ملخص كلمة سماحة الأستاذ بناهيان في اجتماع طلاب الجامعات على أعتاب أسبوع الوحدة الإسلامية
هذا الذي بين يديك أيها القارئ الكريم، ملخص كلمة سماحة الأستاذ بناهيان في اجتماع طلاب الجامعات في مسجد جمكران على أعتاب أسبوع الوحدة الإسلامية
أ) الشيعي الممهّد للظهور، لا يحدّد معنويّته بالأبعاد الفرديّة
لابد للشيعي المنتظر أن يحظى بمهارة الحياة الجماعية/ لابد أن نتمتع بالقدرة على التعامل والتآزر بالرغم من الخلافات الموجودة
- لقد كتب إمام العصر (عج) في أحد توقيعاته: «وَ لَوْ أَنَ أَشْیَاعَنَا وَفَّقَهُمْ اللَّهُ لِطَاعَتِهِ عَلَى اجْتِمَاعٍ مِنَ الْقُلُوبِ فِی الْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ عَلَیْهِمْ لَمَا تَأَخَّرَ عَنْهُمُ الْیُمْنُ بِلِقَائِنَا» (الاحتجاج/2/499)
- إن اجتماع الشيعة وتآزرهم معا من القضايا المهمّة جدّا. فإن الشيعي الذي يحاول طيّ الطريق منفردا، وبصدد تكوين علاقة شخصية وفردية مع إمام زمانه، ويحدّد روحانيته بالأبعاد الفردية في إطار خلواته ومناجاته، فإن الإمام لا يعدّه موطئا للظهور. فعلى سبيل المثال لقد جاء في الروايات أن إذا أراد أحدكم أن يزور إماما، فليصطحب جماعة من إخوانه. يعني الأولى أن لا يذهب الإنسان إلى زيارة أئمته منفردا.
- أحد معاني قول الإمام: «لَوْ أَنَ أَشْیَاعَنَا وَفَّقَهُمْ اللَّهُ لِطَاعَتِهِ عَلَى اجْتِمَاعٍ مِنَ الْقُلُوبِ» هو أن يتدرّب أتباع مذهب أهل البيت(ع) على الحياة الجماعية. فلا يمكن للشيعي المنتظر أن لا يعرف الحياة الجماعية. أحيانا قد نجد بين رجالنا السياسيين أو الناشطين الثقافيّين أنّهم لا يملكون حالة الانعطاف اللازمة للحضور بين جمع يشتمل على مختلف السلائق. من المهمّ جدّا أنّ يحظى الإنسان بمهارة الحياة الاجتماعية وقدرة الانسجام مع الآخرين وأن يعترف بقابليات غيره وأفضليّته إن وجد فيه فضلا. وإذا كان أضعف منه يعينه ويمنحه قدراته.
- بطبيعة الحال عندما يجتمع الناس مع بعض، تظهر خلافات بينهم في الآراء وحتى الروحيّات وقد تنجرّ هذه الخلافات إلى توتّر بينهم. ومن المتيقّن أنه لم يكن هدف أهل البيت(ع) من دعوتنا إلى الاجتماع والتواصل هو أن نتنازع، بل أرادوا منّا أن نجتمع معا ونحظى بقدرة التعامل والتآزر بالرغم من وجود الخلافات. إن بعض الناس لا يقدرون على التعامل حتى بين فريق متكوّن من ثلاثة أشخاص، فضلا من أن يتعاملوا مع فريق أكبر وجمع أوسع.
