ضرورة الوعي السياسي (3)
أكمل سماحة الشيخ علي رضا بناهيان في هيئة الشهداء المجهولين الأسبوعية، موضوعه في خصوص ضرورة الوعي السياسي. فإليكم أهمّ المقاطع من كلمته:
الإسلام الذي قد اهتمّ باحتياجاتنا الحياتيّة لابدّ أن يكون قد اهتمّ بالسياسة
- لقد أخذت الأحكام الدينية احتياجاتنا الحياتية بعين الاعتبار. وقد بلغ اهتمام الدين باحتياجاتنا الحياتية إلى درجة بحيث قد اعتبر العامل الذي يذهب إلى عمله ويكدّ ويتعب لكسب الرزق لعائلته كالمجاهد في سبيل الله. فقد روي عن الإمام الصادق(ع): «الْکَادُّ عَلَى عِیَالِهِ کَالْمُجَاهِدِ فِی سَبِیلِ اللَّهِ» [الكافي/5/88]. كما قد أمر ديننا بتأمين احتياجاتنا الحياتية بحيث قد يصبح التقصير في قضاء هذه الحوائج فعلا محرّما. فعلى سبيل المثال إذا أضرب أحد الناس عن الطعام إلى أن يهلك جوعا، فهذا انتحار وحرام.
- فكيف يمكن لهذا الإسلام الذي اهتمّ كثيرا بتأمين احتياجاتنا الحياتية، أن يكون غير مكترث بالساحة السياسية ولم يلفت أنظارنا إليها؟ إذ أن تحقّق أكثر احتياجاتنا الحياتية مرهون بمعادلات الساحة السياسية، وأصحاب السلطة هم أصحاب القرار في تحقيق هذه الاحتياجات أو عدم تحقيقها. بحيث بإمكان أصحاب السلطة أن يقتلونا أو أن يشنّوا حربا ويبيدونا.
- إن هذا الدين الذي بالغ الاهتمام باحتياجات الإنسان الحياتية، وأمر بسدّها وقضائها، من المؤكد أنه قد اهتمّ بالساحة السياسية، إذ جميع احتياجاتنا الحياتية بنطاقها الواسع تؤمَّن هناك، وهي رهن إشارة أيدي أصحاب السلطة ومن المعلوم أن سلوك أصحاب السلطة وتداولهم في بقائهم في مناصبهم كلّها من الأحداث المهمّة التي تحسم في الأوساط السياسية. فكيف يمكن وأنى يعقل أن يكون ديننا قد أمرنا بالابتعاد عن السياسة؟!
الإسلام الذي قد اهتمّ بالفقراء وأكّد على مساعدتهم، من المؤكد أنه مكترث بالساحة السياسية ومصادر الفقر
- لقد فرض الله مساعدة الفقراء تحت عناوين الصدقة والإنفاق والزكاة، ثمّ أعطاها من الأهمية ما قد قرنها مع الصلاة في كثير من آيات القرآن. فهل يعقل لهذا الإسلام الذي وصّى بمساعدة المستضعفين واعتبر مساعدتهم صدقة، أن يكون غير مكترث بالسياسة؟! والحال أن الساحة السياسية هي المصدر في إنتاج الفقر أو الغنى، وبها يمكن الوقوف أمام الفقر وإغاثة الفقراء في نطاق واسع. لا يُعقل أن يوصّينا الإسلام بمساعدة الفقراء وبالابتعاد عن السياسة في نفس الوقت! إذ أن المصادر الناتجة للفقر هي ساحة السياسة. فإذا أردنا أن ننقذ المحرومين والمستضعفين لابدّ أن نتدخّل في السياسة بصفتها العامل الأول في تكوين ظاهرة الفقر، لأنّ في هذه الساحة السياسية يتم إنتاج الفقر بنطاقه الواسع.
