۹۹/۱۰/۲۲
فسيلة الولاء في مناخ الأسرة (المحاضرة1)
ألقى سماحة الشيخ بناهيان في العشرة الأولى من المحرّم في مهدية طهران محاضرات تحت عنوان «فسيلة الولاء في مناخ الأسرة» فإليكم أهمّ المقاطع من محاضرته الأولى:
-
الزمان: شهر المحرّم 1433
-
المكان: مهديّة طهران
-
A4|A5 :pdf
الأهداف التي نتخذها لحياتنا غالبا ما هي أهداف غامضة/ خصائص الهدف الجيّد
- تارةً تكون أهدافنا في الحياة غامضة غير محدّدة، ومن ثَمّ يصبح مسارنا لنيل الهدف غامضا أيضا. عادةً ما نحن نتخذ من بعض الحسنات والصفات الجيّدة هدفا لأنفسنا، ولكننا في الواقع لا نمتلك هدفا محدّدا يلفت أنظارنا إليه بشكل عميق ويجذبنا إلى نفسه. لقد قال النبيّ الأكرم(ص): «یَا أَبَا ذَرٍّ لِیَکُنْ لَكَ فِي کُلِّ شَیْءٍ نِیَّةٌ صَالِحَةٌ حَتَّى فِي النَّوْمِ وَ الْأَکْل» [وسائل الشيعة/ج1/ص48]. وقد عدّ الله سبحانه الغافلين من الأنعام: (أُولئِکَ کَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولئِکَ هُمُ الْغافِلُونَ) [أعراف/ 179]
- هناك خصائص ينطوي عليها الهدف الجيّد؛ أحدها هي أن يجذب الإنسان إلى نفسه ويثير حرارة في فؤاده. كما يجب على الهدف أن يدفع الإنسان بالطاقة ويحفزّه على الحركة. الهدف الجيّد هو ما بعث البهجة والنشوة في نفس الإنسان. إن كان هدف الإنسان جميلا وجذّابا، تصبح حياة الإنسان برمّتها حياة سرور وانتعاش وستصبح جميع أفعال الإنسان ونشاطاته ممتعة. الهدف الجيّد ينير درب الإنسان ويزوّده بالمنهج. فعند ذلك يعرف الإنسان ماذا يجب أن يفعل في كلّ لحظة ولا تعتريه حيرة أبدا.
ما هو أفضل هدف يمكن للأسرة أن تسعى من أجله؟
- ما هو أفضل هدف يمكن للأسرة أن تسعى من أجله؟ ما هو الهدف الأفضل لتكوين الأسرة؟ وما هو الحافز الأفضل لتربية أولادنا وتوفير لوازم الحياة لهم والتخطيط لتربيتهم وتعليمهم؟ هل يمكن أن يكون «الرشد والصلاح» هدفا مناسبا لنا؟ وأعني من الرشد والصلاح هو أن يستقل أولادنا ويتكئون على أنفسهم وتكون لهم سمعة طيّبة ويعملون أعمالا صالحة ويحصلون على عمل مناسب ومرموق. وهل يصلح أن نجعل ملاكنا وهدفنا أن يُصبح أولادنا من المصلّين؟
الولاء، أفضل هدف للأسرة
- إن كان قد جُمِع الحُسْن والصّلاح كلّه في الإيمان والتديّن كما أفادته غير قليل من الآيات والروايات، وإن كان قد جمعت النواة المركزية للإيمان والتديّن الصالحين في الولاء، إذن فأولى هدف للأسرة منذ تكوينها إلى تربية الأولاد وكذلك رشد الزوجين وتكاملهما في مناخ الأسرة، هو أن «يكون البيت والأسرة محلّا لتربية الولائيّين وموطنا لتعزيز الولاء». فإن كان لدينا هدف كهذا، ستنفتح باقي أبواب الخير علينا تلقائيّا. من كان ولائيّا حسنت أخلاقه بالطبع، وسيكون مصليًا وسيجمع المحاسن كلّها.
- إن اتخذنا الولاء باعتباره هدفَ الأسرة وحافزها الرئيس، سيترك هذا المنحى أثره في اتجاه صلاتنا التي نقيمها وفي اتجاه عملنا لكسب الرزق الحلال. إن كان رجل البيت يبحث عن الرزق الحلال، فلأنه يعلم أن الأكل الحرام يحرم أولاده من الولاء وستكون قلوبهم عصيّة على مصائب الحسين(ع). نحن الآن نتأثر باستماع مصائب الحسين(ع)، أما الذين ملئت بطونهم من الحرام فلم يتأثروا حتى حينما وقف الإمام الحسين(ع) نفسه أمامهم وخاطبهم!
- يجب أن يكون هدف الرجل والمرأة كليهما في مطلع حياتهما الزوجية أن يزدادا ولاءً. ولينظرا أي فائدة يمكن أن يكسباها في مسار الولاء بتكوين الأسرة، ولينظر كلّ واحد منهما في أن الزوج الذي يختاره هل سيعينه في هذا المسار أم لا. فليكن هدفنا أن نصبح ولائيين ومن ثم يصبح أولادنا ولائيين أيضا. يجب أن نسعى لينشأ أولادنا ولائيين ويكونون في خدمة الإمام صاحب العصر والزمان(عج).
ما هي الأسرة الولائية؟
- الأسرة الجيّدة هي تلك الأسرة التي تصبح خير بيئة لتربية أولاد ولائيّين، والتي يزداد فيها الزوجان ولاء وحبًّا للحسين(ع). هذا هو الملاك الرئيس، أما باقي المواضيع من قبيل حسن الخلق فهي فرع له. الولاء ليس واحدًا من المحاسن والإيجابيّات فوقع اختيارنا عليه صدفةً، بل هو في صدر المحاسن كلّها. فلا نقل بأننا نودّ أن نحظى بأسرة حسنة، بل لنقل بأننا نريد أن نعيش في أسرة ولائية.
- الأسرة الولائية أغزر حبّا وعواطفًا من غيرها. وأساسًا بيت الولائيين يختلف عن سائر البيوت، وله صبغة ورائحة مختلفتان. نحن نهوى دارًا وأسرة بمثابة خيمة أهل البيت وحرمهم. فقد روي عن الإمام الصادق(ع) أنه قال: «أَلَا وَ إِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ إِمَاماً وَ إِمَامُ الْأَرْضِ أَرْضٌ تَسْكُنُهَا الشِّيعَةُ» [الكافي/ج8/ص213]
- لقد جاء في مطلع الزيارة الجامعة التي من أكثر زياراتنا اعتبارًا: «السلام علیکم یا أهل بيت النبوّة»! يعني أساسا تمت إدارة ديننا على يد أسرة شريفة! وإن أولياء الله قد بلّغوا الدين وأداروا المسيرة الدينية بطريقة أسرية لا فرديّة. لقد ضحّى أهل البيت(ع) بأنفسهم في سبيل الدين بشكل أسري. ألا تلفتنا هذه الظاهرة المهمّة إلى أهمية الأسرة وقيمتها؟