- من أجل ازدياد قابليّتنا في التعامل، لابدّ أن نعالج كثيرا من نقاط ضعفنا. فعلى سبيل المثال كيف ردّ فعلنا إذا أغضبنا أحد أو تجاسر علينا؟ أو كيف نواجه من لم يدرك قولنا أو فسّره بطريقة سيئة؟ وكيف نطبّق هذه التوصية التي تقول: لا ينبغي أن لا ننسب مساوئنا إلى غيرنا وحسب، بل يجب أن ننسب مساوئ غيرنا إلى أنفسنا؛ «مَا بَالُ الْمَظْلُومِ لَا یَصِیرُ إِلَى الظَّالِمِ فَیَقُولُ: أَنَا الظَّالِمُ، حَتَّى یَصْطَلِحَا» [الخصال/ج1/ ص138] فإذا قمنا بعمل جماعي وأفشل أحد الأعضاء العمل، لا ينبغي أن نتهجّم عليه مباشرة ونقول: «إنّه هو المقصّر إذ كنت قد قلت له وحذرته من كذا...» بل بالعكس، يجب أن نحصل على هذه القدرة، بحيث نتقبل تقصير الآخرين ونقول: «أنا المقصّر في فلان قضيّة». طبعا من الصعب جدّا أن يبلغ الإنسان إلى هذا المستوى من قدرة التعامل والانعطاف.
- إن زمن الغيبة والانتظار، هو زمن التمهيد والتوطئة لظهور الإمام. ولابدّ للموطئين أن يمتازوا بخصائص. كيف يمكن للطالب الجامعي أو الحوزوي أن يكون ناصرا للإمام، ولكنّه لم يقم بنشاط مع أيّ جمعية أو منظمة ثقافية؟! وهل أنه لا يستطيع أن ينسجم أو يكوّن علاقة مع أيّ فرد. إن بعض الناس لا يرغب بالعمل الجماعي وبودّه أن يعمل بغنى عن غيره. وقد يكون السبب هو أنّه لا يخلو العمل الجماعي من لوازم ومقتضيات نحو التنازل والتضحية وغيرها.
يجب أن نحبّ المؤمنين من صميم القلب، حتى وإن كنّا نختلف معهم
- إن ما قاله الإمام الحجة(عج): «لَوْ أَنَ أَشْیَاعَنَا... عَلَى اجْتِمَاعٍ مِنَ الْقُلُوبِ» يعني أن يتحابّوا من صميم القلب، لا أن يتحمّل بعضهم البعض فقط. فلابدّ لنا أن نودّ المؤمنين ونحبّهم حتى وإن كان هناك خلاف بيننا وبينهم، وحتى لو كنا قد تضرّرنا شخصيّا بسبب هذه الخلافات. يجب أن نترفّع عن كل هذه الخلافات ونودّهم من أعماق القلب ولا نكون ممن يحبّ أصدقاءه المقرّبين وحسب. إنها من الأعمال التي أكّد عليها أهل البيت(ع) بالتحديد كمقّدمة للظهور.
- قِیلَ لِأَبِی جَعْفَرٍ ع: إِنَّ أَصْحَابَنَا بِالْکُوفَةِ لَجَمَاعَةٌ کَثِیرَةٌ فَلَوْ أَمَرْتَهُمْ لَأَطَاعُوكَ وَ اتَّبَعُوكَ قَالَ: «یَجِیءُ أَحَدُکُمْ إِلَى کِیسِ أَخِیهِ فَیَأْخُذُ مِنْهُ حَاجَتَهُ؟ فَقَالَ: لَا. فَقَالَ: هُمْ بِدِمَائِهِمْ أَبْخَلُ. ثُمَّ قَالَ: ... إِذَا قَامَ الْقَائِمُ جَاءَتِ الْمُزَامَلَةُ وَ أَتَى الرَّجُلُ إِلَى کِیسِ أَخِیهِ فَیَأْخُذُ حَاجَتَهُ فَلَا یَمْنَعُهُ» [الاختصاص للشیخ المفید/ص24] و عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیِّ الباقِر ع، قَالَ یَوماً لأصْحابِهِ: «أیُدخِلُ أحَدَکُمْ یَدَهُ في کُمِّ صاحِبِهِ فَیَأخُذَ حَاجَتَهُ مِنَ الدَّنانیرِ؟ قالوا: لا. قال: فَلَستُم إذاً بِإخوانٍ» [کشف الغمة/ج2/ص148]
الإنسان المنتظر يعني الإنسان التنظيمي، طبعا لا بالمعنى الحزبي المحض
- الحياة الجماعيّة والتنظيمية تعدّ من ضرورات منتظري الظهور. لا يمكن أن نعتبر اعتزال الشابّ الجامعي في غرفته أو في زاوية المسجد أو في المكتبة واشتغاله بالصلاة والمطالعة تزكية وبناء للذات، فقد قال الله سبحانه وتعالى: «یا أَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَ صابِرُوا وَ رابِطُوا وَ اتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّکُمْ تُفْلِحُون» [آل عمران/ 200] «اصبروا» یعني فليصبر كل واحد منكم على حدة، أما «صابروا» فیعني أن «اصبروا» سوية وبشكل جماعي.
