنهَجنا نهجَه نفسَه، نحن لا نعرف هذا النهج.. بل لا نُتقنه.. بل حتّى في الحوزة العلمية لا نتعامل مع الطلبة بهذا الأسلوب، نحن لا نتعاطى مع موظّفينا وفق هذا النهج، يضعون جهاز تسجيل الحضور والانصراف في المدخل فيُنقصون من أجور الموظّف مع كل دقيقة تأخير ويضيفون عليها إذا عمل دقيقة إضافية، ثم يتوقّعون من هذه المؤسسات أن تُنشِّئ "آدميّين"!! دعكم من هذا بالله عليكم! فأنتم لا تعتبرون بعضكم بعضاً آدميين! ثم تتوقعون أن تكون ثمة خدمة، ويكون إبداع، ولا تحصل خيانة! لقد وضعتم الجميع قاطبة في خانة الذئاب! بل إن سَنّ القوانين قائم على هذا المعيار!
ـ لكن بأي دافع أعمل على جعل هذا الشخص منظَّماً؟
ـ تعال وسأخبرك: يقول أمير المؤمنين(ع) في مستهلّ وصيّته: «أُوصِيكُمَا.. بِتَقوَى اللهِ وَنَظْمِ أَمْرِكُم» فلتكن ذا شعور لتكون مُنظَّماً! لا تكن بحاجة إلى الحوافز والعقوبة الفوريّة الملموسة لتكون مُنَظّماً. ثم لكي تعتبر طفلَك إنساناً، فلا تتتبَّع أخطاءَه، دعه يأتي للطريق بنفسه، ولا تشجّعه كلما أتى بعمل صالح، دعه يقف على قدميه بنفسه، واغمره دوماً بمحبّتك
ـ عجيب، إذن لا ينبغي أن أشجّع طفلي؟
ـ بل شجّعه دوماً لا على التعيين، قل: «سأشتري لك البوظة دائماً، دون سبب»، دع طفلك ينشأ "إنساناً"
إذا تربّينا على قاعدة أنّ: العمل الذي اُنجزه لا أنجزه طمعاً في الحوافز الفورية، بل ولا اجتناباً للعقوبة الآنيّة.
ـ بهذا فقط أصبحتَ يا هذا آدمياً
فلماذا أجّل الله الثواب والعقاب إلى يوم القيامة؟ لأن إنسانية الإنسان هي في أن يكون له دوافع طويلة الأمد. إنما التقوى نهج للحياة، نهج لخلق الدافع عند الناس. دعه هو.. بنفسه.. دعه هو.