المفهوم الأكثر تأثيرا في حياة الإنسان ـ 1 القسم الثاني
إن الدين يدعو الإنسان إلى الانتفاع الأقصى من الحياة ويريد منه أن يكون حيّا جدّا!/الحياة الطيبة هي حياة من نمط آخر يمنحها الله الإنسانَ؛ فلا يُطَهّر له نفسَ حياته التي يحظى بها! بل كأنّ هذا الإنسان يولد من جديد وتتفتح عين قلبه./أقبح ما ترتكبه الثقافة الغربية هي أن تجعل الإنسان يقنع بالحدّ الأدنى من الحياة، وها هنا منطلق الفسق والإلحاد./اسألوا الإمام الحسين (ع) الحدّ الأقصى من الحياة ولا تقنعوا بالحدّ الأدنى من الصلاح./إن الأثر التربوي والروحي والمعنوي الذي تتركه معرفة قيمة الحياة في الإنسان، هو أن تجعله شكورا.
إن الأثر التربوي والروحي والمعنوي الذي تتركه معرفة قيمة الحياة في الإنسان، هو أن تجعله شاكرا وبالتعبير الأدقّ شكورا. فمن استطاع أن يشكر الله على نعمة الحياة والخَلق فهو من زمرة الشكورين القلائل؛ (وَ قَليلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُور) [السبأ/13]. ولْتعلموا أنتم الذين تصبرون على معاناة الحياة أن أجر الشكر أعظم من أجر الصبر.
لماذا نبحث عن المفهوم الأكثر تأثيرا في حياة البشر؟ لأننا بصدد الانتفاع الأقصى من الحياة، ولأن الإنسان يودّ بفطرته أن يحظى بحياة مُثلى.
تُعساً لأولئك الذين حاولوا صرف النّاس عن تحسين حياتهم؛ بحيث جعلوهم يقنعون بالحدّ الأدنى من الحياة.
أقبح ما ترتكبه الثقافة الغربية المهينة واللاإنسانية والرؤية الإنسانية (الأومانية) الحمقى والجاهلة هو أن تجعل الإنسان يقنع بالحدّ الأدنى من الحياة؛ وأساسا هنا نقطة انطلاق الفسق والإلحاد.
فيا ترى ماذا يقول لنا الدين؟! یقول لنا: إن حياتك قيّمة، فزِدها سِعَةً ومدى، ويجب عليك أن تكون حيّا جدّا! فليست الحياة بهذا الذي تملكه الآن! أ فهل تعلم ما سيحدث إن تَفَتّح بصرُ فؤادك وسمعُ روحك وأصبحت يدُك يدَ الله! أ وتدري إلى أين يمكن أن يبلغَ فهمُك؟ فإن الله لا يرضى من العبد الذي لا ينتفع كثيرا من حياته ولا يدرك قيمتها.
قال: (مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَة) [النحل/97]. يقول العلامة الطباطبائي (ره): من أصبح إنسانا صالحا، منحه الله حياة أخرى، غير هذه الحياة؛ لا أن يصلح ويطهّر حياته نفسها! فكأنّه يولد من جديد!
تختلف الحياة الطيبة عن هذه الحياة فهي حياة جديدة ويولد الإنسان فيها من جديد؛ فكأنه يتحرّر من رحم الطبيعة وتتفتح يداه وجناحاه! فعند ذلك يرى ويسمع وينمو حقيقةً.
من الذي يبحث عن المفهوم الأكثر تأثيرا في حياة البشر؟ من كان بصدد توسعة نطاق حياته. إن مشكلتنا مع الفكر الغربي وهذه الثقافة والحضارة النَّخِرَة هي أنها تجعل الإنسان قانعا بالحدّ الأدنى من الحياة. أنظروا من هو الإنسان الناجح والسعيد في الحضارة الغربية؟ وانظروا إلى مدى أمنياتهم في قصصهم السينمائية؛ فما أحقرها من أماني!
لقد جاء وصف الكافرين في الآيات الأولى من القرآن الكريم حيث وصفتهم بأنهم (صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ) [البقرة/18] اللهمّ! إنا لسنا بكافرين حتى نكون صُمّا وبُكما وعُميا، ولكن كم تسمع أسماعُنا؟ نحن لسنا بعُمي والحمد للّه، ولكن كم تنظر أبصارنا؟! كم نحن أحياء؟ وكم نشعر باقتراب الإمام الحسين (ع) من كربلاء؟ كم نشعر بقلب الإمام المنتظر (عج)؟ وكم نشعر بسروره وحزنه (عج)؟
«إن الحسين مصباح الهدى وسفينة النجاة» عبارة مستلهمة من حديث النبي (ص) في حق الإمام الحسين (ع) حيث قال (ص): «وَ الَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ نَبِيّاً إِنَّ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ فِي السَّمَاءِ أَكْبَرُ مِنْهُ فِي الْأَرْضِ وَ إِنَّهُ لَمَكْتُوبٌ عَنْ يَمِينِ عَرْشِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مِصْبَاحُ هُدًى وَ سَفِينَةُ نَجَاةٍ». فمن أيّ شيء يستطيع الإمام الحسين (ع) أن ينقذنا؟ بإمكانه أن ينقذنا من العَمَى والصَمّ ويمنحنا الحياة. فاطلبوا من الإمام الحسين (ع) الحدّ الأقصى من الحياة ولا تقنعوا بالحدّ الأدنى من الخير والصلاح.
كان يقول الشيخ بهجت (ره): «عندما تذهبون إلى مجلس العزاء كأنّكم ذهبتم إلى حرم الإمام الحسين (ع)» [رحمت واسعه (باللغة الفارسية)/348]. أيها الشباب! لماذا لم تتوقّعوا أن تشاهدوا الإمام الحسين (ع) في كل ليلة تحضرون فيها مأتمه؟! ترى بعض الناس وكأنه لا يحمل أي أمنيّة راقية في حياته!
سيدي يا أبا عبد الله! إن حالنا خَرِبٌ جدّا ولكن توقّعنا عالٍ جدّا! أ فهل لا نسمع صوتك في هذا المحرّم؟! فإلى متى؟! لماذا نعيش مع أوهامنا عنك؟! لماذا لا نعيش معك؟!