ذكرى «يوم التروية»
بناهيان: يا حبّذا لو يحيي أهل الهيئات ذكرى «يوم التروية»/ في هذا اليوم سجّلوا لزيارة الأربعين متزامنا مع انطلاق الإمام الحسين(ع) إلى كربلاء/ إن يوم التروية هو أوّل تجسيد لغربة الحسين(ع)/ ينبغي تبيين خيانة آل سعود للأمة الإسلامية في مراسم يوم التروية
- الزمان: 18/08/2016
- المكان: طهران ـ هيئة الشهداء المجهولين (شهدای گمنام)
في سلسلة محاضرات سماحة الشيخ بناهيان الأسبوعية في موضوع استعراض تحليلي لتاريخ الإسلام في هيئة الشهداء المجهولين وقف سماحته عند مقطع مهم من تاريخ سيد الشهداء(ع) وهو «يوم التروية» واقترح: أن لا يكل الناس مراحل التسجيل لزيارة الأربعين إلى شهر محرّم والأيام المنتهية إلى الأربعين، بل لتسجل الهيئات ويعدّون المقدمات لزيارة الأربعين من يوم التروية؛ أي في نفس اليوم الذي انطلق فيه الإمام الحسين من مكّة إلى كربلاء. فإليكم مقتطفات من محاضرته:
يا حبّذا لو يحيي أهل الهيئات والمواكب ذكرى «يوم التروية»
- من المقاطع المهمة في تاريخ سيد الشهداء(ع) والذي لم يسلّط عليه الأضواء هو «يوم التروية». ينطوي يوم التروية على إشارات ومعان كثيرة. فيا حبّذا لو يحيي أهل الهيئات والمواكب ذكرى هذا اليوم ويعظّمون منطلق سفر أبي عبد الله الحسين(ع) إلى كربلاء.
- ما هو يوم التروية؟ إنه يوم واحد قبل يوم عرفة؛ أي يوم الثامن من ذي الحجة حيث كان الحجاج يدخرون الماء ليوم غد أي يوم وقوفهم في صحراء عرفات وذهابهم إلى المشعر ومنا. فهو يوم ادخار الماء.
إن يوم التروية هو اليوم الذي ترك فيه الإمام الحسين(ع) شعيرة متوجّها إلى كربلاء
- أما ماذا حدث في هذا اليوم؟ في يوم التروية كان الإمام الحسين(ع) حاضرا في مكّة بين الحجاج، ولكنه بدلا من أن يستعدّ للذهاب إلى عرفات مع باقي الحجّاج، اعتمر عمرة الوداع وانطلق نحو كربلاء تاركا مراسم الحج.
- إن حركة الإمام الحسين(ع) في الخروج من صفوف الحجاج والذهاب نحو كربلاء وكذلك موقف الحجاج في خذلان الإمام الحسين(ع) في تلك السنة الدّامية طلبا للراحة والعافية، لمواقف معبّرة جدّا. إن هؤلاء الناس الذين لم يتأسوا بالإمام الحسين(ع) فإنهم في الواقع قد مهّدوا لقتل الإمام الحسين(ع) من حيث يشعرون أم لا يشعرون، وثانيا مهّدوا لهلاكهم في مختلف المجالات والعرصات.
إن يوم التروية ينادي بأفضلية الجهاد على العبادة الخالية من المخاطر/ فلنحيي ذكرى هذا اليوم
- ينبغي لنا أن نتلقّى إشارات هذا اليوم العظيمة، ولا سيّما في هذا العام الذي قد غلقت فيه أبواب الحجّ على الكثير من الحجّاج المسلمين. بإمكاننا أن نبيّن الفارق الكبير بين العبادة الحقيقية والعبادة المزيّفة التي تنأى بصاحبها عن خوض الغمرات. إن يوم التروية الذي هو يوم تجلّي غربة الإمام الحسين(ع) ينادي بأفضلية الجهاد على العبادة الخالية من المخاطر. ويل لأمة تركت إمامها في ساحة الصراع مع العدوّ وانشغلت بالعبادة.
