لماذا فشلَتْ دولة أمير المؤمنين(ع)؟!...
- انتاج: موسسة البیان المعنوي
المدة: 16:10 دقیقة
16:10 دقیقة | تنزیل بجودة ( رديئة(30MB) | عالیة(270MB) )
- مشاهدة في: یوتیوب
النص:
أمير المؤمنين عليّ(ع) الذي استمرّتْ خلافتُه خمس سنوات لماذا في نهاية هذه السنوات الخمس، بل الأربع، من خلافته، ومن دولته انتهى حُكمه – بحسب الظاهر – إلى الفشل؟! لماذا فشلَت دولة أمير المؤمنين(ع)؟ ألَم يُقِم أمير المؤمنين عليّ(ع) أرقى حُكمٍ عادل؟ أوَتكون عاقبة دولة العدل أنْ تسقط بيد الحُكّام الظَّلَمة؟ ألم يكُن عدلُ أمير المؤمنين(ع) لصالح عامّة الشعب؟ أم ماذا؟ إذن أين كان عامّة الشعب من نصرة عليٍّ عليه آلاف التحيّة والثناء؟! لا تمُرّ على القضيّة مرورَ الكرام.. - كان الإعلام المعادي لأمير المؤمنين(ع) مكثّفًا! - كلّا، أبدًا، هذا من الأجوبة الخاطئة. الإعلام آنذاك لم يكن بالأقمار الصناعيّة، والإذاعة، والتلفزة، وطباعة الكتب، و... أداة الإعلام في ذلك الزمان كانت الخطابة وكانت في حوزة عليّ بن أبي طالب(ع) فأين خطابة معاوية من خطابة أمير المؤمنين(ع)؟! إذن إعلام أمير المؤمنين(ع) كان الأقوى إنْ قلتَ: كانت إمكانيّات الأعداء المالية أضخم أقول: بل كانت إمكانيّات معاوية أضعف من أمير المؤمنين(ع) فقد كان خَراج دولة الإسلام كلّه بيد عليّ(ع) ولم يكن لمعاوية غيرُ الشام صحيح أنّ الشام كانت أكبر وأغنَى لكن واضح أنّ ميزانيّة عليّ(ع) كانت أضخم إن قلتَ: كانت قوّة معاوية العسكريّة أكبر! قلتُ: بل قوّة عليّ(ع) كانت الأكبر لأنّ أمصارًا أكثر تحت سلطته لا تقل: كان الناس بلا دين! وهل شعب معاوية كان له دين؟! فمن أجل ماذا نصروه أفضلَ من النصرة التي بَخِل بها أصحاب عليّ عليه(ع)؟! بل لم ينصروه! أنا أرفض قولك: إنّ الناس لم يكن لهم دين. أي جزء من الدين كان ينقصهم؟ وما كان دين شعب معاوية حتّى نصروه أحسن نصرة؟ لا تقل: لم يكونوا ولائيّين ما معنى الولائيّة؟ أما عَلِموا أنّ عليًّا(ع) هو اللائق بالخلافة؟ بلى، عَلِموا أما عَلِم أصحاب معاوية.. أنّه لا يليق للخلافة؟ بلى، عَلِموا - شعب عليّ(ع) لم يكونوا ولائيّين - أجل، لم يكونوا شيعةً حقيقيّين لكن هل كان شعب معاوية شيعةً حقيقيّين له؟ ثمّ كيف يستطيع معاوية أن يصنع شيعة لنفسه ولا يستطيع أمير المؤمنين(ع) ذلك؟! وكيف يا ترى يُصنع الشيعة؟ عن هذا أجبني! الإمام عليّ(ع) عاش بين أولئك الناس أنفسهم وقد شاهدوا حياة زُهده وحين أراد(ع) مغادرة البصرة أشار إلى صُرّة صغيرة قائلًا: "لم آخذ من بيت مالكم سوى هذا" والكلّ كان يعلم أنّه صادق قال: هذا المال لمتاع طريقي «وَاللهِ ما هِيَ إِلّا مِن غَلَّتي بِالمَدينَةِ» "أمير المؤمنين" هذا ألا يُحَبّ؟! - كان بُغضُ عليّ(ع) يملأ صدورهم! - يا رجل، هذا البغض كان في المدينة وفي قريش الذين قَتلَ أميرُ المؤمنين(ع) أرحامَهم الأنصار لِمَ كان موقفهم سلبيًّا معه(ع)؟ سلبيّ؟! أحقًّا كانوا سلبيّين؟ الأنصار لِمَ كانوا سلبيّين؟ قريش كانوا سلبيّين.. الأنصار لَم يَقتُل الإمامُ(ع) منهم أحدًا! فلماذا خذلوا عليًّا(ع)؟! تفضّلوا بالجواب ولِجَعْل السؤال أمتن نمُرّ على البحث من جديد بصورة أخرى إنّه أمير المؤمنين(ع) الذي يقول: «لَوَدِدتُ وَاللهِ أَنَّ مُعاوِيَةَ... فَأَخَذَ مِنّي عَشَرَةَ مِنكُم وَأَعطاني رَجُلًا مِنهُم» لماذا؟!.. لماذا؟!.. أين تعلّم جُندُ معاوية كلّ هذه الطاعة؟! لنُرسِل عَسكَر عليّ(ع) لنفس الدورة التدريبيّة؟! أمير المؤمنين(ع) كان يصيح في رجاله: «يا أَشباهَ الرِّجالِ وَلا رِجالَ» لِمَ لم يواجه معاوية مثل هذه المشاكل؟ إن قلتَ: "ما كانوا يحبّون عليًّا(ع)" فهذا مردود أفَهَل كان الناس يحبّون معاوية؟! إن قلتَ: لَم يُطيقوا صبرًا لأنّ أمير المؤمنين(ع) قال: «لا يَحمِلُ هَذا العَلَمَ إِلّا أَهلُ البَصَرِ وَالصَّبر» لقلتُ: عذرًا، يتكبّد أصحاب معاوية في الحرب سبعينَ ألف قتيل، فيصبرون! ولا يتكبّد أصحاب عليّ(ع) سوى ثلاثين ألف قتيل فلا يصبرون!! صحيح؟! ذاك يقدّمُ قتلى أكثر فيصمُد أصحابه، وهنا يقدّم عليّ(ع) ثلاثين ألفًا أي أقلّ من النصف بكثير فيقال: وا ويلاه، يا للجزع! قُتِل الجميع عَسكر معاوية لِمَ لم يقل هذا؟! إنْ أرَدتَ حَلّ القضيّة بمجرّد قول: "تبًّا" لأعداء عليّ(ع) وخاذليه، فلنُنهي النقاش! لا يمكن الإجابة على السؤال بسهولة! إن قلتَ: "كانوا عديمي البصيرة" قلتُ: عديمو البصيرة بماذا؟ لا بدّ أنّ أصحاب معاوية كانوا ثاقبي البصيرة!! لا أقول: كان أصحاب عليّ(ع) عديمي البصيرة قصدي: لا تُطلق قولَك اعتباطًا، قُل: بماذا كانوا عديمي البصيرة؟ كانوا يعرفون أنّ عليًّا(ع) عادل، زاهد، مجاهد، مُخلص، عالِم، حكيم، نقيّ السريرة، هل من شيء آخر لا يعرفونه؟! إذن لِمَ فشلَتْ دولة أمير المؤمنين(ع)؟ فلنقترب قليلًا من الجواب.. المشكلة هي قولُهم لعليّ بن أبي طالب(ع): "إنّك لا تُحسن السياسة والحُكم!" واللافت - استنادًا إلى القرآن - أنّهم قالوا هذا للنبيّ(ص) أيضًا! فقد ذُكر في القرآن أنّهم قالوا في رسول الله(ص): إنّه ساذج، إنّه – والعياذ بالله – سريع التصديق! إنّه أُذُن! يُمكن خداعه بسهولة! كانوا يعملون أمورًا بلا علم النبيّ(ص) فقال أحدهم: ماذا لو علم النبيّ(ص)؟! - وليَعلم، سنقول له: لا والله، لم نفعل! وسيَقنع.. وكان رسول الله(ص) يقنع فعلًا! - وكيف هذا؟! لا تقل هذا، إنّك تشكّك بتدبير النبيّ(ص)! - يا هذا، آنذاك هم مَن شكّك والله قد أقَرّ ذلك