- إن الأبعاد السياسية أهم من باقي الأبعاد في الأحكام الدينية. طبعا لم يصرّح القرآن بعناوين السياسة والسلطة، كما لم يصرّح بأسماء الأئمة الإثني عشر. إذ كما قال أمير المؤمنين(ع) إن ديننا هو دين الإشارة لا التصريح؛ «فَبَعَثَهُ اللَّهُ بِالتَّعْرِیضِ لَا بِالتَّصْرِیحِ» [الاحتجاج/1/255]
لا يعقل أن يكون الله قد أمرنا بالجهاد ولكن لم يعيّن تكليف إدارة الجهاد/ من أجل العمل بالجهاد لابدّ لنا من البصيرة السياسية
- المثال الآخر الدال على اهتمام ديننا بالسياسة هو أن ديننا قد أمر بالجهاد، وعليه فلابدّ أن نسأل: من الذي يعيّن الخصم ويحدّد زمن الجهاد؟ وأين يتمّ تنظيمه؟ من الذي يقرّر أن قد حان وقت الجهاد أو لم يحن؟ من المؤكد أن هذه القرارات تصدر في ساحة السياسة، فلا يجوز لنا أن ندع هذه الساحة تقع بيد أيّ كان، إذ لا يصلح كل امرء للدخول في الساحة السياسية فيصدر أمر الجهاد أو يقرّر إيقافه. كما الآن نرى أن تنظيم داعش قد تصدّى لذلك، فأصبحوا يفرضون على بعض الشباب وبدوافع دينية أن يهاجروا للجهاد. فإذا أطاعهم جاهل مغفّل فاقد للبصيرة السياسية، يذهب إلى الجهاد ـ على حدّ تعبيرهم ـ فإما يقوم بقتل وجرائم وإما يُقتَل ويذهب دمه هدرا.
- لا يعقل أن يكون الله قد أمرنا بالجهاد ولكن لم يعيّن تكليف إدارة الجهاد. ومن ينظر إلى الدين بهذه النظرة فقد حمل صورة غير عقلانية عنه. لأنه في الواقع يقول: «لقد مدح الإسلام الجهاد بشكل عام بدون أن يدخل في التفاصيل!» ولكن القضية المهمة هي أنه من الذي يجب أن يصدر حكم الجهاد؟ ومتى يجب الجهاد وفي أي ظروف؟ هذا الإسلام الذي جعل حرمة دم النفس الواحدة مساوية لحرمة دماء جميع الناس؛ (مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَیْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِی الْأَرْضِ فَکَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمیعاً) [المائدة/32] كيف يمكن أن يأمر بالجهاد بلا أن يعيّن إدارته وقيادته؟!
- لابدّ للقائد الذي يحدّد زمان الجهاد ومكانه أن يكون رجلا سياسيّا بكل معنى الكلمة، كما يجب علينا أيضا أن نتحلّى بالبصيرة السياسيّة لكي نقدر على تشخيص صحّة قرارات هذا القائد، وفي سبيل أن لا ننساق وراء قادة مزيّفين منحرفين. إذن في سبيل امتثال أمر الله في قضيّة الجهاد لابدّ لنا من التحلّي بالبصيرة السياسيّة. العمل بالجهاد مشروط بالبصيرة السياسية. ولا يمكن اتخاذ القرار بشأن الجهاد أو المبادرة إليه خارج نطاق العملية السياسية، وهذا ما يؤكّد حاجاتنا الماسّة إلى البصيرة السياسية.
أليست أحكام صلاة الجماعة تمرين للحضور في مجتمع بقيادة مركزية واحدة؟
- الساحة السياسيّة هي الحاسمة في أمر أمّهات احتياجاتنا الحياتيّة. ولذلك فقد أعار ديننا اهتماما بالغا بالساحة السياسية. حتى أن عباداتنا قد طعّمت بطعم السياسة. فعلى سبيل المثال يؤكّد الإسلام علينا أن نصلّي صلواتنا اليومية جماعة. بحيث إن كان بيتنا في جوار المسجد ولم نذهب إلى المسجد فتوشك أن لا تقبل الصلاة.
- فلماذا ليس لنا أي انطباع سياسي عن صلاة الجماعة؟ فيا ترى لماذا قد حفّ حكم اتباع الإمام في الصلاة الجماعة بمجموعة من الأحكام التفصيلية الدقيقة؟ مثلا لا يجوز التقدم على الإمام ولكن التأخر عنه بمقدار ركنين لا يضرّ بصحّة الصلاة. (أي قد سمح لنا بالتأخر قليلا أما التقدّم العمدي فلا يجوز مطلقا) أليست هذه الأحكام تمرين للحضور في مجتمع بقيادة مركزية واحدة؟!