- فكم بالمئة منّا نحن المتدينين، من يعرف الفرق بين «الصبر الفردي» و «الصبر الجماعي» ويعرف مقتضياتهما؟ العنصر المنتظر يعني العنصر التنظيمي، ولا أقصد من التنظيم «الحزب» فقط، بل المقصود هو كل تشكيل وتنظيم وكل جمع منظّم هادف يمارس النشاط من أجل أهداف محدّدة.
ب) لابدّ لعشّاق إمام العصر والزمان(عج) أن يجتازوا مرحلة الوحدة بين الشيعة وأهل السنّة ويبلغوا مرحلة كسب القلوب
وصية الإمام الحسن العسكري(ع) الاستراتيجية: جُرُّوا إِلَیْنَا کُلَ مَوَدَّةٍ
- ماذا يحدث إذا اجتمع الشيعة معاً وتحابَّوا بينهم ونبذوا الفرديّة التي تمثّل العنصر الرئيس في حضارة الغرب، وتقبّلوا الحياة الجماعية من صميم قلوبهم، وأرادوا أن يوفوا بعهد أئمة الهدى(ع)؟ لقد قال الإمام الحجة(عج) في تكملة توقعه: «لَمَا تَأَخَّرَ عَنْهُمُ الْیُمْنُ بِلِقَائِنَا وَ لَتَعَجَّلَتْ لَهُمُ السَّعَادَةُ بِمُشَاهَدَتِنَا» [المصدر نفسه]. فلماذا لم يتحقق الظهور لحدّ الآن؟ بسبب سلوكنا وأخلاقنا وعاداتنا.
- من خلال هذا الحديث الشريف، بودّي أن أطرح لكم هذه الفكرة. وهي أننا یجب أن نجتاز مرحلة الاتحاد والانسجام بين الشيعة، ولابدّ أن نصل إلى مرحلة الاتحاد والانسجام بين جميع المسلمين. وذلك بناء على حديث الإمام الحسن العسكري(ع) الذي قال في وصية استراتيجية: «جُرُّوا إِلَیْنَا کُلَ مَوَدَّةٍ» [تحف العقول/ ص488]
أكثر من «الوحدة» بين الشيعة والسنّة، يجب أن نسعى لتكوين التعاطف والمحبّة مع بعض
- بودّي أن أقترح عليكم شعارا أرفع من شعار الوحدة بين الشيعة وأهل السنّة، وهو «التعاطف» بين الشيعة وأهل السنّة. لماذا نكتفي بالوحدة؟ ولماذا جعلنا أقصى هدفنا هو الاجتناب عن النزاع والتوتّر؟ ولماذا نبقى بهذا الحد؟ لابدّ أن يسعى كل منّا لكسب قلب الطرف الآخر. ولعلّي أستطيع القول بأنك لا تستطيع أن تدّعي نصرة الإمام، إلا بعد أن صار بعض أصدقائك المقرّبين من أهل السنّة. فلا يكفي أن لا نتنازع وحسب، بل يجب أن نتقدّم أكثر في هذا المجال.
- وقد اقتضت أوضاع العالم ذلك أيضا، فعندما نجد أن الأعداء يربّون التيارات التكفيرية لإبادة المسلمين من الشيعة والسنّة، يصبح تكليفنا معلوما. فلابدّ لنا أن نفتح أحضاننا لأهل السنّة. إن المرجع الأعلى لشيعة العراق قد قال في حق أهل السنّة: «لا تقولوا إخواننا السنّة بل قولوا أنفسنا السنّة».
