مقطع فلم | علاج الاضطراب لنيل الحال الطيّبة
- انتاج: موسسة البیان المعنوي
المدة: 06:08دقیقة
06:08 دقیقة | تنزیل بجودة ( رديئة(9MB) | عالیة(102MB) )
- مشاهدة في: یوتیوب
النص:
من العناصر المهمّة جدًّا لسوء حال الإنسان هو انعدام الأمن. الحال الطيّبة هي نتيجة الشعور بالأمان. انعدام الأمن يُفسد حال الإنسان كثيرًا مَن حالُه سيّئة؟ هو من لم يعالج عوامل فقدان الأمن عنده، بل اكتفى بنسيانها.. يريد أن لا يراها! وما هي عناصر فقدان الأمن عند الإنسان؟ كثيرة ومختلفة. - يا هذا، متى تفارق الدنيا؟ - لا أدري.. قد أموت في أي لحظة، لم يضمن أحد لي الحياة. جميعنا، بشكل غير محسوس، يشعر باضطراب عدم الأمن من الموت، إذن حالنا سيّئة، إلّا أن نكون تخطّينا الموت بأن لا يشكّل لنا خطرًا أو لا أمن، أو نكون من أهلِ: "إن كان الموت رجلًا قُل له ليأتي لأعانقه بكلّ قوّة" [شعر]، فحينها لن يشكّل الموت لنا خطرًا غير محسوس. عوامل اللاأمن هي البلايا التي قد تحلّ بنا في الدنيا، من غير البغضاء والموت، إنّها تخرّب أمْنَ حياة الإنسان فتسوء حالُه. - لكنّك إن أخبرتَنا بهذا نضطرب! - إنّك ما لم تحُلّ المشكلة لن تشعر بالأمن! ولا يمكن هذا إلّا مع الله تعالى. الله لم يخلق الإنسان بحيث يمكن أن تصفو حالُه من دون الله، هذا مستحيل. - تَعني أنّ جميع الكفار، الذين لا يهتمّون بهذه الأمور حالهم سيّئة؟ لكنّني أشاهدهم!.. مَسَرّاتُهم وقهقهاتُهم تطال عنان السماء! عن أمير المؤمنين عليّ(ع): «المُتَمَتِّعونَ مِنَ الدُّنيا تَبكي قُلوبُهُمْ وَإِنْ فَرِحوا»؛ أي: قلوب أهل الدنيا باكية وإن فرحوا وضحكوا في الظاهر، «وَيَشتَدُّ مَقتُهُم لأَنفُسِهِم وَإِنِ اغْتُبِطوا بِبَعضِ ما رُزِقُوا»؛ أي: إنّهم غير راضين عن أنفسهم، منزعجون منها، وإنْ غبطَهُم الناس بما رُزقوا من الدنيا، أي يملكون أشياءَ فيقول الناس: آه، يالِسعادتهم، انظر! مثلًا: أيُّ سيارة! أيُّ... يقول: قد يغبطهم الناس على ما يملكون لكنّهم ليسوا سعداء، هذا وصف أمير المؤمنين(ع) لأمثال هؤلاء. إنّ أحد أهمّ وجوه تسمية الإيمان أساسًا هي أنّ المؤمن بعد إيمانه يشعر بالأمن، وهذا مذكور في القرآن الكريم: (الَّذينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إيمانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْن)؛ أي إنّ الذين يؤمنون ولا يظلمون، أي أن يعملوا بمقتضى إيمانهم، (أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْن)؛ يَصِلون حالة الشعور بالأمن. وفي كلام لأمير المؤمنين(ع) مثلًا يقول: «مُفارَقَةُ الدِّينِ مُفارَقَةُ الأَمْن»، فإذا ابتعد الإنسان عن الدين لا يعود يشعر بالأمان، وإن أراد المرء الشعور بهذا الأمن فلا مفرّ له غير عبادة الله وغير الإيمان به. ولعلّ كلّكم أيّها الأصدقاء يعلم أنّ الإيمان بالله يخلتف كثيرًا عن العلم بوجوده تعالى، فالبعض يكون متيقّنًا من وجود الله تعالى ثمّ يكفر!! الإيمان بالله يختلف كثيرًا عن الوعي. فقط حين يترسّخ هذا الوعي في قلب الإنسان يصبح إيمانًا، يزوّده بشعور عميق بالأمن. وهكذا هم الأطفال أيضًا، إذا كان أبواهم بجوارهم يحسّون بالأمان يلعبون، لكن يلتفتون كلّ حين، بحسب عمرهم، إلى أبويهم: - أنت مهتَمّ بي، أنا مهتَمّ بك، أنت هنا.. مثلًا الأطفال يشعرون بالأمن بالنسبة إلى طعام غدهم، يشعرون بالأمن الغذائي لماذا؟ يقول: أمّي ستطعمني.. ستذهب وتحضره لي، أبي سيحضره.. ماذا تظنّ؟ لا يفكّرون ولا مرة في أنه: أيملك أبي المال ليطعمني غدًا؟ أتملك أمي شيئًا؟ يقول آية الله بهجت(ره): لو كان لدينا بمقدار ثقة الأطفال بأبويهم، فيما يخصّ طعام غدهم، ثقةً بالله لانتهى الأمر، وانصلحت أمورنا. مَن حاله طيّبة؟ إنّه، كما الطفل الذي يلوذ بقدرة أبويه ولطفهما، يلوذ بالله تعالى فتطيب حالُه. الله لم يخلق الإنسان بحيث يمكن أن تصفو حالُه من دون الله، هذا مستحيل، لا تصفو هذه الحال السيّئة إلّا مع الله.