كيف يمكن أن يكون الدين غير مبالٍ بنفوذ الشيطان وفساده في المجتمع الإسلامي؟
- من شأن تعاليم الإسلام أن تجعل الإنسان نبها تجاه الشيطان. فقد قال الله تعالى في القرآن الكريم: (إِنَّ الشَّیْطانَ لَکُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا) [فاطر/6] وإن موقع العدوّ من الأهمية بمكان بحيث قد خلق عدوّ الإنسان قبل بدء خلق الإنسان. من معارفنا الإسلامية المهمّة هي أن الشيطان يريد أن يتغلغل فينا ويفسدنا كما قد حذرنا الدين منه. فيا ترى كيف يمكن أن يكون الدين غير مبالٍ بنفوذ الشيطان في المجتمع وإفساده؟!
- إذا كان الشيطان يهتمّ بالنفوذ والتأثير في قلب الفرد الواحد، فبطبيعة الحال يفترض أن تكون الساحة السياسيّة أهمّ له بكثير من حياة الإنسان الفردية. لذلك لابدّ أن نرصد تحركات الشيطان لكي لا ينفذ في مجتمعنا، وهذا يعني يجب أن نكون سياسيّين. فكما أن للشيطان حيل ومكائد لخداعنا فردا فردا، كذلك له حيل ومكائد لإفساد المجتمع برمّته. فهو يعرف ماذا يجب أن يفعل. إنه يعرف جيّدا أن أفضل طريق هو أن يستهدف السياسيّين فيخدعهم ليؤثر عن طريقهم على كلّ المجتمع.
الخدمة أو الخيانة السياسيّة، أعظم ثوابا أو عقابا من العبادة أو المعصية الفردية
- الناشط السياسي الذي يخدم مجتمعا بكامله، سيحلّق في المقامات المعنوية أعلى وأسرع من كونه إذا خدم إنسانا واحدا في قضية شخصية. وكذا العكس؛ فمن قام بخيانة سياسيّة، فذنبه أعظم ودركته في نار جهنم أسفل ممّن كان يمارس معاصي فردية كشرب الخمر. الجريمة السياسية والخيانة في الساحة السياسية لجريمة عظمى لا تطهر بالتوبة العادية، ومن ارتكب مثل هذه الجريمة فقد عرّض عاقبته إلى خطر كبير.
- كتب الإمام الخميني في رسالته إلى الشيخ منتظري بعد ما قرّر على عزله: «في سبيل أن لا تحترق في قعر جهنم اعترف بخطأك وذنبك، لعلّ الله يعينك». [صحيفة الإمام (الفارسية)/21/331] من المؤكد أن السيد الإمام كان يعرف الفرق بين قعر جهنّم ورأسها ووسطها، ولم يكن يتكلم بكلام باطل عن غضب وهذا يعني أن تعبير الإمام هذا كان مصحوبا بالدقة والإمعان.
- الإسلام الذي يعتبر حق الناس أعظم من حقّ الله دين سياسي لأن حقوق الناس الكلية والواسعة النطاق مرهونة بمعادلات الساحة السياسية. أحد نماذجها هو ما أشار إليه قائد الثورة الإسلامية سماحة الإمام الخامنئي في كلمته الأخيرة في خصوص مراعاة حق الناس في الانتخابات.
لقد استشهد شهداء فتنة 2009 في سبيل الدفاع عن حق الناس/ لو كنا قد قمنا بتكريم شهداء الفتنة كما ينبغي لما بدأ يردد البعض فكرة إثارة فتنة جديدة
- الشهداء الذين بذلوا أنفسهم في فتنة 2009، إنما استشهدوا في الدفاع عن أصوات الناخبين والتي هي من حقّ الناس. فقد دافعوا عن أصوات الناس ووقفوا أمام المطالبات بإبطال أصوات الناس في الانتخابات. فقد استشهدوا في سبيل الدفاع عن حق الشعب وعليه فلابد من تعظيمهم. فعلى سبيل المثال لنقم مراسيم تأبين هؤلاء الشهداء في تاريخ معين في مساجد أحيائنا.
- عندما نقوم بتأبين شهداء الدفاع المقدّس فإن هذا العمل يضمن أمان البلد ويصيب أعداءنا اليأس من أن يهاجموا هذا الشعب. فلو كنّا قد قمنا بتكريم شهداء الفتنة في هذه السنين لما بدأ يردّد البعض فكرة إثارة فتنة جديدة.
