النشاط، من أهمّ مؤشرات الإيمان ـ ج3
النشاط، ضالة المجتمع المعاصر وحاجة حياتنا المدنية
سماحة الشيخ بناهيان:
- النشاط أحد أهمّ خصائص الأبرار والصالحين. إن كنّا صالحين فما هي علامة الإنسان الصالح؟ هل علامته في بكائه الكثير؟ طبعا لا تعارض بين النشاط والبكاء كما أنه لا يقدر على البكاء إلا أهل النشاط والحيويّة. أما أهل الكآبة والحسد فلا مهجة لهم. إن بعض الأشخاص يستهزء بالبكاء ويقول ينبغي للإنسان أن يكون مرحا! إنه يستهزئ بالبكاء وكأنه متوفّر لدى الجميع مجّانا! كلا! فإن البكاء عمل عظيم! وهل يقدر كل امرء على البكاء؟!
- البكاء فعل ثمين وهو أهون على أهل النشاط من غيرهم. ثم بالإضافة إلى أن مردّ البكاء هو النشاط، هو أرجح من البكاء ومقدّم عليه! إذ ربما يبكي من لا يحظى بالنشاط العميق، فتنقص قيمة بكائه.
- الأمر الأصيل لنا هو النشاط! والبكاء الأصيل هو ما كان ناجما عن نشاط أو منتهيا إلى نشاط! كما نشترط في البكاء أن لا يكون مخلا بنشاطنا.
- قال أمير المؤمنين(ع): «الدِّینُ حُبُورٌ»(غررالحکم/20) يعني أنه مدعاة للسرور والبهجة. ولكننا نعرّف الدين مجرّدا عن صبغة النشاط والحيوية فيه.
- ينبغي لمعلّم الدين والعقائد أن يستفسر بين الحين والآخر عن مدى نشاط طلّابه على أثر ما تعلموه من معارف الدين؟ یجب أن يعلّم الدينَ بحيث تبعث كلُّ معرفةٍ دينية بهجةً وسرورا في الطلاب ويشعرون باشتداد بهجتهم خطوة بعد خطوة بعد فهم مجموعة من المضامين والمعارف الدينية الدقيقة والراقية.
- لو كان شبابنا يتمتعون بالنشاط الحقيقي الناجم عن الدين والمعنوية الأصيلة، لتضاعفت إبداعاتهم العلمية وقابلياتهم الدراسية.
- لماذا ترى الكثير من طلّاب المدارس كسالى وسرعان ما يسأمون في أثناء إعطاء الدرس في الصفّ؟ هذا ما يدل على فقدان النشاط فيهم! لماذا تراهم مولعين باللهو واللعب؟! لأنهم غير نشطين في باطنهم، فيعتاضون باللعب الخارجي عمّا فقدوه في الداخل!
- لقد نال المجاهدون البهجة والسرور بإقلاعهم عن الدنيا! وبعد ذلك كانوا يتصفون بفطنة وذكاء ودقّة وإبداع ممّا يثير العجب!
- لا یخرّج الراتبُ العالي مديرا مبدعا. فقد شاهدنا مدراء أصبحوا مبدعين ومصمّمين وكفوءين وشغولين عشرة أضعاف الباقين وقد نال كل ذلك بروح التضحية! إن أردت أن تشجّع المدراء والموظفين على العمل بزيادة الراتب، فمثل هذا الحافز لا يمدّهم بالطاقة إلا قليلا. ولكننا شاهدنا قادةً في الحرب يجاهدون بطاقات مضاعفة بآلاف الأضعاف، بدون أن يكون لهم راتب عال، بل كانوا قد أعدوا أنفسهم للموت وفعلا قد استشهد منهم الكثير.
- هل سیتحسّن أداؤنا إن أعطونا مزيدا من المال؟ نعم سيتحسّن قليلا. فإن أعطونا ضعفا هل سيصبح نشاطنا ضعفا؟ قد يحدث ذلك، ولكن بلدنا هذا يحتاج في سبيل إنجاز أهدافه إلى ألف ضعف من النشاط.
- فترى أحدهم قد يرتكب ألف خطأة حفاظا على منصبه أو ماله، فإذا جاءه موظف ذكيّ كفوء، يعرقل عليه التعيين خشية أن يُستَبدل به. فيعدّ الكادر والمعاونين من بين أشخاص أغبياء ليبقى هو في منصب الرئاسة بلا منافس! ولذلك ترى الناس يتساءلون عن سبب عدم حل بعض مشاكل البلد مع وجود هذا الكم الكبير من المواهب والقابليات؟!
- النشاط هو ضالة مجتمعنا اليوم وحاجة حياتنا المدنية. الانتاجات التي تقدّم للناس عبر وسائل الإعلام بغرض ازدياد نشاط الناس هي بضائع كاذبة لا تزيدهم نشاطا بل تسلبهم بعض نشاطهم! فمن قال بأن الموسيقى تبعث النشاط دائما؟