الطريق الوحيد معالم الأسرة الصالحة رحلة الأربعين تعرف علینا بقلم استاذ البريد الكتروني فیسبوک تويتر انستقرام تلغرام

جديدنا

۹۵/۰۷/۱۲ چاپ
 
بقلم سماحة الشيخ بناهيان بمناسبة حلول العشرة الأولى من المحرّم

لماذا تبدأ إقامة العزاء على الإمام الحسين(ع) من أوّل محرّم؟

بسم الله الرحمن الرحيم

الغدير محلّ تجسيد الولاية العظمى

1ـ لعل ذلك بسبب قول الإمام الرضا(ع) حيث قال: «كَانَ‏ أَبِي‏ إِذَا دَخَلَ‏ شَهْرُ الْمُحَرَّمِ لَا يُرَى ضَاحِكاً وَ كَانَتِ الْكَآبَةُ تَغْلِبُ عَلَيْهِ حَتَّى يَمْضِيَ مِنْهُ عَشَرَةُ أَيَّام فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْعَاشِرِ كَانَ ذَلِكَ الْيَوْمُ يَوْمَ مُصِيبَتِهِ وَ حُزْنِهِ وَ بُكَائِه‏» [الأمالي للصدوق/ص128] وفي رواية مشهورة أخرى عندما دخل ابن شبيب على الإمام الرضا(ع) في أول يوم من المحرّم أخذ الإمام يذكر مصائب استشهاد أهل البيت(ع) وسبيهم. «دَخَلْتُ عَلَى الرِّضَا ع فِی أَوَّلِ یَوْمٍ مِنَ الْمُحَرَّمِ..» [الأمالي للصدوق/ص130]

2ـ ولعلّ السبب هو أن يستعدّ مقيمو العزاء قبل عاشوراء بعشر ليالٍ ويمهّدوا أنفسهم للحضور في مصيبة يوم عاشوراء العظمى. إذ بعد مضي أسبوع من إقامة العزاء، يقوى الإنسان على إطاقة مصائب عاشوراء العظمى. يعرف مقيمو العزاء جميعا أن لو كانت تبدأ مجالس العزاء من يوم العاشر كم كانت مصائب هذا اليوم أفجع على القلوب وأثقل من أن تطاق. كل من شعر بالحرارة التي أشار إليها النبي الأكرم(ص) في قوله: «إِنَّ لِقَتْلِ الْحُسَیْنِ حَرَارَةً فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِینَ لَا تَبْرُدُ أَبَداً» [مستدرك الوسائل/ج10/ص318] يعرف أن الدخول في يوم عاشوراء من دون مقدمة وتمهيد أمر عسير جدّا.

3ـ ومن جانب آخر قد تكون الأيام العشرة من إقامة العزاء قبل يوم العاشر لبعض الناس دورة للتوجه والاستعداد للبكاء والحرقة في يوم عاشوراء. أولي القلوب الغافلة وأولئك الذين قد قلّت مشاعر حبّهم للإمام الحسين(ع) على أثر انشغالهم بتعلقات الدنيا، لديهم فرصة لمدة عشرة أيام لكي يكتسبوا الاستعداد اللازم في مجالس المصائب والعزاء وعبر استماع المواعظ والمعارف الدينية، لكي لا يمرّ عليهم يوم مصيبة أبي عبد الله الحسين(ع) العظمى وهم غافلون ولا يعيشون مشاعر الحزن والأسى.

4ـ ولعلّ حكمته هي أنّ في الواقع إقامة عزاء الإمام الحسين في العشرة الأولى من المحرّم هي نوع من إعلان الاستعداد للنصرة وليست إقامة عزاء وحسب. وكأن مقيمي العزاء منذ اليوم الأول من المحرّم يلتحقون بفسطاط أبي عبد الله الحسين(ع) بنية نصرته ومن أجل أن لا يتركوا مولاهم الحسين(ع) غريبا. ولذلك مراسم العزاء في عشرة المحرّم مفعمة بأجواء الملحمة وتنزل مواكب العزاء للساحات بعلائم وأدوات الحرب. بينما بعد عصر يوم عاشوراء وليلة الحادي عشر تجد مراسم العزاء يطغى عليها جانب العزاء والحزن والأسى أكثر وحتى ساد العرف أن تنكّس البيارق والأعلام بعد ظهيرة يوم عاشوراء تعبيرا عن استشهاد أبي عبد الله الحسين(ع) ولا تُرفع بعد.

تعليق