تنجز مقدّمات ظهور الفرج في الساحة السياسية/ ليس إصلاح حجاب النساء من أهم التمهيدات لظهور الفرج، بل إصلاح السياسيّين هو الأهمّ
- قدرتنا على إغزار معنويتنا عبر السياسة، بحاجة إلى رشد خاص. وكذلك مكنتنا من البكاء وصبّ الدموع في مناجاة الأسحار والتوسل إلى الله ودعائه لمطالب سياسية فهذا أيضا بحاجة إلى رشد خاص. ولا يخفى أن على رأس أدعيتنا السياسيّة هو الدعاء لظهور الإمام صاحب الزمان(عج). ومن مستلزمات الدعاء للفرج هو الدعاء لتحقّق مقدّمات الفرج، ليكون الدعاء عن معرفة ويقترن بالإجابة. لا ينبغي أن يكون دعاؤنا كحال الإنسان الذي يخاطب ربه ويقول: «الهي! أنا لا أعرف كيف يتحقق الفرج وما هي مقدّماته، ولكن عجل فيه بأي شكل من الأشكال!» إذا أردنا أن ندعو للفرج، لابدّ أن ندعو لتحقّق مقدّمات الفرج أيضا ومن المؤكد أن معظم هذه المقدّمات مرتبطة بالساحة السياسيّة.
يريد الدين أن يوصلنا إلى أوج الكياسة والفطنة/ أوج الكياسة، هي الكياسية السياسية/ لقد شوّه طلاب السلطة صورة الأجواء السياسية بحيث أصبحت الساحة السياسية لا تعتبر ساحة معنوية
- يريد الدين أن يرشّدنا ويوصلنا إلى أوج الكياسة، ولكن أوج الكياسة تجاه ماذا؟ الرشد وأوج الكياسة، هي الكياسة السياسية. فإلى هنا يريد إيصالنا. أمّا الإنسان الأناني فسوف يكون غير مكترث بهذا الشأن. من خصائص الإنسان الأناني جدّا هي أنه إذا مات بجانبه إنسان أو أوشك بالموت، تراه لا يبالي ولا يحرّك ساكنا. والأكثر لؤما وأنانيّة هو ذاك الإنسان الذي يرى جراح مجتمع كامل ولا يهتمّ.
- المشكلة هي أن طلّاب السطلة قد شوّهوا الأجواء السياسية من الأول وأبعدوها عن الطهارة والمعنوية والنور، بحيث لم يعد يعتبر البحث السياسي بحثا نورانيّا لطيفا معنويّا. ولذلك عندما يذهب الناس إلى جلسة محاضرة أو تعزية وقد طرح فيها بحث سياسي، يقولون بکل صراحة: «لم يكن البحث معنويّا في هذه الليلة بل كان سياسيّا»!
- لقد تعمّد البعض في شقّ الصفوف وتحزيب الساحة السياسية بتيارات وأحزاب موهومة وتمزيقها بمنازعات لا أساس لها لكي يتقزّز الناس من الساحة السياسيّة ويعرضوا عنها. فكانت هذه الظاهرة من زمن أولياء الله ولحدّ الآن. في زمن أهل البيت(ع) وبعد ما اعترت اجهزة الخلافة شتى أنواع الفساد، عزم المأمون على إدخال الإمام الرضا(ع) في الساحة السياسية تشويها لسمعته. ولكن لم تشوّه سمعة الإمام الرضا(ع) فقط بل انقلب الأمر على المأمون بحيث صمّم على قلته.
يجب أن تكون الساحة السياسية من المعنوية والقداسة بمكان بحيث يدخلونها السياسيون بطهارة ووضوء
- لا تسمحوا بأن تصبح الساحة السياسية في رؤيتكم مشوّهة وقبيحة الوجه. يجب أن نعرف أن كلّ من قبّح الساحة السياسية ولوّثها، فإنه هو السيّئ لا السياسة. يجب أن تكون الساحة السياسية من المعنوية والقداسة بمكان بحيث يدخلونها السياسيون بطهارة ووضوء. إذ قد تعلّق مصير شعب كامل بهذه الساحة وما يجري فيها.
- لماذا أراد الإسلام أن يربّينا على دفع الصدقة في كلّ يوم، وقد قسّم الصدقات اليومية إلى صدقة النهار وصدقة الليل؟ لأن هذا العمل يربّينا ويترك فينا أثره الوضعي. فمن شأن هذا العمل أن يجعلنا نشفق بالآخرين ونبتعد عن الأنانية، فهو يسوقنا إلى هذا الاتجاه. فليت شعري ألم يرد مثل هذا الدين أن نكون سياسيّين؟!
