۹۹/۱۲/۰۱
فسيلة الولاء في مناخ الأسرة (المحاضرة5)
ألقى سماحة الشيخ بناهيان في العشرة الأولى من المحرّم في مهدية طهران محاضرات تحت عنوان «فسيلة الولاء في مناخ الأسرة» فإليكم أهمّ المقاطع من محاضرته الخامسة:
-
الزمان: شهر المحرّم 1433
-
المكان: مهديّة طهران
-
A4|A5 :pdf
احترام الوالدين مقدّمة احترام ولي الله
- کثیر من الأحيان ترى الوالدين يغضّون الطرف عن إساءة أدب الأولاد إليهم بل حتى لا ينبّهونهم، وذلك من منطلق شفقتهم وحبّهم. في حين إن هذه الشفقة الغير الصحيحة تترك بصمة أثرها السيئ على الأولاد وتتسبب شيئا فشيئا في انخفاض حرمة الوالدين لدى الأولاد. فمن لا يشعر بحرمة الوالدين، كيف يشعر بحرمة الإمام صاحب الزمان(عج)؟! إنه يسيء إلى والديه الذين ذاق طعم محبّتهم عن كثب، فكيف تريده يحترم إمامًا لم يره؟!
- يجب على الإنسان في بداية الأمر أن يتعلّم كيف يلتزم بالأدب، ومن ثمّ يأتي دور مراعاة الأدب والاحترام مع الإمام صاحب الزمان. الطفل الذي يمدّ رجليه أمام والديه، أو لا يحسن احترامهم بأي نحو كان، فلابدّ من تنبيهه. إنْ تغافل الوالدان عن سوء أدب أولادهم، فلن يفسّر إغماضهم هذا بالمحبّة، بل قد تسبّبوا في الواقع في هلاكهم. خير أسلوب لتنبيه الولد هو أن ينبّهه الأب على احترام أمه، وتنبّهه الأم على احترام أبيه.
سبب غربة أمير المؤمنين(ع) والحسنين(ع)، عدم مراعاة آداب الولاء في الأسرة
- إن مراعاة احترام الوالدين في الأسرة من الأهميّة بمكان، بحيث يمكننا القول بأنّ هذا الأمر هو سبب غربة أمير المؤمنين(ع) والإمام الحسين(ع) واستشهادهما. مشكلة الناس في زمن أمير المؤمنين(ع) والإمام الحسين(ع) هي أنهم لم يكونوا يعرفون آداب احترام الوالدين وقد تسرّبت هذه الظاهرة إلى المجتمعت ثم برزت بشكل الجهل بآداب الولاء.
- في شهر رمضان الذي ضُرِب فيه أمير المؤمنين(ع)، طلب الإمام من الإمام الحسن(ع) أن يرتقي المنبر في المسجد وأن يحمد الله ويثني عليه ويصلّي على رسول الله(ص) وبعد ذلك يقول: «لَعَنَ اللَّهُ وَلَداً عَقَّ أَبَوَیْهِ، لَعَنَ اللَّهُ وَلَداً عَقَّ أَبَوَیْهِ، لَعَنَ اللَّهُ وَلَداً عَقَّ أَبَوَیْهِ» ثم جاء الناس إلى أمير المؤمنين(ع) وسألوه عن مغزى هذه الكلمات. فقال الإمام: «إِنِّي کُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ(ص) فِي صَلَاةٍ صَلَّاهَا فَضَرَبَ بِیَدِهِ الْیُمْنَى إِلَى یَدِيَ الْیُمْنَى فَاجْتَذَبَهَا فَضَمَّهَا إِلَى صَدْرِهِ ضَمّاً شَدِیداً ثُمَّ قَالَ لِي یَا عَلِيُّ قُلْتُ لَبَّیْكَ یَا رَسُولَ اللَّهِ(ص)، قَالَ أَنَا وَ أَنْتَ أَبَوَا هَذِهِ الْأُمَّةِ فَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ عَقَّنَا» [معاني الأخبار/118]
لقد شعر أعداؤنا بأهمية الأسرة منذ فترة
- لقد سبقنا أعداؤنا كثيرا في اكتشاف مدى أهمية الأدب والاحترام في الأسرة. لعله قبل حوالي 15 سنة، أصرّ أعداؤنا عن طريق بعض المؤسسات الدولية على الجمهورية الإسلامية في أن تخصص رقم اتصال سهل وقصير ليشتكي الأولاد عبر هذا الرقم من والديهم! لقد أرادوا أن يستهدفوا عمق عوائلنا ويجعلوا الأولاد خصماء لوالديهم ويجرئوهم على والديهم ومن ثم تتلاشى حرمة الوالدين برمّتها. كان لهم إصرار شديد في أن نعلن هذا الرقم المتعارف الآن في بعض البلدان الغربية، لكي إذا غضب الوالد مثلا، يتصل الولد مباشرة بالشرطة ليفصلوه عن والديه وهكذا تنهار العلاقة بين الوالدين والولد بشكل كامل.
لقد استطاع الصهاينة أن يهيمنوا على شعوب العالم عبر استهداف الأسرة
- في رأيكم كيف استطاع الصهاينة أن يهيمنوا على الشعوب وينهبوا ثروات العالم؟ كيف استطاعوا أن يسلّطوا أقلية لا تتجاوز الـ 1% على الـ 99% من شعوب العالم؟ واللطيف أن الصهاينة الذين يشجّعون الناس جميعا على التحرّر والإباحية والفسق والمجون، ويشيعون الفحشاء عبر شتى وسائلهم الإعلامية، هم ملتزمون ومحافظون على كيان عوائلهم. في سفرتي إلى كندا، زرت منطقة اليهود برفقة بعض الإيرانين المقيمين هناك. فقال رفقاؤنا أن اليهود يهتمون جدّا بالأسرة واحترام الوالدين ويحظون بعوائل رصينة. إذن هم يعرفون جيّدا أنه إذا انهار كيان الأسرة في مجتمع ما، لا يعود التسلّط عليهم أمرًا عسيرًا.
- موضوع الأسرة موضوع سياسي أساسا؛ لا أننا أقحمناه في السياسية، بل إنما هو في ذاته موضوع سياسي واجتماعي. قد يزعم البعض أننا ربطنا موضوعًا أخلاقيًا بالسياسة! ولكنّنا لم نكشف إلا الحقيقة التي صرّح بها أهل البيت(ع). للوالدين ولاية على الولد، وإنما بين يديهما يستطيع الإنسان أن يرقى إلى تولّي الإمام صاحب العصر والزمان(عج).