الطريق الوحيد معالم الأسرة الصالحة رحلة الأربعين تعرف علینا بقلم استاذ البريد الكتروني فیسبوک تويتر انستقرام تلغرام

جديدنا

۹۵/۱۲/۲۱ چاپ
 

A4|A5 :pdf

إليكم مترجم النص الكامل لكلمة سماحة الشيخ بناهيان بحضور ولي أمرم المسلمين الإمام الخامنئي(دام ظله) في الليلة الثانية من مجالس الأيام الفاطمية في حسينية الإمام الخميني(ره)

 

بناهيان: لقد خلقنا لخوض سباق، لا التدين بالحدّ الأدنى!/ إن ذهنية السباق تزيل آفات التدين وتزيده حلاوةً/ قد انتُزعت ذهنيةُ السباق من ديننا/ ليس الدين كقوانين المرور، بل هو سباق ومنافسة/ باتت وزارة التربية والتعليم تعلّم شبابنا ديناً انفعالياً/ إنما يسعد مجتمع يُحتَرَم فيه «السابقون»/ لم يكن قابيل يحمل روح قبول فوز الآخر/ كان رئيس الخوارج غير جاهز بقابلية الخضوع لقواعد السباق/ كان «السابقون» قلة قليلة في المدينة  

 

  • المكان: حسينية الإمام الخميني(ره) بحضور ولي أمر المسلمين الإمام الخامنئي(دام ظله)
  • الزمان: 13/05/1437.الأيام الفاطمية
     

أـ ضرورة ذهنية السباق في مسار العمل بالدين

لن يقسّم الله الناس يوم القيامة إلى فئتي أهل الخير وأهل الشر، بل سيقسّمهم إلى ثلاث فئات!

  • إحدى السور التي وصينا بتلاوتها في كلّ ليلة هي سورة الواقعة. وقد جاء في الروايات أنه «مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الْوَاقِعَةِ کُلَّ لَیْلَةٍ لَمْ تُصِبْهُ فَاقَةٌ أَبَداً» (مجمع البیان/9/ 321) و «سورَةُ الواقِعَةِ سورَةُ الغِنى، فَاقرَؤوها، و عَلِّموها أولادَکُم‏» (الدر المنثور/8 /3).
  • إن سورة الواقعة وكما يبدو من اسمها، تبدأ بذكر القيامة وواقعة المحشر، ثم تستمر بذكر القيامة و درجات الجنان و كذلك الجحيم. أما الشيء اللطيف والملفت والمهمّ جدا والمؤثر تربويّا في هذه السورة المباركة والذي بات مغفولا عنه في مجتمعنا نوعا ما هو أنه لن يقسَّم الناسُ يوم القيامة إلى فئتي أهل الخير وأهل الشر! بل سيقسّمون إلى ثلاث فئات. الأمر المهمّ جدا في هذه السورة هو أننا لن نكون يوم القيامة أمام موطنَي الجنة والنار، وإنما قد تحدثت هذه السورة عن ثلاثة مواطن.
  • النقطة البارزة جدا في هذه السورة هي أن الله قد بيّن نتيجة حياة الناس يوم القيامة عبر تقسيم مهمّ جدا حيث قال: (وَ كُنْتُمْ أَزْواجاً ثَلاثَة) [الواقعة/7] ستنقسمون يوم القيامة إلى ثلاث فئات. فليحزر الشباب ما هي هذه الفئات الثلاث؟ الصالحون والسيّئون. فهل الفئة الثالثة فئة بين الصالحين والسيئين؟ أوهل هي جماعة باسم «الأسوأ» أو «الأصلح»؟ من الجميل جدّا أن نطالع القرآن عن حبّ استطلاع ونتلوه بدقّة.
  • إن التقسيم الأساسي الذي سيتبلور يومَ القيامة والذي يجب أن يكون مطمح نظرنا، بحيث ننظر إلى الحياة والمجتمع والجماعات بمنظار هذه السورة، هو أن الله قد قسّم الناس إلى فئات ثلاث:

الفئة الأولى هم أصحاب اليمين أو السعداء

  • الفئة الأولى: (فَأَصْحَابُ الْمَیْمَنَةِ مَا أَصحابُ الْمَیْمَنَه؛ الواقعة/8). الفئة الأولى هم السعداء وأهل اليمن والبركة. (مَا أَصحَابُ الْمَیْمَنَه)! كأنه يقول: «وما أدراكم أي ميمنة وسعادة فازوا بها!». إذن الفئة الأولى الذي يشير إليها القرآن هم أصحاب الميمنة أو أصحاب اليمين وأهل اليمن والبركة. فكما يقال: «إن ذاك الرجل أو ذاك العمل ميمون ومبارك»، هؤلاء أيضا سعداء ومباركون. (مَا أَصحَابُ الْمَیْمَنَه) أي ما أكثر سعادة هؤلاء.

الفئة الثانية: أصحاب المشئمة، وهم الذين غمرهم الشؤم والشقاء

  • الفئة الثانية (وَ أَصحَابُ المَشْئمَةِ مَا أَصحَابُ المَشْئَمَة؛ الواقعة/9) وهي الجماعة التي قد غمرتهم الشؤم والشقاء والحضيض، وما أشأمهم من قوم! فقد امتاز الصالحون من الطالحين في هذا البيان بشكل واضح. الصالحون هم على خير شديد (مَا أَصحَابُ الْمَیْمَنَه) والطالحون كذلك لفي شرّ شديد (ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَة). لا حظوا أن هذا التقسيم، ليس تعبيرا ذوقيا جرى على لسان أحد المتديّنين أو العرفاء أو ذوي القلوب السليمة أو علماء الدين. حتى أنه ليس تحليلا مُستَبطنا في زوايا آيات القرآن، وإنما هو صريح آية من القرآن.

الفئة الثالثة: هم «السابقون»/ إن أصحاب اليمين يخبو بريقهم أمام السابقين

  • وأما الفئة الثالثة فهم (وَ السَّابِقُونَ السَّابِقُون‏ * أُولئِكَ الْمُقَرَّبُون‏( [الواقعة/ 10, 11] وهم الذين يسبقون الجميع ويتقدمون. إن هؤلاء من ارتفاع الدرجة وعلوّ المقام بمكان، بحيث كأنه يُنسى أصحاب اليمين عند ذكر هؤلاء السابقين. يقول: (أُولئِكَ الْمُقَرَّبُون‏( وكأنها تفيد الحصر ولا سيما في المراتب العالية من القرب. إنما المقربون هؤلاء ولا غير، فكيف بأصحاب اليمين وأصحاب الميمنة؟! الحقيقة هي أن هؤلاء السعداء وأصحاب اليمين يخبو بريقهم أمام السابقين. ثم يصرّح اللّه بقلّتهم ليثيرنا ويحفّزنا؛ (ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلين‏ * وَ قَليلٌ مِنَ الْآخِرين‏).
  • سينقسم الناس يوم القيامة على ما جاء في القرآن الكريم إلى ثلاث فئات. طيّب، ثم أي يوم هذا اليوم؟ إنه ليومُ واقعةٍ (خافِضَةٌ رافِعَة)[الواقعة/3]. أي هو يوم يرتفع فيه قوم وينحطّ آخرون. وكلٌّ تُبلى سرائره وتذهب الادعاءات جانبا. فينحطّ قوم كانوا رفيعين ويسمو قوم كانوا منحطّين. ویصبح العالم  عاليه سافله. (يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِر)[الطارق/9].