- أتذكر أنه كان لهذا اليوم موقع في الأشعار والقصائد القديمة، فكما هو يوم متّصف بالحماس والملحمة كذلك يعبّر عن بداية المصائب والرزايا على أهل البيت(ع) وقد تزامن مع أيام استشهاد مسلم بن عقيل واستشهاد الإمام الباقر(ع). فلابد أن نحيي ذكرى يوم التروية ونبكي دما على هذه اللحظة من غربة الإمام الحسين(ع). وليجسّد الرواديد والشعراء الحسينيون ملحمة من حكاية غربة الإمام الحسين(ع) في هذا اليوم.
ولنسجّل ليوم الأربعين من يوم التروية متزامنا مع انطلاق الإمام الحسين(ع) إلى كربلاء
- يا حبّذا لو لم يكل الناس مراحل التسجيل لزيارة الأربعين إلى شهر محرّم والأيام المنتهية إلى الأربعين، بل ليسجلوا في الهيئات ويعدّون المقدمات لزيارة الأربعين من يوم التروية؛ أي في نفس اليوم الذي انطلق فيه الإمام الحسين من مكّة إلى كربلاء. فنحن نريد أن نسجّل لزيارة الكربلاء في نفس الوقت. فهذا نوع من مواكبة ركب الحسين(ع).
- لابدّ من إحياء ذكرى هذا اليوم فلا تقتصر غربة الإمام الحسين(ع) على يوم عاشوراء وحسب، بل قد اغترب في يوم التروية. إذ عندما انطلق لم يشايعه إلا قليل أما باقي الناس فكانوا مشغولين بشؤونهم وقضاياهم.
إن يوم التروية أول مظهر لغربة الحسين(ع)
- تبدأ مصائب الحسين(ع) من يوم التروية. فلو كان الإمام الحسين(ع) يبقى في مكّة لقتلوه اغتيالا. لذلك غادر مكّة وانطلق إلى كربلاء. طبعا إنه قد قصد الكوفة في بداية الأمر، ولكن لم يسمح له بإكمال المسير إلى الكوفة وفي الواقع منذ هذا اليوم بدأت أيام تشرّد الإمام(ع) وحرمه.
- فلتكن في أذهانكم هذا الاستعداد ليوم التروية واستعدّوا لإقامة مراسيم خاصّة بهذا اليوم. لا بأس في أن تقيم الهيئات والمواكب مجلسا ليوم التروية ويحيوا ذكرى أول مظهر لغربة الحسين(ع) بمراسيم خاصّة.
ينبغي تبيين خيانة آل سعود للأمة الإسلامية في مراسم يوم التروية
- إن حضور المؤمنين الذين حرموا من الحج في هذا العام وكذلك حضور عوائل شهداء منا في هذه المجالس يعطي رسالة معبّرة جدّا. لابدّ أن نصرخ في مراسم يوم التروية لظلامة حرم الحسين(ع) الذين أخرجوا من الحرم ونتذكر خيانة آل سعود للأمة الإسلاميّة. رحم الله إمامنا الراحل الذي كان يقول: يجب على الناس أن يذكروا ويستنكروا جرائم آل سعود في مجالس المحرّم. «إنه لعار على جميع مسلمي العالم وهو أن تهتك بهذا الشكل حرمة مكّة؛ هذه البقعة المقدسة الإلهية والبلد الذي فيه أقدس المقامات الإلهية ثم يجلس المسلمون متفرجين. إن المسلمين يعرفون تكليفهم. فلابدّ من إحياء هذه القضية. يجب عل جميع أصحاب المنابر والوعّاظ والرواديد وجميع المواكب في شهر المحرّم أن يجعلوا هذه القضية على رأس الأمور.» [صحيفة الإمام(الفارسية)/ج20/ص369] و «ويجب في القصائد وأشعار المدح والرثاء لأئمة الحق عليهم السلام أن تذكر جرائم ومظالم ظالمي كل عصر ومصر بكلّ قوّة، وفي هذا العصر الذي هو عصر مظلومية العالم الإسلامي على يد أمريكا والاتحاد السوفيتي وأتباعهم من قبيل آل سعود هؤلاء الخونة لحرم الله العظيم ـ لعنة الله وملائكته ورسله عليهم ـ [يجب أن تذكر جرائمهم] بقوّة ويذكروا باللعن.» [صحيفة الإمام/ج21/ص400]