قال: أنْ يكون النبيّ(ص) أُذُنًا ويصدّق كلامكم برحابة صدر، فهو «خَير لكم» - لكن لا يمكن إدارة الحُكم هكذا! - فعلًا لم يمكن! - أخشى أنّ أمير المؤمنين(ع) تعاملَ بهذه المروءة أيضًا؟! (نحن نقترب من الإجابة) - أجل! كان أمير المؤمنين(ع) يتساءل: لماذا أصحاب معاوية يُحسنون العمل له وأنتم لا تُحسنون العمل لي؟! لماذا هم يطيعون الإمام الباطل وأنتم لا تطيعون الإمام الحقّ؟!* حبيبي يا عليّ، لماذا تطرح هذه الأسئلة، بصوت عالٍ؟! وقد سجَّلها التاريخ فوصلتنا؟! كأنّه(ع) يخبرنا: دقّقوا، الجواب في السؤال نفسه لماذا هم يطيعون إمامهم الباطل، وأنتم تعصون إمامكم الحقّ؟! يعني.. أنّ في الإمام الحقّ.. في الوليّ الحقّ سِرّ يجعل الناس لا يطيعونه لكنّ في الإمام الباطل.. مرَض يُرغِم الرعيّة على الطاعة مرَضُ الإمام الباطل هو أنّه لا يحترم رعيّته، بل يتحكّم فيهم إنّه لا يفوّض أمر الحُكم لشعور الرعيّة بالمسؤوليّة أمّا عليّ بن أبي طالب(ع) فينتظر ليرى: أيشعُر الناس هم بمسؤوليّتهم فيتحرّكوا؟ عذرًا! استنادًا إلى بعض مبادئ الإدارة، بعض، بعض مبادئ الإدارة التي يحملها البعض في أذهانهم أجل، نهجُ حُكم أمير المؤمنين(ع) لم يكن صحيحًا!! وكانوا يقولون ذلك له(ع) وكان(ع) يقول: هذا غير صحيح؛ «إِنّي لَعالِمٌ بِما يُصلِحُكُم» لكنّي لا أُصلحكم بالسيف لقد ربّيتُكم كعيالي! - يا علي، هذا لا ينفع! لا ينفع، اِضربهم! الإمام(ع) نفسُه قال: «مُعاوِيَةُ يَدعُو الجُفاةَ الطَّغامَ (الرِعاع) فَيَتَّبِعونَه عَلى غَيرِ مَعونَةٍ» بلا عطاء يعطيهم وَأَنا أَدعوكُم وَأَنتُم تَريكَةُ الإِسلامِ وَبَقِيَّةُ النّاسِ إِلى المَعونَةِ أَو طائِفَةٍ مِنَ العَطاءِ فَتَفَرَّقُونَ عَنّي»!! وأنتم قوم مُوَقَّرون! ماذا يقول أمير المؤمنين(ع)؟ يقول: "معاوية يجنّد رعاع الناس وسفلتهم، ولا يعطيهم مالًا، فيهرولون إليه وأنا أستعين بشرفاء الناس، وأعطيهم المال فلا يتّبعونني! تأمّلوا قليلًا في الأمر.. لماذا؟! تأمّلوا قليلًا فيه يا حبيبي يا عليّ، فديتك بنفسي القضيّة أنّك تحترم الطرف المقابل وتعُدُّه آدميًّا، فيمكنه أن لا يطيع يتقاعس ولا يطيعك ومعاوية يستعبِد شعبه، يخوّفهم لا يأبى تجنيد الرِّعاع والغوغائيّين لكنّك يا عليّ لا تجنّد الرِّعاع والسِّفلة إنّ كلّ مَن يصبح جنديّك يغدو تلقائيًّا "سيّدًا"! قال رجل من المحيطين بمعاوية له: أتدري لماذا سياستك ناجحة وسياسة عليّ لا؟ لا إله إلا الله!.. لأنّك تعامل الناس هكذا: صنعتَ بأفراد شعبك ما جعلهم إذا تكلّمتَ سكَتوا.. لا يجرؤ أحدٌ على الكلام وإذا صمَتَّ سكَتوا أيضًا وإن سألتَ سكتوا، وإن أجبتَ سكتوا.. لا تأذن لأحد بالنطق! إنّك دكتاتور! الطواغيت ناجحون.. مقارنةً بالأولياء أمّا الإمام عليّ(ع) فكان إذا تكلّم، تكلّموا وإذا سكتَ تكلّموا، وإذا أجاب تكلّموا!