إذن أين شرّ الناس؟!

  • في الواقع سينقسم الناس يوم القيامة إلى الصالحين وخيرالناس والسيئين. فبإمكاننا أن نسأل: إذن أين شرّ الناس؟! لقد عدّهم الله في مكان واحد مع السيئين. ولا يخلو هذا المعنى في هذه الآيات من لطائف وإشارات جديرة بالتأمل.
  • ثمّ يستمرّ الله في كلامه إلى أن يصف جنتين. إحداهما جنة السابقين والأخرى جنة أصحاب اليمين. فهؤلاء في جنتين ومرتبتين. فيصف الله كلّا منهما على حدة. فليس في ميسور امرء أن يعتبر هذا التقسيم لطيفة ذوقية نستطيع أن نمرّ منها مرور الكرام.
  • يحظى (السَّابِقُونَ السَّابِقُون) في الجنة والرضوان الإلهي بدرجة أعلى. ولا أدري هل لأصحاب اليمين السعداء إلى جنة السابقين من سبيل وهل يسمح لهم أن يزوروها أم لا؟

لقد خلقنا للسباق!/ السابقون هم الفائزون في السباق

  • لكن ما المراد بالسَّبْق؟ يعني أن الناس يسبق بعضهم بعضاً؛ فالمشاركون في هذا المجلس مثلاً هل جاء كل فرد منهم ليكسب الثواب، أو يصيب النور، أو ينال القُربة ثم يعود فحسب؟ أم إنكم أتيتم لتتسابقوا؟! إذ عند اختتام المجلس سيأتي النداء من العالم الأعلى متسائلاً: أيُّ الحضور بات أكثر قرباً؟ أيُّهم فاق الجميع في التوسّل؟ أيُّهم كان أشدّ محبّة من غيره؟ إنه سباق!
  • نحن إنّما خُلقنا لخوض سباق! و (السَّابِقُونَ السَّابِقُون) هم الفائزون في هذا السباق. أما أصحاب اليمين فهم سعداء لم يخرجوا من ساحة المباراة ولكنهم لم يفوزوا في السباق. أيها الشباب! إن لم يكن دعاؤكم في هذا المجلس هو «اللهم اجعلني من خير الباكين على مصاب الزهراء(س) وخير المتوسلين بأوليائك» فقد خسرتم. وإن لم يكن انطباعنا عن الدين هذا، فليس لنا انطباع صحيح عن الدين.
  • لقد انتُزعت ـ وللأسف ـ ذهنيةُ السباق من ديننا على الرغم من صعوبة الأمر، ولكن تحمّلوا أعباءه وأنجزوه. وباتت ـ للأسف ـ وزارة التربية والتعليم تعلّم شبابنا ديناً انفعاليّاً. أنا لخصوص هذا المجلس ولكي أطمئنّ وأتجهز بالقول السديد، طلبت من بعض الإخوة أن يراجعوا جميع مناهج وزارة التربية والتعليم لأرى هل يعرّف شبابنا على هذا التقسيم الثلاثي؟ فوجدت أن هذه المناهج لا تعلم شبابنا هذا التقسيم الثلاثي ولا تعطيهم ذهنية السباق في الدين.  

ليس الدين كقوانين المرور، إنما هو دين سباق/ أرجو أن تحملوا هذا السباق على محمل الجدّ!

  • دعوني أصرّح بآخر الكلام منذ البداية. فالالتزام بقوانين المرور ليس بحاجة إلى ذهنيةِ سباق؛ لا تخالف، كي لا تُغرَّم، لكنه ليس سباقاً، فليس سيرُك في الشارع سباقاً، بل عليك مراعاة القانون وحسب، أما الدين فليس هو على هذا النحو، فالدين سباق، الدين يقارن بين المؤمنين. فقد روي عن الإمام الصادق(ع) أنه قال: «إِنَّ اللَّهَ سَبَّقَ بَیْنَ الْمُؤْمِنِینَ کَمَا یُسَبَّقُ بَیْنَ الْخَیْلِ یَوْمَ الرِّهَانِ ثُمَّ فَضَّلَهُمْ عَلَى دَرَجَاتِهِمْ فِي السَّبْقِ إِلَیْهِ فَجَعَلَ کُلَّ امْرِئٍ مِنْهُمْ عَلَى دَرَجَةِ سَبْقِهِ لَا یَنْقُصُهُ فِیهَا مِنْ حَقِّهِ وَ لَا یَتَقَدَّمُ مَسْبُوقٌ سَابِقاً؛ الكافي/2/40».
  • فالزوجان اللذان يعيشان تحت سقف واحد إنما هما يتسابقان ليريا أيهما سيكسب السباق، أيهما سيغدو أعَزّ عند الله، أيهما أكثر صفحاً من صاحبه، أيهما يتنازل عند التنازع، أيهما يفوق قرينه في كسب رضاه. فاكسِب السباق! لا تقل حسبي أن أطبّق المقرّرات، فلا تعرّف الدين هكذا.

إحدى خصائص السباق، وجود المنافسين/ الإمام الصادق: لَيسَ‏ مِنَّا وَلا كَرَامَةَ مَن كَانَ فِي مِصرٍ فِيهِ مِائَةٌ أَلفٍ أَو يَزِيدُونَ وَكانَ فِي ذَلِكَ المِصرِ أَحَدٌ أَورَعَ مِنه

  • هل سمعتم هذه العبارة من بعض الرياضيّين: «لقد كان خصومي، لاعبين أقوياء جدّا فلم أستطع الفوز!»؟ بالمناسبة إن أحد خصائص السباق هو وجود الخصوم والمنافسين. أرجو أن تحملوا هذه المسابقة على محمل الجدّ! إن كان خصومك في السباق أقوياء، فأنا آسف عليك، لأنك ستهزم في هذا السباق! إذ ما يتوقع منك في ساحة السباق هو أن تتغلب على خصومك وكل المؤمنين هم خصومك، فلابد أن تكون أفضل من جميعهم! فانظروا كم هذا الموضوع لأمرٌ جادّ!
  • لأقرأ عليكم رواية عن الإمام الصادق(ع) جاءت في كتاب الكافي الشريف. الحقيقة هي أنني عندما أقرأ هذه الرواية في كثير من الأحيان، لا أقرأها بهذه الدقّة، وعندما أترجمها أضيف إليها بعض الكلمات أو أنقص منها شيئا رفقا بالمستمعين ومخافة إرباكهم. ولكن دعوني أقرأها عليكم هنا كاملةً. لقد راجعت سندها مرّة أخرى لأرى مدى إحكامه. وهل يسعني أن أطرحها بقوّة أم لا؟ فرأيت أنها يمكن أن تقرأ بقوّة.
  • يقول الرواي جاء الإمامَ الصادقَ رجل باسم عيسى بن عبداللّه. فأكرمه الإمام وأجلسه عنده. ثم قال: «یَا عِیسَى بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، لَیْسَ مِنَّا وَ لَا کَرَامَةَ مَنْ کَانَ فِي مِصْرٍ فِیهِ مِائَةُ أَلْفٍ أَوْ یَزِیدُونَ وَ کَانَ فِي ذَلِكَ الْمِصْرِ أَحَدٌ أَوْرَعَ مِنْهُ» [الكافي/ج2/ص78]. يعني لا ينفعنا مثل هذا الإنسان.
  • إذن فكيف بالصالحين؟ أولم نقل بأنه سباق! يبدو أنك لم تدرك أجواء السباق بعد! كيف استطاع ذاك الرجل أن يصبح أورع منك؟!