- لقد قال الإمام الصادق(ع) إلى أحد الأشخاص الذي كان يحرص على تعريف الناس على أهل البيت(ع) ومدرستهم: «علَیكَ بِالأحداثِ، فإنّهُم أسرَعُ إلی کُلِّ خَیرٍ». [الكافي/8/93]
لقد قال الإمام العسكري(ع): «جُرُّوا إِلَیْنَا کُلَ مَوَدَّةٍ» ولا شكّ في أنه يشمل أهل السنّة
- لماذا ينظر بعض الناس إلى التشيّع كفرقة من الفرق؟ في حين أن الإمام العسكري قد قال: «جُرُّوا إِلَیْنَا کُلَ مَوَدَّةٍ». فلابدّ لكلّ واحد منكم أن يجيب: كم قد استطاع أن يجرّ مودّة الناس في أيام شبابه؟ وبالتأكيد أن الإمام العسكري(ع) لم يقصد بقوله الشيعة، أو على الأقل لم يحددهم في قوله، بل قصد أهل السنّة كذلك ولا سيما شبابهم الذين لم يتعرّفوا على أهل البيت(ع) جيّدا. وأكثر الناس استعدادا هم الشباب من أهل السنّة والذين كان علماؤهم يظهرون الحبّ والاحترام لأهل البيت(ع) وكانوا يعتبرون مودّة أهل البيت(ع) فرضا وجزء من الدين. فإذا كان مذهبكم ومدرستكم على حق فعلامته هي أن تقدروا على كسب قلوب الناس وجذبهم إلى مدرستكم. ثم يقول الإمام العسكري(ع) في تكملة حديثه: «وَ ادْفَعُوا عَنَّا کُلَّ قَبِیحٍ». فليكن سلوككم بالنحو الذي إذا رآكم أحد من الناس، يترحّم على إمامكم الذي ربّاكم. فإذا مرض أحد من إخوتكم من أهل السنّة فعودوه. وألزموا أنفسكم على أن تشاركوا في تشييع جنائزهم وتحضروا في صلواتهم.
فلنقم مجالس واحتفالات مشتركة فيما نشترك فيه
- يا عشّاق الإمام صاحب الزمان(عج)! ترفّعوا عن مستوى الوحدة بين الشيعة والسنّة واهدفوا إلى كسب القلوب. فعلى سبيل المثال، يعتقد إخواننا السنّة أن الإمام المهدي(عج) لم يولد بعد. طيّب فاستحسنوا عقيدتهم بالإمام المهدي(ع) حتى وإن لم يولد واغتنموا هذه العقيدة وهذا القدر المشترك بيننا وبينهم، ثم أقيموا مجالس مشتركة في انتظار الإمام(ع).
- أو مثلا مجرد اعتقاد أهل السنّة بأن «الغدير هو دعوة النّاس لحبّ علي بن أبيطالب(ع) ولا يدلّ على تعيينه كوصي وخليفة» يكفينا أن نقيم احتفالات مشتركة مع أهل السنّة في حبّ علي بن أبيطالب(ع). إن عقيدتنا في دلالة الغدير وخلافة أمير المؤمنين(ع) عقيدة راسخة في قلوبنا ونحن متمسكون بها إن شاء الله، ولكن نحن نشترك مع أهل السنة في قضيّة الغدير في عنصر «الحبّ» فلماذا نضيّع هذا العنصر ولا نقيم مجالس مشتركة معهم في حب عليّ فقط. كما أننا في كثير من مجالسنا واحتفالاتنا نؤكد على حبّ أهل البيت(ع) أكثر من كلّ شيء آخر، فلماذا لا نقيم هذه المجالس مع أهل السنّة.
