الطريق الوحيد معالم الأسرة الصالحة رحلة الأربعين تعرف علینا بقلم استاذ البريد الكتروني فیسبوک تويتر انستقرام تلغرام

جديدنا

۰۲/۰۳/۲۸ چاپ
 

هدف الإنسان يُكتشَف، ولا يُختار..

  • انتاج:  موسسة البیان المعنوي
  • المدة: 06:29 دقیقة

النص:

ما لم يكن للناس في حياتهم أنموذج فإنّهم لا يسعون لبلوغ غايةٍ ما، هم لا يبدؤون طريقهم بالتعلُّم والتجربة، فما من حركة أو طريق في الحياة إلّا ويبدؤونه بحالة من الاضطراب. ما معنى الاضطراب؟ يعني أنّهم يستشعرون شيئًا في أعماقهم فيفتّشون عنه. ثمّة شيء ضبابيّ نملكه ولا نعلم ما هو، ولا ندري ما بنا، فنفتّش عنه حتى نعثر عليه. وهكذا أيضًا هو الهدف الذي يريد البشر اختياره لأنفسهم؛ يفكّرون دومًا في أنه: ما هو الهدف الأفضل لي؟ لديهم أنموذج لهذا الهدف. هدف إنْ بلَغتَه قُلتَ له: "إنّك سُكونُ قلبي المضطرب!" إذًا بدلًا من أن نحاول اختيار هدف حياتنا علينا العثور على هذا الهدف في داخلنا، علينا نحن أن نكتشف.. ما هو هدفُنا؟ وليس: ماذا سيكون؟ إنّ في أعماقنا أنموذجًا لاختيار الهدف، فإنّ الله لم يخلقنا من دون هدف أبدًا. اختيار الهدف - إذًا - ليس في أيدينا، إنّ هدف حياتنا مُختار مُسبَقًا. من المعلوم لأيّ شيء خُلِقنا؛ (يا أَيُّها الإنسانُ إِنَّكَ كادِحٌ إِلى رَبِّكَ كَدحًا فَمُلاقيه‏) [الانشقاق/ الآية6]؛ إنك في النهاية ستلاقي الله، وستعاني في هذا الطريق. إنه ليس بسيطًا، بل معقَّد، فيه صعاب، أنا الذي خلقتُك هكذا، إن لم يُعجبك فاذهب حيث شئت! إنه الهدف الوحيد اللائق بالإنسان أمّا باقي الأهداف فلا، لا أقصد ضحلة، كلا، بل متعذِّرة، واضح؟ متعذِّرة.. لا تتحقّق.. ليست المسألة أنْ يُقال: "حذارِ من اختيار هدف آخر"، كلا يا سيّدي، لا تستطيع اختيارَه، لا يصبح هدفًا لك.. لا يُلهِب أعماقَك.. وهكذا نحن.. وهذا المراد من الآية: (فِطْرَتَ اللهِ الَّتي‏ فَطرَ النّاسَ عَلَيْها)، إنّنا خُلِقنا بطريقة تجعلنا نطالب بهذا تحديدًا. أيُّ اختيارٍ للهدف هذا الذي عند أمير المؤمنين علي(ع)؟! حقًّا إنّ الإنسان ليَقِف حائرًا. أيّ ارتباط كان لأمير المؤمنين(ع) بهدفه؟! أهو التقرّب؟ حيث يقول أبو عبد الله الحسين(ع): «ما دخلتُ على أبي‏ قطّ إلّا وجدْتُه باكيًا». يا سيدي!.. ما الذي تصنعه بهذا الهدف؟! وما الذي يصنعه هو بك؟! نحن نعرف إجمالًا أنّ هذا الهدف هو الله، ولا بدّ إنّه التقرّب وأمثاله. ليس لدينا معرفةُ أمير المؤمنين(ع) لكنّنا لا نستطيع أبدًا أن نستوعب بكاءك الدائمي!.. الدائمي!! تنتحب كلّ هذا الانتحاب كل ليلة! ما الذي صنَعَه هذا الهدف بك؟! قل، ولو مرّة، لهذا الهدف أن يصنع بي شيئًا أنا أيضًا!.. لماذا أنا ميت إلى هذا الحدّ؟! "نوف" أيضًا قال ذلك.. قال: «رأيتُ أميرَ المؤمنين(ع) مُوَلِّيًا مُبادِرًا» مُنقَلِب الحال!.. «فقلتُ: أينَ تُريدُ يا مولاي؟» لاحظ عبارة الإمام(ع): «إنَّ آمالي تقدِّمُني في المحبوب»؛ أذهبُ لآمالي. فديتُك سيّدي!.. ما أروعَ آمالَك! نوف: «يا مولاي، وما آمالُك؟» هو يعرفُها إجمالًا، يريدُ التفاصيل. أتدري ماذا قال أمير المؤمنين(ع)؟ أيّ عصمة وطهارة! أيّ أُبَّهَة وعَظَمة! «قال: قد عَلِمَها المأمولُ واستغنيتُ عن تبيينها لغيره» يكفي عِلمُ مَن يجب أن يَعلَم بها. لم يبُح بها! أريد مناجاتَه هو! طيّب، إنّ لك آمالًا حسنٌ، اذهب الآن واسترح، فالله يعرفُك، وإنّك تحبّه، وهو أيضًا يحبّك،... فلماذا البكاء؟!.. إنّ بينكما علاقة!.. أمرٌ مُحيِّر!.. وعندما لا نَفهَم أميرَ المؤمنين(ع) فهذا يعني أننا لم نتفاعل مع هذا الهدف بعد! وأنّه لم يُلهِب أعماقنا.. يجب أن نهدأ.. لعلّه مثل ماء الحوض إذا سَكَن فيُرى الغبار المترسب في قعر الحوض. ربّما.. يا أيّها الهدف... اجتذبنا.. واقتُلنا.. و.. بل عرِّفنا بنفسك.. اختيار الهدف - إذًا - ليس في أيدينا، إنّ هدف حياتنا مُختار مسبقًا؛ (يا أَيُّها الإنسانُ إِنَّكَ كادِحٌ إِلى رَبِّكَ كَدحًا فَمُلاقيه‏) [الانشقاق/ الآية6]؛ إنك في النهاية ستلاقي الله. وهكذا نحن.. إننا خُلِقنا بطريقة تجعلنا نطالب بهذا تحديدًا. ليست المسألة أنْ يُقال: "حذار من اختيار هدف آخر"، كلا يا سيدي، لا تستطيع اختياره، لا يصبح هدفًا لك.. لا يُلهِب أعماقَك..

تعليق