لقد دعينا إلى السباق لا إلى التديّن بالحدّ الأدنى!/ إن هدف الخلق هو السباق

  • لقد دعينا إلى السباق لا إلى التديّن بالحد الأدنى! قال الله تعالى: (إِنَّ أَکْرَمَکُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاکُمْ)[الحجرات/13]. کلمة «أتقاكم» تعني أنه يتم مقارنتك مع من بجوارك، ثم قد يقال لك: لقد حصل صاحبك على نقاط أكثر منك.
  • لقد تكرّرت عبارة «أحسن عملا» أربع مرّات في القرآن الكريم، لأن هدف الخلق هو السباق؛ (الَّذی خَلَقَ الْمَوْتَ وَ الْحَیاةَ لِیَبْلُوَکُمْ أَیُّکُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً)[الملك/2]. هناك امتحان وسباق.
  • أرأيتم المؤمنين كم يبكون في مجالس الدعاء والندبة والاستغفار؟ ومن المؤكد أنكم قد عشتم هذه الأجواء المعنوية الرائعة. أريد أن أقول للغرباء البعيدين عن هذه الأجواء: هل تعرفون سبب بكاء هؤلاء؟ إذا كان القرار هو أن يفوز مؤمن واحد من بين جمعٍ من المؤمنين كثيرٍ، وكان الجميع يهوى الفوز بينما يرى كلٌّ منهم قصوره وتقصيره، فيعتصر قلبه بطبيعة الحال وتجري دموعه.

منذ أن خُلِقت أصبحت عضوا في الفريق المنتخب لعالم الخلق!/ يريد الله أن يرى أيكم أحسن عملا

  • إنه لسباق! منذ أن خلقت أصبحت عضوا في الفريق المنتخب لعالم الخلق! يريد الله أن يرى أيّكم أحسن عملا؟ «كان صاحبك أو جليسك أو جارك أحسن منك عملا، كانت امرأتك أحسن منك عملا وكان زوجكِ أحسن منكِ عملا! وكان ولدك أحسن منك عملا! وكان أخوك أو أختك أحسن منك عملا!»
  • من الذي يدير هذه المسابقة؟ إنه هو الله الذي لا تستطيع أن تقول له: «إلهي! لا تدري بالظروف التي كنتُ أعيشها؟» فإنه سيقول لك: «أتحدثني عن الظروف؟ تلك الظروف التي أنا صممتها لك!» من الطبيعي في السباق أن يفوز قلّة من المشاركين.

لقد ذكر القرآن مفهومَي السرعة والسباق

  • السباق يقتضي السرعة. وقد جاء في القرآن الكريم: (وَ سارِعُوا إِلى‏ مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّکُمْ)[آل عمران/133] أو (اسْتَبِقُوا الْخَیْراتِ)[المائدة/48]. لقد ذكر القرآن مفهومي السرعة والسباق. وقد أخبرت الروايات أنه إنما ينجو أهل السرعة والسباق من المؤمنين من المخاطر.
  • تجهزوا بذهنية السباق! سيعلو صوت الأذان غدا وسيصلي كل المؤمنين. فسيُجرى سباق في طهران لصلاة الصبح ليروا من سيكسب السباق؟ كلنا مشاركون في هذا السباق. وسوف يصل تقرير نتائج السباق إلى الإمام صاحب العصر والزمان. فلابد أن تقول في مناجاتك وفي أثناء بكائك: «وَ اجْعَلْنِي مِنْ أَحْسَنِ عِبَادِكَ نَصِیباً عِنْدَكَ وَ أَقْرَبِهِمْ مَنْزِلَةً مِنْكَ وَ أَخَصِّهِمْ زُلْفَةً لَدَیْكَ»[مقطع من دعاء كميل].

كان يبدأ سباق في الجبهة بعد استشهاد الشهداء/ وكذلك الآن حينما يرجع شهيد من المدافعين، تصبو قلوب أهل السباق

  • لا ينبغي أن أتكلم وكأني لم أرَ هذه المشاهد في هذا البلد! فقد رأيتها في أيام الدفاع المقدّس. وقد عادت تهيج القلوب في السنين الأخيرة. حينما كان يذهب الشباب إلى الجبهات ويُستشهَدون، كان يبدأ سباق بين الشباب الذين تخلّفوا عن ركب الشهداء وكأنّ أرواحهم كانت تطير شوقا. وكذلك الآن أرى هذا الشوق بين بعض الشباب، فحينما يرجع شهيدٌ من مدافعي حرم أهل البيت(ع) تصبو قلوب أهل السباق. إذ لا يطيقون التخلّف عن ركب الشهداء. وإن لم يصدر قرار بذهابهم، فلابدّ أن تمنعهم من الذهاب بإصرار وأمر وتكليف. أما غيرهم من غير أهل السباق فهم ميّتون. فلا تهشّ قلوبهم برؤية فوز الفائزين.
  • في أيام الدفاع المقدّس كنا نرى بسهولة شدّة تشوّق بعض الشباب بعد استشهاد صاحبه. لقد استشهد ولدٌ في عمليات الفتح المبين، فكان والده في تشييعه عابسا لا يبكي ولا يتكلم. كان هذا الولد صديقي. فتساءلت في نفسي: هل كان والده مخالفا لذهابه إلى الجبهة؟ قال لي بعض الأصدقاء: «أنت أقرب منّا إلى هذه العائلة، فاعتنِ بالأب.» فأصبحت مرافقا للأب طوال مراسم التشييع والصلاة. لمّا وضعوا الشهيد على حجر المغتسل، لم يتقدّم الأب ليرى ابنه. فكنت متحيّرا لا أدري ماذا يختلج في صدره. كان عابسا ومتألما لا يحدّث أحدا. لمّا جاءوا بجثمان الشهيد لتكفينه كان حاضرا. فما إن وقعت عينه على ابنه، انكسر! وانهدّ ركنه فجلس ولم يقدر على النهوض. كان اسم ابنه محسنا. فبدأ يخاطبه: «أتذهب وأبقى أنا؟! أنت ولدي! وإذا تسبقني؟!» مكث أربعين يوما في بيته، وبعدها ذهب إلى الجبهة واستُشهد في ذكرى سنوية ابنه في عمليات والفجر الأولى.
  • أجواء السباق تخطف قلوب أولئك الذين يحظون بذهنية السباق. وهذه هي إحدى علاماتهم. إياك أن تأتي مجلس الزهراء(س) فتقول لها: «انظري إليّ نظرة!» وتكون غير هميم وغير جاهز بهمّة السباق! فتسابق واكسب السباق! إذ قد أعلن عنه. وما أكثر الآيات والروايات في هذا المجال!