الإمام الحسين(ع) محور الوحدة بين الشيعة والسنّة/ كان يزيد عدوّا للشيعة ولأهل السنّة
- كذلك بإمكاننا أن نقيم مجالس مشتركة بين الشيعة وأهل السنّة في عاشوراء أكثر من أي وقت آخر. إذ كان الإمام الحسين(ع) قد واجه يزيد الذي هو عدوّ مشترك للشيعة والسنّة. والجرائم التي ارتكبها يزيد تجاه أهل السنّة في المدينة لم يرتكبها بحقّ الشيعة. فقد مارس جلاوزة يزيد في المدينة جرائم بيّضوا بها حتى وجه التكفيريين في هذا الزمان. فكم من الصحابة والتابعين الذين حزّوا رؤوسهم وكلهم كانوا من أهل السنّة! إذن الإمام الحسين(ع) هو محور الاتحاد بين الشيعة وأهل السنّة. وقد فجعت قلوب الشيعة وأهل السنّة من جرائم يزيد.
- لا يقتصر أسبوع الوحدة على أسبوع ميلاد نبي الإسلام(ص)، إذ هناك مواقف ومناسبات عديدة لهذه الوحدة. فعلى سبيل المثال في أربعينية الإمام الحسين(ع) رأينا بعض الإخوة من أهل السنّة في هذه المواكب وكانوا يخدمون ويقولون: «إن الحسين(ع) هو ابن نبينا الذي قتل ظلما وعدوانا ونحن نحبّه». فقلنا لهم لماذا لا تصرّحون بأننا من أهل السنّة. فقالوا: خشينا أن ينزعج الشيعة منّا ويرفضوا ضيافتنا. بهكذا إخلاص كانوا يقومون بالخدمة.
نحن سالكون إلى تحقيق الوحدة المعنوية في العالم
- لقد مضى زمن الوحدة وحان وقت التعاطف، ونحن نعيش في مثل هذا العالم. كما أنه عندما يقوم أعداؤنا وبكل حماقة بإرسال التكفيريين إلى البلدان الشيعية والسنّية، نزداد تعاطفا ووحدة. عندما يرى إخواننا من أهل السنّة في العراق أو سوريا أن الشّاب الشيعي يغامر بحياته في سبيل الدفاع عن عرض جاره من أهل السنّة، في المقابل يأتي الشاب السنّي كذلك ويدافع عن حرم السيدة زينب(س) أو عن سامراء. هذه معاجز بدأت تتحقق بالرغم من الأموال الطائلة التي بذلها العدو لتمزيقنا.
- لا ينبغي أن يزداد مستوى العلاقات والوحدة المعنوية بين الشيعة فقط وكذلك لا ينبغي أن يتحقق التعاطف بين أبناء الأمة الإسلامية وحسب، بل نحن في طريقنا إلى تحقيق الوحدة المعنوية في العالم. ألم ترو بعض قسسة الكنائس الذين كانوا قد جاءوا في أيام الأربعين إلى كربلاء مشيا مع ركب المشاة ليزوروا الإمام الحسين(ع)، وحتى أنهم قد سيّروا موكبا في الطريق؟ فبدأ العالم يتّحد وهذه من علامات الظهور ونحن اليوم سالكون بهذا الاتجاه.
الحسين(ع) هو محور وحدة جميع هواة المعنوية
- كم هو الفارق بيننا وبين مسيحيي العالم؟ نحن عشّاق الإمام الحسين(ع) مقصّرون إذ أن كثيرا من محبّي المسيح بن مريم والذين يبكون على مصائبه لا يعرفون الحسين. الآن نرى المستكبرين يصوّرون الإسلام كدين يقطع رؤوس الأبرياء ظلما وعدوانا. ولكن قد كشفت ملحمة الأربعين التي هي في مقابل فتنة مستكبري العالم أن أحد رموز الإسلام هو الحسين الذي احتزّ رأسه ظلما.
- فالحسين(ع) هو محور وحدة جميع هواة المعنوية. إن عاشق الحسين(ع) الذي لا يستطيع أن يعرّفه لعالم المسيحية بلسانهم، فهو لم يقدّم شيئا كثيرا للحسين(ع). فليس الإمام الحسين(ع) بالإمام الذي تناجيه في خلوتك وتلتذّ بالبكاء عليه، بل يجب أن تصنع ضجّة على الإمام الحسين(ع) ليصل نبأه إلى جميع العالم. إن عصرنا هو عصر التعاطف والوحدة ضدّ الاستكبار والكفر والتفرقة.