** مرّةً قالت له امرأة (ما معناه): "يا علي، إنّك لا تُحسن الحُكم" عذرًا.. عذرًا إن قلتُ هذا! ألا تريد معرفة قوم علي(ع)؟ "إنّك تجزع وتوَلول عند البليّة"!!*** ما هذا؟! هل يصفعكِ على وجهِكِ؟! كيف يتصرّف معكِ؟! إنّه كالأب، كالأمّ، يَعِظُك، يُشفق عليك، يريدك أن "تكون أنت!" أتدرون ما قال الخوارج لعليّ(ع)؟ قالوا: "لا نحبّ طريقة حُكمك، نريد حاكمًا كالخليفة الثاني، «لَم تأخُذهُ في الله لَومَةُ لائم»! هذا ما نريده!" ما قصّة الخوارج باختصار؟ مشكلتهم كانت نهجَ عليّ(ع) في الحُكم!! يقولون: "عامِلْنا بتعسّف لنطيعك! لماذا لا تتعسّف معنا؟!" الإمام الصادق(ع) هو أستاذنا يقول: «..أنّ إِمارةَ بني أُمَيَّة كانت بالسيفِ...، وأنّ إمارَتَنا بالرِّفقِ والتألّف...» وليّ الأمّة ليس دكتاتورًا أربعون عامًا وبعض الخبثاء في بلدنا يعرّف الوليّ (الفقيه) بالدكتاتور! ثم يأتي التُعَساء فيصوّرون الديمقراطيّةَ الغربيّةَ بأنّها المُحترِم لشأن الجماهير واستقلاليّتها!! إذن منذ البداية قُدِّمَت الولاية بشكل خاطئ فوقعتْ في مثل هذا الخطأ الجسيم جماعةٌ من مُثَقّفينا تقول: "الولاية"، فيقول: "وهل نحن أيتام وقُصَّر لتكون علينا قَيِّمًا؟! - أوَتفهم ما معنى الوليّ؟! الوليّ هو الذي يجعل للناس الكرامة والاستقلاليّة والعزّة الوليّ هو الحافظ لاستقلاليّة الناس وعزّتهم وكرامتهم الوليّ هو الذي يرفع مستوى استقلاليّة الناس وعزّتهم الوليّ هو الذي يذود عن استقلاليّة الجماهير وعزّتها ولو بثمن روحه وتصفيته جسديًّا! إنّ في الوليّ الحقّ سِرّ يجعل الناس لا يطيعونه لكنّ في الإمام الباطل.. مرَض يُرغِم الرعيّة على الطاعة مرَضُ الإمام الباطل هو أنّه لا يحترم رعيّته، بل يتحكّم فيهم إنّه لا يفوّض أمر الحُكم لشعور الرعيّة بالمسؤوليّة أمّا عليّ بن أبي طالب(ع) فينتظر ليرى: أيشعُر الناس هم بمسؤوليّتهم فيتحرّكوا؟ * أمير المؤمنين(ع): «صاحِبُكُم يُطيعُ اللهَ وَأَنتُم تَعصونَهُ، وَصاحِبُ أَهلِ الشّامِ يَعصي اللهَ وَهُم يُطيعونَه!» (نهج البلاغة/ الخطبة97) ** «وإنّي أُخبرُك، أنّك تقوَى بدون ما يقوَى به عليّ، لأنّ معك قومًا لا يقولون إذا سكَتَّ، ويسكتون إذا نطقتَ، ولا يسألون إذا أَمَرتَ، ومع علِيّ قومٌ يقولون إذا قال، ويسألون إذا سكتَ، فقليلُك خيرٌ من كثيره» (الأخبار الطوال/ ص155)*** «جاءت امرَأةٌ مِن بَني عَبس وعليٌّ(ع) على المنبر، فقالت: يا أمير المؤمنين، ثلاثٌ بَلبَلْنَ القلوبَ. قال: وما هُنَّ؟ قالت: رضاكَ بالقضِيّة، وأخْذُكَ بالدَنِيَّة، وجَزَعُكَ عندَ البَلِيَّة» (الغارات/ ج1/ ص25)