إن ذهنية السباق تزيل آفات التدين وتزيده حلاوةً

  • النقطة الأولى التي أطرحها بحضوركم هي أنه علينا أن نحمل ذهنية السباق في حركتنا الدينية. فإن هذه الذهنية ستحلّ لنا مشاكل كثيرة وتزيد التديّن حلاوة. إنها تزيل مشاكل التدين وآفاته من أمام الإنسان. إنه لسباق متواصل في كل يوم. في الأمس قد فاز صاحبك، ولكن بإمكانك اليوم أن تكون أنت الفائز، وتستطيع أن تسبقه بحيث تعجزه من اللحاق بك. فكل من كان حولك من ذوي القصور و التقصير هم في الواقع أرضية لارتقائك وتطوّرك.
  • يقول أميرالمؤمنين(ع): «التَّقِيّ سَابِقٌ إِلَى کُلِّ خَیْر»[اعلام الدين/186]. وقال النبيّ الأكرم(ص): « یَا عَلِيّ شِیعَتُكَ الَّذِینَ یَتَنَافَسُونَ فِي الدَّرَجَات»[تفسير فرات الكوفي/267]. إن موضوع «التنافس في الدرجات» باب مفصل في رواياتنا. فقد قال أهل البيت(ع) لشيعتهم اطمئنّوا بأنّا سنأخذ بأيديكم ولكن فكّروا بدرجاتكم؛ «مَعَاشِرَ شِیعَتِنَا، أَمَّا الْجَنَّةُ فَلَنْ تَفُوتَکُمْ سَرِیعاً کَانَ أَوْ بَطِیئاً، وَ لَکِنْ تَنَافَسُوا فِي الدَّرَجَات»[تفسير البرهان/ج1/ص157]. إن مسافة بيوت بعض أهل الجنة إلى بيت الزهراء(س) قريبة جدا، بينما مسافة بيوت آخرين أبعد بكثير. فما رأيكم؟ هل قد تبلور الشعور بالسباق في داخلكم أم لا؟

تعلیم الخير والصلاح للأطفال دون إلقاء جوّ السباق هو حصيلة نظرة نازلة إلى الإنسان/ حتى الحيوانات يحظون بالأخلاق الحسنة!

  • أقسم عليكم بالله أن عرّفوا أطفالكم على الدين كما هو: «أيُّكُمْ أحْسَنُ عَمَلاً»[الملك/2] إن الصبيّ أو المراهق الذي قد عجنت روحه بالسباق والغلبة والهزيمة، فهو يبدأ حياته باللعب، فأدخلوه في الدين من مدخل اللعب والسباق إذ أن أجواء الدين الجادّة لا تخلو من السباق والمنافسة في الدرجات. فلنعلّم أطفالنا أسلوب السباق في أجواء الدين.
  • إن تعليم الخير والصلاح للأطفال دون إلقاء جو السباق هو حصيلة نظرة نازلة إلى الإنسان. وهو أشبه بصلاح الحيوانات. أوليس أخلاق بعض الحيوانات جيدة! سَأَلَ شَقیقٌ البَلخِيّ جَعفَرَ بنَ مُحَمَّدٍ(ع) عَنِ الفُتُوَّةِ؟ فَقالَ: ما تَقولُ أنتَ؟ فَقالَ شَقیقٌ: إن اُعطینا شَکَرنا، وإن مُنِعنا صَبَرنا. ـ وكان كلامه وجيها إنصافا، وإن الشكر والصبر فضيلتان راقيتان. ولكن انظروا إلى جواب الإمام الصادق(ع). ـ فَقالَ جَعفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ(ع): الکِلابُ عِندَنا بِالمَدینَةِ تَفعَلُ کَذلِك! ـ أفهل هذه فضيلة عددتها؟! ـ فَقالَ شَقیقٌ: یَا بنَ بِنتِ رَسولِ اللّهِ، مَا الفُتُوَّةُ عِندَکُم؟ فَقالَ: إن اُعطینا آثَرنا، وإن مُنِعنا شَکَرنا» (شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد/11/217). هكذا يستطيع الإنسان أن يفوز في السباق.

ب ـ إن لم نكن أهل السباق، فلنحبّ أهل السباق على الأقل

إن السباق من ذاتيات حياة الإنسان/ إن كنت برّا ولكن لم تتسابق، تصبح من أصحاب اليمين

  • قال أميرالمؤمنين(ع): «إنْ کُنْتُمْ لَا مَحَالَةَ مُتَسَابِقِینَ فَتَسَابَقُوا إِلَى إِقَامَةِ حُدُودِ اللَّهِ وَ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوف»(غررالحكم/3739). إن في هذا الحديث إشارة إلى أن حياتنا كلها سباق. يقول الإمام: إن كنتم أهل السباق في حياتكم، فتسابقوا في دينكم. يعني السباق من ذاتيات حياة الإنسان. فعلى سبيل المثال من يشتري بيتا، فهو في الواقع يتسابق مع صاحبه. فهو لا يزال يحدث نفسه بضرورة تحسين بيته وأن فلانا قد عمل في بيته كذا وأنه اشترى السيارة الفلانية. يعني نحن نتنافس في ما بيننا دائما.
  • الآن أريد أن أنتقل إلى القسم الثاني من البحث. إذن أولا لنحمل ذهنية السباق في حركتنا الدينية. ولنعلم أن من لا يشارك في السباق ولا يفوز في السباق لن يُكَبّ في النار، وإن كان صالحا فسيكون من أصحاب اليمين. وأساسا مجلسنا ينسجم مع مثل هذه الأبحاث. لأنكم تعلمون أن لو لم تحضروا في هذا المجلس لما دخلتم النار ولا نزل عليكم عذاب من الله. إذن فلماذا أتيتم؟ وما هو السبب في إقامة كل هذه المجالس لأهل البيت(ع)؟ إن هذا العمل هو من أنواع روح السباق لا النظرة الواطئة إلى الدين. ولا هو من الأعمال التي إن تركناها دخلنا النار!