- أرجوكم أن تركّزوا على عنصر السياسية خلال ما تطالعون تاريخ الإسلام، وانظروا كم قد ضحّى المعصومون الأربعة عشر بأنفسهم في سبيل القضايا السياسيّة. وكيف لا يكونون سياسيّين والحال أن كل ما كانت روح الإنسان ألطف وأصفى يزداد شفقة ورأفة بجميع المسلمين بل بجميع أهل العالم ولذلك لم يجد بدّا سوى أن يكون سياسيّا.
إن قام رجالنا السياسيون بفسح المجال لصولة المستكبرين، يتفاقم الفقر/ اجتناب الطاغوت يعني أن نقف أمام نفوذ الطاغوت ولا نسمح له بالهيمنة علينا
- إن تحسّن الوضع المعيشى لدى الشعب، مرتبط إلى حدّ كبير بعمل السياسيّين. فعلى سبيل المثال إن قام رجالنا السياسيّون بفسح المجال لصولة المستكبرين، يتفاقم الفقر. الآن في موضوع الاتفاق النووي قد أتى دور مجلس الشورى الإسلامي. فنسأل الله أن يتوخوا الحذر ولا يوقعوا بتوقيع يضرّ بمصير الشعب ويورّطهم في المستقبل.
- كان لأنبياء الله رسالتان؛ إحداهما عبادة الله وعدم الشرك، والأخرى اجتناب الطاغوت؛ (وَ لَقَدْ بَعَثْنا فی کُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَ اجْتَنِبُوا الطَّاغُوت) [نحل/36] و اجتناب الطاغوت يعني أن نقف أمام نفوذ الطاغوت ولا نسمح له بالهيمنة علينا. لابدّ أن نرى كيف يهيمن علينا الطاغوت؟ وكيف يتغلغل بين صفوفنا فيتسلط علينا؟ فلابدّ أن ندرس هذه الثغرات والمنافذ.
أرجوا أن تقيموا في مقرّات التعبئة وفي الهيئات الحسينية ندوات سياسية جيّدة وبناءة، لكي تترقّوا
- إن الساحة السياسيّة، هي ساحة النور والمعنوية. إنها ساحة البصيرة والتفكير السليم ورؤية المستقبل والنظرة الشاملة الواسعة النطاق. إنها لساحة جميلة جدّا. فأحبّوها وطوّروا بها مستواكم الفكري. لابأس أن تشاركوا في نقاشات سياسية سليمة. أنا أرجوا مقرّات التعبئة والهيئات الحسينية أن يقيموا في مجالسهم الليلية ندوات سياسية جيدة وبناءة. لا أن يخوضوا في جدالات حول النزاع الموهوم بين ما يسمى باليمين واليسار، بل يناقشوا المعادلات والقواعد السياسية. فليتنبأوا الأحداث وفقا لقواعد الدومينو ويحلّلوا الأخبار السياسية وسلوك قادة المجتمع السياسيّين.
إن الساحة السياسية بحاجة إلى مراقبة النفس وتقوى عالية جدّا
- نحن نريد أن نؤمن احتياجاتنا الحياتية، ونزداد قوّة لكي نحتمي بها عن الهجمات وإنها لرؤية واقعيّة جدّا. فغيّروا رؤيتكم تجاه الساحة السياسيّة ولا ترضخوا لهذه الأوضاع السائدة حاليّا واسعوا لتغييرها. فلو كان الإمام المنتظر(عج) راضيا عن هذه الأوضاع الموجودة لظهر. إذن فلابدّ أن نصعّد توقعاتنا لكي لا يدخل الساحة السياسيّة من لا صلاحية له. السياسة يعني أن يغرق الإنسان في خدمة الناس. إنها لساحة صافية وطاهرة جدّا. إنها مركز نشاط الأنبياء والأئمة الطاهرين(ع).
- إن الساحة السياسيّة بحاجة إلى مراقبة شديدة للنفس وكذلك بحاجة إلى المعنوية والتقوى واللطافة والعرفان العالي فليس كلّ أحد أهلا لها. إن قادة جيش الإمام الحجة(ع) من القداسة والمعنوية بمكان، بحيث إذا مرّوا من مكان يتبرّك الناس بتراب أقدامهم.