ج) كذلك في الأوساط السياسية يجب أن نتجنّب أيّ تفرقة وتمزيق
إذا كان الناشطون السياسيون مختلفين، فلا يحقّ لهم أن يقسّموا الشعب إلى فريقين
- دعوني أشير إلى الأبعاد السياسية لهذا الموضوع. في الأوساط السياسيّة كذلك كثير من الخلافات والتفرقات مضرّة ولا داعي لها. من قبيل الاختلاف الموهوم بين الإصلاحيين والأصوليين. قد يكون قادة بعض التيّارات السياسية قد ارتكبوا أكبر الجرائم ولعلّ حكمهم هو الإعدام، وقد يكونوا مفسدين في الأرض حسب رأي الإمام الخميني(ره)، ولكن لا ينبغي أن نسمح لهم بتمزيق الشعب.
- الحقيقة هي أننا لا نرى بين التيارات الاجتماعية خلافات سياسية عميقة. فعلى سبيل المثال هل يمكن أن نسمّي الشابّ الثوري «محافظا»؟ فما هو الشيء الذي يريد أن يحافظ عليه حتى نسمّيه محافظا؟ هل يريد أن يحافظ على النظام المالي والمصرفي؟ هل هو بصدد المحافظة على الوضع الثقافي في البلد؟ بالتأكيد إن الشابّ الثوري يريد أن يصلح كليهما وهو غير راض عن الوضع الراهن لكي نسميه محافظا. ومن جانب آخر هل في بطن المجتمع نجد في الأوساط غير الدينية من يصبو إلى إجراء نظرية الفيمينية؟ وهل هناك أثر لهواة هذه النظرية في جامعاتنا؟! وهل نجد بين الجامعيّين ظاهرة ملحوظة ممن تعلّق بالنظام الرأسمالي الغربي أو بالديمقراطية الليبرالية إلى هذا الحدّ؟! فلماذا نقسّم الجامعيين في بلدنا إلى إصلاحيين وأصوليين؟! إن الذين صنعوا هذه التقسيمات الموهومة فإنهم في الواقع قد ارتكبوا خيانة. لقد كان الإمام الخميني(ره) يقول بأني غير مقتنع بهذه التقسيمات. فإذا كان السياسيون مختلفين ومتنافسين معا فلا يحقّ لهم أن يقسّموا الشعب إلى قسمين.
لا ينبغي استدراج أساتذة الجامعة وطلّابها إلى الأندية السياسية عبر التلقينات الخاطئة
- فليعد النظر أولو الألباب في المجتمع والذين قد انخرطوا ـ جرّاء الجوّ التقليدي الموجود وعبر التلقينات الخاطئة ـ في هذه التسميات غير الموضوعيّة وعرفوا أنفسهم كإصلاحيّين أو أصوليّين، ولينظروا هل أن هذه التسميات تليق بهم؟!
- هل يمكن للطالب الجامعي الذي يهوى العدالة ويودّ العقلانية والمعنوية ويحرص على مصالح الوطن، أن نحدّده في نطاق تيار سياسي خاص؟! فإن عملنا ذلك فإنه ظلم لهذا الشابّ الجامعي. وإن افتريتم عليه باسم أي تيار أو اتجاه فقد ظلمتموه. كذلك هل يصحّ تخصيص الأستاذ الجامعي المتخصص الذي يصبو إلى تطوّر البلد وجامعاته ويمارس نشاطه العلمي ويحظى بالتديّن والمعنويّة، بأحد هذه الاتجاهات السياسية؟! وخاصّة في هذا العصر الذي أشرفت الحضارة الغربية فيه على الانهيار وأفلست المشارب الفكرية عن إعطاء شيء جديد في العالم إلا إسلامنا الأصيل.