إن لم نحظَ بذهنية السباق في تديننا، سنصرف طاقتنا في التسابق على الدنيا/ إن التسابق على القضايا الماديّة مدعاة للوحشية

  • إن لم تخض السباق، تصبح من أصحاب اليمين. (طبعا بعد ذلك يجب أن ندرس أبعاد هذه الظاهرة الاجتماعية) أما السؤال الذي يطرح نفسه هو أنك إن لم تخض السباق ولم تنادِ اللّه أن «اللهم اجعلني من السبّاقين في ديني»، ولم تكن من أهل السباق، فهل أنت تنافس أصحابك على الدنيا؟ وهل تسابق في الأنانية وتجميع الغنائم والمصالح؟! إن حديث «إنْ کُنْتُمْ لَا مَحَالَةَ مُتَسَابِقِینَ» إشارة من أميرالمؤمنين إلى عدم انفكاك الإنسان من السباق. فإن كنا لا نتسابق في القضايا المعنوية، فلابدّ من أننا نتسابق في الأمور المادية.
  • إن أصبح الناس يتسابقون في القضايا المادّية أتعلمون أي وحوش سوف يخرّجون؟! من أبسط النماذج رؤساء البلدان الغربية وقد رأيتم مدى وحشيّتهم. إن هذا هو نتيجة الثقافة التي تدعو الجميع إلى التسابق في الدنيا. أنظروا أي وحوش هؤلاء! فهم يمثّلون عصارة تلك الثقافة.
  • إذن الأمر الأول هو أننا لفي سباق في هذه الحياة. فإن لم نحمل ذهنية السباق في ديانتنا، سنجنّد طاقتنا في السباق في الدنيا. كل من يراقب نفسه سيجد نفسه يتسابق مع من حوله لينال موقعا أفضل. وهذه لحقيقة مهمّة جدا.

كان هذا الشهيد بطلا في المصارعة وأهل سباق في المروّة/ إن لم تكن أهل السباق في المروّة، تصبح لئيما

  • قرأت في ذكريات أحد الشهداء أنه كان قد حاز على بطولة طهران في أيام مدرسته. فانظروا إلى أي درجة قد ارتقى هذا الشاب. إن كنتَ أهل السباق في المروّة سوف تصارع خصمك بهذه الروح. لقد جاء في ذكرياته أنه اطلع على نقطة ضعف خصمه؛ حيث كانت تؤلمه إحدى رجليه أو يديه، فكان لا يستغل نقطة ضعفه ولا يهاجم عضوه الذي فيه أذى.
  • إن لم تكن أهل السباق في المروّة، تصبح لئيما! وسوف تضغط على نقطة ضعف خصمك إن باريته. ولكنه لؤم في قاموس (السَّابِقُونَ السَّابِقُون). قالوا له «لماذا لا تمسك برجله الأضعف؟! فهذا هو مقتضى المصارعة.» فقال: «کلا! فإنه لؤم لا أفعله». مثل هذا الإنسان وفي أوج المحاصرة في قناة كميل يؤذن بأعلى صوته، فيتأثر عدد من قوات العدوّ بأذان هذا الرجل الإلهي ويسلّمون أنفسهم.
  • فجاء هؤلاء وقالوا: قولوا من كان يؤذن؟! فقال قائد المجموعة: لقد أصابه واحد منا. فقالوا له: نعم فقد جُرح والآن هو في الخندق. فقال: أريد أن أراه. وأكد من رماه برصاصة: على استعداده للقصاص والقتل جزاءً. فقال لهذا الشهيد (ابراهيم هادي): إن من رماك فهو حاضر هنا. فقال: دعوه يذهب. بعد ذلك التحق جميع القوات بالجمهورية الإسلامية وأصبحوا من جنودها وحاربوا ضدّ صدام، وقد استشهد معظمهم بناء على ما نُقِل بأذان بسيط. فاعلم في أي ساحة تتسابق!

إن ترسخت روح السباق في ثقافتنا الدينية، عند ذلك سوف لا يلصق بعض مرضى القلوب تهمةَ التطرّف على السابقين

  • إن كانت ثقافتنا الدينيّة في البلد ثقافة (وَ كُنْتُمْ أَزْواجاً ثَلاثَة) و كانت آية (السَّابِقُونَ السَّابِقُون‏) قد ترسخت في ثقافتنا، عند ذلك سوف لا يُلصِق بعض مرضى القلوب تهمةَ التطرّف على السابقين الذين يخطون درب الحقّ بسرعة للفوز في السباق.

إن كنتم من غير أهل السباق فاعلموا أن لكم وظيفة كبرى!/ إنما يسعد مجتمع يحترم السابقين ويتّبعهم ويحبّهم

  • فلأذكر الآن النقطة الثانية في موضوع السباق. أيها الإخوة! إن لم نكن من أهل السباق، ولم نرغب في المشاركة في السباق فلنعلم أن علينا وظيفة كبرى! لا داعي إلى دخول الجميع في فئة (السَّابِقُونَ السَّابِقُون‏). فلسنا بصدد الدعاية لهذه المسابقة بحيث يشارك فيها الجميع. لا أخي العزيز، أرح بالك ولا تقلق، ففي ميسورك أن لا تكون منهم. ولكن إنما يسعد مجتمع يحترم (السَّابِقُونَ السَّابِقُون‏) و يتبعهم ويحبّهم. لا داعي إلى أن يكون الجميع من أمثال الشهيد «إبراهيم هادي»، وليس من الضرورة أن يكون كلّ المجتمع من السابقين. ولكن إنما يسعد مجتمع يعرف السابقين ويحترمهم. إنّ تكليف المجتمع تجاه السابقين هو الاتباع وإن لم يقدر على ذلك فحبّهم على الأقل. هذا ما يتوقعه الله من عباده.

إن ثقافة احترام الشهداء المتوفرة في مجتمعنا، ضمان لحسن العاقبة

  • إن ثقافة احترام الشهداء المتوفرة في مجتمعنا ضمان لحسن العاقبة. لقد سألني سائل في الليلة البارحة في جمكران: «ما هذه النظّارات التي لبستها بحيث جعلتك تتفاءل بمستقبل هذا المجتمع خيرا؟ لماذا تتنبأ بسعادة هذا المجتمع؟» هنا أجيب عن هذا السؤال: إن هذا المجتمع سينال السعادة إذ أنه يحترم الشهداء. ويقول للشهداء: «إنكم على خير وصالحون، أما نحن فقد عجزنا عن مواكبتكم! فلا يسعنا إلا أن نكنّ لكم كل الاحترام والمحبّة.»
  • أشير إلى آية واحدة في هذا السياق. فقد جاء في الآية الكريمة أن الملائكة قد سألوا أهل جهنّم: (ما سَلَكَكُمْ في‏ سَقَر * قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّين‏)[المدثر/ 42,43] تقول الرواية في تفسير كلامهم «لَمْ نَكُ مِنْ أَتْبَاعِ السَّابِقِين‏»[الكافي/ج1/ص419].

لماذا دعا الإمام(ره) أن لا تُطوى مائدة الشهادة في المجتمع؟/ إن المجتمع بحاجة إلى (السَّابِقُونَ السَّابِقُون‏)

  • لقد قال الإمام الخميني(ره): «إلهي لا تطوِ مائد الشهادة في المجتمع» ما معنى هذا الدعاء؟ يعني إلهي وفّر فرصة استشهاد الشباب. فكروا قليلا. إنه قائد المجتمع وحافظ أرواحهم. وهو في أشد الشفقة على أرواح جميع المجاهدين فردا فردا. ولا يخفى مدى حبّ الإمام للشهداء. ولكن مع هذا كله، المجتمع بحاجة إلى (السَّابِقُونَ السَّابِقُون‏). وهذه حاجة لا مناص منها. ولذلك دعا الله أن «إلهي لا تطوِ مائدة الشهادة».

حكاية لأحد الشهداء المدافعين عن حرم أهل البيت(ع)

  • في هذا المجلس المبارك بودّي أن أقدم لكم ورقة عطرة من الفصل الجديد الذي انفتح في مجتمعنا. نحن قد تخلفنا في هذه المسابقة مرّة أخرى فحري بنا أن نخجل. بودّي أن أقرأ عليكم مقطعا من وصيّة أحد الشهداء المدافعين عن حرم أهل البيت(ع). وأنا أعرف هذا الشهيد صدفةً. فقد كان ناشطا ثقافيّا ومديرا جهاديّا وأحد الناشطين في إعداد الرحلات والمخيّمات الجهاديّة.
  • حينما أخبروني باستشهاده في سوريا، استغربت وقلت: كل هذه الأعمال الموجودة هنا، فلماذا تركها وأين ذهب؟ كان شاغلا في إحدى الوزارات وله راتب جيد وقد ترك طفلين أعمارهما بين الثلاثة أشهر والسنة. لقد احتضن أولاده وذهب إلى حرم الإمام الرضا(ع) وكتب وصيته في ليلة واحدة. ثم قال إن هذا سفر لا رجعة فيه. ثم ودّع أصحابه في حرم السيدة زينب(س) وقال إني ذاهب. وقال لأحد أصدقائه: لم أطلب الشهادة فرارا من العمل، وإنما أطلبها لأني أعلم أن الشهيد أكثر حرّية وطلاقة في العمل. فإني أطمع بالمزيد من العمل والنشاط». لقد كان إنسانا نشطا جدّا. لقد ذهب إلى ساحات الشهادة بعقيدة وكأن شهادته كانت موتا اختياريّا!

كم مرّة استقرضت مالا وأنفقته في سبيل الله؟/ لقد درس العربية سنتين وتعلّم اللهجة السوريّة قليلا ليذهب ويخدم الناس هناك

  • يقول صديقه كنت شاهدا حيث كتب وصيته في حرم الإمام الرضا(ع). قال: سوف لن أرجع من سفرتي هذه. بعدما بدأت أحداث سوريا درس العربية سنتين ولا سيما اللهجة السوريّة. قال: أريد أن أخدم هؤلاء الناس. حين ذهابه أخذ معه بعض الأدوية. وقال: أستقرض لشرائها ولو لم قد انتهى اعتباري في كثير من الأماكن ولكن مازلت أحظى بماء الوجه عند البعض. كان قد أعدّ قائمة يسجّل فيها الأموال التي استقرضها ليصرفها هناك، ثم يسدّدها بعد استلام راتبه.
  • كم مرّة استقرضت مالا وأنفقته في سبيل الله؟ إنه لفصل جديد بدأ ينفتح في هذه الأيام. فلا داعي للرجوع إلى تاريخ الدفاع المقدس مع ضرورة حفظه طبعا، ولكن بدأ يبرز أناس أصبحوا أملنا في هذه الأيام.

مقطع من وصية الشهيد المدافع عن الحرم خطابا لقائد الثورة الإسلامية/ إن أهل السباق لا ينظرون إلى باقي الناس

  • لقد كتب هذا الشهيد في مقطع من وصيته خطابا لقائد الثورة الإسلامية: «منذ أن سمعت أن رضاك في عدم سقوط سوريا، أردت أن أكون ذا سهم في تنفيذ أمرك. والآن فإني أشكر الله على توفيق الجهاد في هذه الساحة، وأسأله أن أكون ذا تأثير وفائدة في هذا الميدان. قائدي العزيز، إن تلبية ندائك، هو كالتكبير في الحج، هو بمثابة تلبية نداء رسول الله(ص)، هو تلبية نداء الإمام الحسين(ع) نفسها، وهذا ما علّمنا به إمامنا العظيم(ره)، إذ أن ولاية الفقيه هي نفس ولاية رسول الله(ص). فادعُ لي وارضَ عنّي.»
  • إن أهل السباق لا ينظرون إلى باقي الناس. فمن أراد الفوز في سباق العدو، لا ينظر إلى الكسالى ولا إلى العاطلين والفاشلين والخاملين. إنه ينطلق إلى ساحة التمرين عند طلوع الفجر. فإذا قیل له: «نحن قاعدون هنا مرتاحين ونكسّر المكسّرات!» يقول لهم: «إنكم لستم في سباق.»

ج ـ  إن بعض الناس لا يحملون قابليّة القبول بسبق الآخر

يجب أن نتمتّع بقابلية القبول بسبق الآخر/ إن بعض الصالحين يخرج عن توازنه عند الفوز ولا يتحمّل ذلك

  • النقطة الأخرى هي أنه يجب أن نحظى بقابلية القبول بسبق الآخر، فإن دنيا هي ساحة سباق. فإن بعض الناس لا يحملون قابلية القبول بسبق الآخر وإن بعض الصالحين يخرج عن توازنه عند الفوز ولا يتحمّل ذلك. فقد جاء في رواية قدسية: «وَ إِنَّ مِنْ عِبَادِيَ الْمُؤْمِنِينَ لَمَنْ يَجْتَهِدُ فِي عِبَادَتِي فَيَقُومُ مِنْ رُقَادِهِ وَلَذِيذِ وِسَادِهِ فَيَتَهَجَّدُ لِيَ اللَّيَالِيَ فَيُتْعِبُ نَفْسَهُ فِي عِبَادَتِي فَأَضْرِبُهُ بِالنُّعَاسِ اللَّيْلَةَ وَ اللَّيْلَتَيْنِ نَظَراً مِنِّي لَهُ وَ إِبْقَاءً عَلَيْهِ فَيَنَامُ حَتَّى يُصْبِحَ فَيَقُومُ وَ هُوَ مَاقِتٌ لِنَفْسِهِ زَارِئٌ عَلَيْهَا- وَ لَوْ أُخَلِّي بَيْنَهُ وَ بَيْنَ مَا يُرِيدُ مِنْ عِبَادَتِي لَدَخَلَهُ الْعُجْبُ مِنْ ذَلِكَ فَيُصَيِّرُهُ الْعُجْبُ إِلَى الْفِتْنَةِ بِأَعْمَالِهِ فَيَأْتِيهِ مِنْ ذَلِكَ مَا فِيهِ هَلَاكُهُ لِعُجْبِهِ بِأَعْمَالِهِ وَ رِضَاهُ عَنْ نَفْسِهِ حَتَّى يَظُنَّ أَنَّهُ قَدْ فَاقَ الْعَابِدِينَ وَ جَازَ فِي عِبَادَتِهِ حَدَّ التَّقْصِيرِ فَيَتَبَاعَدُ مِنِّي عِنْدَ ذَلِكَ وَ هُوَ يَظُنُّ أَنَّهُ يَتَقَرَّبُ إِلَي» [الكافي/ج2/ص61]
  • وهناك رواية أخرى عن الْبَزَنْطِيِّ قال: بَعَثَ إِلَيَّ الرِّضَا عَلَيْهِ السَّلَامُ بِحِمَارٍ لَهُ فَجِئْتُهُ إِلَى صِرْيَا، فَمَكَثْتُ عَامَّةَ اللَّيْلِ مَعَهُ، ثُمَّ أُوتِيتُ بِعَشَاءٍ، ثُمَّ قَالَ: «افْرُشُوا لَهُ» ثُمَ‏ أُوتِيتُ بِوِسَادَةٍ طَبَرِيَّةٍ وَ مِرْدَاعٍ وَ كِسَاءٍ قَيَاسِرِيٍّ وَ مِلْحَفَةٍ مَرْوِيٍّ، فَلَمَّا أَصَبْتُ مِنَ الْعِشَاءِ قَالَ لِي: «مَا تُرِيدُ أَنْ تَنَامَ؟» قُلْتُ: بَلَى جُعِلْتُ فِدَاكَ. فَطَرَحَ عَلَيَّ الْمِلْحَفَةَ وَ الْكِسَاءَ ثُمَّ قَالَ: «بَيَّتَكَ اللَّهُ فِي عَافِيَةٍ». وَ كُنَّا عَلَى سَطْحٍ، فَلَمَّا نَزَلَ مِنْ عِنْدِي قُلْتُ فِي نَفْسِي: قَدْ نِلْتُ مِنْ هَذَا الرَّجُلِ كَرَامَةً مَا نَالَهَا أَحَدٌ قَطُّ، فَإِذَا هَاتِفٌ يَهْتِفُ بِي: يَا أَحْمَدُ، وَ لَمْ أَعْرِفِ الصَّوْتَ حَتَّى جَاءَنِي مَوْلًى لَهُ فَقَالَ: أَجِبْ مَوْلَايَ، فَنَزَلْتُ فَإِذَا هُوَ مُقْبِلٌ إِلَيَّ فَقَالَ: «كَفَّكَ» فَنَاوَلْتُهُ كَفِّي فَعَصَرَهَا، ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَتَى صَعْصَعَةَ بْنَ صُوحَانَ عَائِداً لَهُ، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَقُومَ مِنْ عِنْدِهِ قَالَ: يَا صَعْصَعَةَ بْنَ صُوحَانَ، لَا تَفْتَخِرْ بِعِيَادَتِي إِيَّاكَ وَ انْظُرْ لِنَفْسِكَ، فَكَأَنَّ الْأَمْرَ قَدْ وَصَلَ إِلَيْكَ، وَ لَا يُلْهِيَنَّكَ الْأَمَلُ، أَسْتَوْدِعُكَ اللَّهَ وَ أَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلَامَ كَثِيراً»

كان هابيل يستوعب مقتضيات السباق، فلا أهان ولا عيّر/ لم يكن قابيل يحمل روح تقبّل فوز الآخر/ إن البعض في عام 2009 لم يكونوا ليخضعوا لحقيقة الهزيمة أمام المنافس

  • لابدّ للإنسان أن يقدر على استيعاب التوفيق الإلهي والفوز في السباق. لقد كان هابيل يستوعب مقتضيات السباق وفاز في السباق على قابيل. فحينما هدّده قابيل بالقتل، قال: (لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ یَدَكَ لِتَقْتُلَني‏ ما أَنَا بِباسِطٍ یَدِيَ إِلَیْكَ لِأَقْتُلَك؛ المائدة/28) فلا أهان هابيلُ ولا عيّر أخاه. بينما لم يكن قابيل يحمل روح تقبّل فوز الآخر ولذلك قتل أخاه؛ (فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخاسِرين‏)[المائدة/27]. نحن قد خُلِقنا للسباق، وإن هذا السباق جارٍ في جميع أقسام حياتنا ومن جملتها الانتخابات. وقد رأيتم في عام 2009 كيف كان البعض لم يكونوا ليخضعوا لحقيقة الهزيمة أمام المنافس.

إن بعض الناس هم أشباه قابيل/ بعض الجماعات في خارج إيران عبدة الشيطان وبعض الجماعات في داخل إيران عبدة قابيل

  • أنا أقترح عليكم هذا المصطلح. إن بعض الناس قابيليّون. هناك فِرَقٌ خارج إيران باسم عبدة الشيطان، وكأن في داخل إيران يريد البعض أن يؤسس فرقة باسم عبدة قابيل. إذ أن عبادة الشيطان لا تمشي في إيران، ولكن بإمكانهم التركيز على قابيل. فهم آملون في أن يصلوا إلى نتيجة.

إن عبدة قابيل لا يرون الغش والتلاعب فعلا قبيحا/ إن أمثال قابيل لا يملكون روح القبول بالهزيمة أمام الآخر/ كان رئيس الخوارج لا يملك روح القبول بالهزيمة أو الفوز

  • من هم عبدة قابيل أو أمثال قابيل؟ هم من لا يرون الغش والتلاعب فعلا قبيحا. إن هؤلاء لا يملكون روح القبول بالهزيمة أمام الآخر. كان رئيس خوارج لا يملك روح القبول بالهزيمة أو الفوز. لم يكن يتحمّل الفوز ولا الهزيمة. «ذُكِرَ رَجُلٌ بَيْنَ يَدَيِ النَّبِيِّ بِكَثْرَةِ الْعِبَادَةِ فَقَالَ النَّبِيُّ(ص) لَا أَعْرِفُهُ فَإِذَا هُوَ قَدْ طَلَعَ فَقَالُوا هُوَ هَذَا فَقَالَ النَّبِيُّ(ص) أَمَا إِنِّي أَرَى بَيْنَ عَيْنَيْهِ سَفْعَةً مِنَ الشَّيْطَانِ فَلَمَّا رَآهُ قَالَ لَهُ هَلْ حَدَّثَتْكَ نَفْسُكَ إِذْ طَلَعْتَ عَلَيْنَا أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْقَوْمِ أَحَدٌ مِثْلَكَ قَالَ نَعَمْ ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَوَقَفَ يُصَلِّي فَقَالَ النَّبِيُّ(ص) أَ لَا رَجُلٌ يَقْتُلُه...»[مناقب ابن شهر آشوب/ج3/ص187]
  • وهذا الرجل أصبح رئيس الخوارج بعد ذلك. واللطيف أن هذا الرجل نفسه اعترض على رسول الله(ص) وقال له: لم أرك عدلت! «وَ لَمَّا قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ ص غَنَائِمَ حُنَیْنٍ...؛ إرشاد المفید/ج1/ص148»

إن اختار الإمام الحجة(عج) صديقَك دونك، فإياك أن يكون موقفك مشابها لموقف قابيل!

  • إيها الإخوة! أنتم في سباق بين أنفسكم. فإن اختار الإمام الحجة(عج) صديقك دونك، فإياك أن يكون موقفك مشابها لما ارتكبه قابيل! إن قابيل لم يتحمّل النتيجة في مسابقة التقرّب ولم يكن يتحمّل الهزيمة أمام أخيه. فقتل أخاه.
  • يجب أن يتربّى الناس على تقبّل الفوز والهزيمة من الروضات والمدارس التمهيدية. يجب أن نتمرّن على ذلك في ألعاب الدنيا، لكي لا نهزم في لعبة التقرّب. إن هذا ليس استنباطا من عندي وإنما جاء في كتاب أميرالمؤمنين(ع) إلى معاوية حيث قال له: «أَلَا تَرَى غَیْرَ مُخْبِرٍ لَكَ ... وَ مِنَّا النَّبِيُّ وَ مِنْکُمُ الْمُکَذِّبُ وَ مِنَّا أَسَدُ اللَّهِ وَ مِنْکُمْ أَسَدُ الْأَحْلَافِ وَ مِنَّا سَیِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَ مِنْکُمْ صِبْیَةُ النَّارِ وَ مِنَّا خَیْرُ نِسَاءِ الْعَالَمِینَ وَ مِنْکُمْ حَمَّالَةُ الْحَطَبِ‏.. فَنَحْنُ مَرَّةً أَوْلَى بِالْقَرَابَةِ وَ تَارَةً أَوْلَى بِالطَّاعَةِ؛ نهج البلاغه/الكتاب 28؛ و نَحْنُ آلُ إِبْرَاهِیمَ الْمَحْسُودُونَ وَ أَنْتَ الْحَاسِدُ لَنَا... وَ مِنْ قَبْلِ ذَلِكَ ابْنُ آدَمَ قَابِیلُ‏ قَتَلَ‏ هَابِیلَ‏ حَسَداً فَکَانَ مِنَ الْخَاسِرِینَ؛ الغارات/1/118». يجب أن نحظى بروح تحمّل الهزيمة. فإن وجدتم امرءً فائزا فتواضعوا له.

إن للناس انطباعا سلبيا تجاه السابقين/ قالت الزهراء: لا تخافوا من عليّ، فإنه يفرض الجوع على نفسه ولكنه يُشبعكم

  • فلندع باقي الموضوع. لأذكر باقيه على سبيل الرثاء وذكر المصيبة. بودّي أن أنبّه أولئك الذين هم ليسوا من أهل السباق ولكنهم يخشون السابقين ويخافون منهم. أتعلمون ماذا قالت فاطمة الزهراء(س) لأهل المدينة؟ قالت: لماذا تخشون عليّا؟ فإنه سوف لا يشدّد عليكم. هذه رسالة فاطمة الزهراء(س). قالت: إنه سيأخذ حصة قليلا من دنياكم ولكنه يشبعكم. «مَا نَقَمُوا مِنْ أَبِي حَسَنٍ؟... وَ اللَّه‏ لَوْ تَکَافُّوا عَنْ زِمَامٍ نَبَذَهُ رَسُولُ اللَّهِ(ص) لَاعْتَلَقَهُ وَ لَسَارَ بِهِمْ سَیْراً سُجُحاً لَا یَکْلُمُ خِشَاشُهُ وَ لَا یُتَعْتَعُ رَاکِبُهُ وَ لَأَوْرَدَهُمْ مَنْهَلًا نَمِیراً فَضْفَاضاً تَطْفَحُ ضِفَّتَاهُ وَ لَأَصْدَرَهُمْ بِطَاناً قَدْ تَخَیَّرَ لَهُمُ الرَّیَّ غَیْرَ مُتَحَلٍّ مِنْهُ بِطَائِلٍ إِلَّا بِغَمْرِ الْمَاءِ وَ رَدْعِهِ سَوْرَةَ السَّاغِب‏؛ معاني‌الأخبار/355 و کشف الغمة/1/ 493».
  • يا أيها الذين تخشون عليّا(ع) لا تخشوه، فإنه يفرض الجوع على نفسه، ولكنه يشبعكم. هذه كلمات الزهراء(س). لأن للناس انطباعا سلبيا تجاه السابقين. يرون تضحيتهم وغمراتهم فيخشونهم.

كان «السابقون» قلّة قليلة في المدينة

  • في تلك الساعة حيث أرجعت فاطمة(س) عليا(ع) من المسجد. قال أمير المؤمنين(ع): «لَوْ کَانَ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ عَمِّي حَمْزَةُ وَ أَخِي جَعْفَرٌ لَمْ أُبَایِعْ کَرْهاً؛ کشف المحجة/249». وقال في وقت آخر لو كان لي أربعون رجلا لما جرى ما جرى. «وَ لَوْ کُنْتُ اسْتَمْکَنْتُ مِنَ الْأَرْبَعِینَ رَجُلًا لَفَرَّقْتُ جَمَاعَتَکُمْ وَ لَکِنْ لَعَنَ اللَّهُ أَقْوَاماً بَایَعُونِي ثُمَّ خَذَلُونِي‏؛ الاحتجاج للطبرسي/1/83» و «وَ لَوْ کُنْتُ وَجَدْتُ یَوْمَ بُویِعَ أَخُو تَیْمٍ أَرْبَعِینَ رَجُلًا مُطِیعِینَ لِي لَجَاهَدْتُهُمْ فِي اللَّهِ؛ الاحتجاج / 1 /191»
  • یا أبناء الفاطمية! هل تبكون في أيام محرّم أكثر أم في أيام الفاطمية؟ فإن لكل موسم بطبيعة الحال مصائب خاصّة به تخطف القلوب. غير أن كربلاء كانت أهون بكثير، إذ قد وجد الإمام الحسين 72 ناصرا. ولكن كانت فاطمة الزهراء(س) بنت رسول الله(س) تطرق في الليل أبواب المهاجرين والأنصار ولم يلبّ نداءها إلا ثلاثة أو أربعة. كان السابقون قلة قليلة في المدينة. والكل قد رضي بالقليل.

أي مصيبة جعلت الزهراء تتمنى الموت؟

  • أقرأ عليكم مصيبة مفجعة جدّا. لقد أفجعت هذه المصيبة قلب الزهراء(س) بحيث رجعت بعدها إلى بيتها منكسرة وقالت لعلي: «لَیْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هُنَیْئَتِي وَ دُونَ ذِلَّتِي‏؛ الاحتجاج/1/107». ما هذه المصيبة؟ لقد ناشدت أمكم الزهراء(س) المسلمين في المسجد أن أعينوني وانصروني. ولكن الناس لم يستجيبوا لها. نحن لا نتوقّع من مغيرة شيئا، ولكن يا أهل المدينة اللؤماء، لماذا لم تجيبوا واعية الزهراء؟!

ألا لعنة الله على القوم الظالمين

 

تعليق