إن تمزيق الناس وتشعيبهم يؤدي إلى شيء من الخفقان والديكتاتورية النفسية
- إن عصرنا عصر التعاطف والوحدة. فلا تعطوا مجالا في الأوساط السياسية لأولئك الذين يدقّون على وتر التفرقة. وعبّدوا الطريق لكي يتسنّى انتقاد المسؤولين ورجال السياسة بسهولة. فإن تشعيب المجتمع وتقسيمه إلى أحزاب وتيارات يؤدي إلى شيء من الدكتاتورية النفسية أو الخفقان، إذ يخشى الإنسان حينئذ أن يحسب على فلان جهة أو فلان حزب بمجرد انتقاده لفلان شخصيّة. أو قد يشعر الإنسان بأنه إذا انتقد أحد الشخصيات الثوريّة قد يؤدي ذلك إلى تضعيف كيان الثوريين وحركة حزب الله بشكل عام. بينما في الواقع إذا انتقدتم الآن أيّا من الثوريين فليس ذلك بمعنى تضعيف الحركة الثوريّة بشكل عام، وإذا انتقدتم أي ناشط سياسيي لا ينبغي أن يتهموكم بالانتماء إلى حزب ما أو حركة ما. ولا يحقّ لأحد أن يتهمكم بالانتماء إلى هنا أو هناك.
- لابدّ أن نرفع مستوى علاقاتنا مع بعض ولا نسمح لبعض الناس أن يروّجوا هذه التقسيمات والتحزّبات بيننا. ولا ينبغي أن نسمح للقلّة القليلة من السياسيين الذين يراهنون على التفريق بين الناس أن يقسّمونا ويجعلونا شِيَعاً. نحن لا ننتمي إلى حزب أو فريق محدّد، بل نحن آحاد من النّاس. فكلما كان لنا انتقاد أو إشكال نصرّح به، وكلّما اقتضى التكليف أن نواجه ظاهرة ما، نواجهها، وكلّما استلزم الأمر أن ندافع عن حقّ ما، ندافع عنه. ولسنا متفقين في جميع الآراء إذ هناك اختلاف في الرؤى والآراء، ولكن تقسيم الشعب إلى فئات وأحزاب فهو جريمة لا تغتفر.
إذا نشرنا المدرسة الحسينية في العالم تتعاطف قلوب أهل العالم مع بعض
- إن عصرنا عصر التعاطف. وأسأل الله أن يمكننا من إزالة سوء الفهم بمنطق قوي. نحن إذا عرّفنا مسيحيي العالم على المدرسة الحسينية، تتعاطف قلوب أهل العالم مع بعض. وكذلك إن عرّفنا إخواننا السنّة على مدرسة الإمام الحسين(ع)، تتعاطف القلوب كذلك. أنا كنت أتحدث مع مجموعة من أهل السنّة من النخب المصريين. فقلت لهم: ينبغي أن تبكوا على الإمام الحسين(ع) أكثر منّا. فقالوا: لماذا. قلت: لأن الإمام الحسين(ع) لم يستشهد من أجل التشيّع وحسب، بل قد استشهد من أجل الإسلام، وإنه قد ثار ضدّ حاكم مثل يزيد الذي فعل ما فعل تجاه أهل السنّة في واقعة الحرّة. فلمّا سمعوا هذا الحديث استبشروا وقالوا: لماذا لم يعرّف الإمام الحسين(ع) لنا أحد بهذا الأسلوب؟
- أحيانا نحن الشيعة وانطلاقا من شدّة حبّنا للإمام الحسين(ع) نلتفّ حوله بحيث لا نعطي المجال للآخر أن يراه ويحظى بزيارته. بينما لابدّ أن نعرّف الإمام الحسين(ع) بالنحو الذي يتعرّف عليه جميع أهل العالم، ولا يجوز أن نحتكر الإمام الحسين(ع) لأنفسنا.
- وأخيرا نحن كعناصر مهدوية وكموطئين لظهور الإمام المهدي(ع) لابدّ أن نحارب أي تفرقة وتمزيق. ولا ينبغي أن نقنع بدعوى الخلاف والتفرقة بسهولة لكي لا تقوم على أساسها ظواهر التمزّق والنزاع وافتراق القلوب والابتعاد عن الأصول.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته