۹۹/۰۲/۰۱
زاوية الرؤية - الحلقة الرابعة
من مميزات الرؤية الجيدة قدرة "الرؤية من الخارج" / النظر من الخارج إلى الظواهر يوفّر لنا إمكانية التقييم الأدق / من ينظر إلى الأمور من الأعلى سيتميز بالنشاط والرؤية المستقبلية
الهويّة:
-
المكان: طهران، جامعة الفنون
-
الزمن: محرم 1439هـ /2017م
-
الموضوع: زاوية الرؤية في الفن الملحمي
-
التاريخ: 10/محرم/ 1439 ـ 1/10/2017
-
A4|A5 :pdf
تؤثر نفسية الإنسان وصفاته على نمط رؤيته، فالمبتلى بالحسد يرى المشهد بشكل ومن ليس عنده حسد يراه بشكل آخر. وكذا الحال بالنسبة للمبتلى بالبخل.
تؤثر نفسية الإنسان وصفاته على نمط رؤيته / النظر من الخارج إلى الظواهر يوفّر لنا إمكانية التقييم الأدق
- تؤثر نفسية الإنسان وصفاته الروحية على نمط رؤيته، فالمبتلى بالحسد يرى المشهد بشكل ومن ليس عنده حسد يراه بشكل آخر. وكذا الحال بالنسبة للمبتلى بالبخل. فعند ضبط رؤيتنا لظواهر العالم، ستُظهر صفاتنا الأخلاقية نتائجها وآثارها.
- النظر من الخارج إلى الظواهر وتجنّب الغور فيها يهب المرء قدرة تقييم أدق. فإن غرقت أو تعمّقت في الظواهر لن تتمكن من تقييمها بشكل صحيح ودقيق، ولا سيما حين يريد المرء تقييم نفسه. فإن استطاع أن ينظر إلى نفسه من الخارج سيصل إلى تقييم دقيق عنها. وإن نظرنا إلى أنفسنا من الخارج سنتمكن من محاسبتها بشكل أفضل.
إن نظرنا إلى أنفسنا من الخارج سنتمكن من محاسبتها بشكل أفضل
- إن استطعنا - ما دمنا نعيش في هذه الدنيا وقبل الانتقال إلى عالم الآخرة - أن ننظر إلى أنفسنا وحياتنا من الخارج، سنتمكن من محاسبة أنفسنا بشكل أفضل. بتعبير آخر، إن النظر إلى النفس من الخارج يعني: «موتوا قبل أن تموتوا»! لأن الإنسان ينفصل عن جسده دفعة واحدة في لحظة نزع الروح ويشاهد حياته وشخصيته كلها من الخارج.
- يكون الإنسان في فترة الطفولة غارقاً في التفاصيل وعاجزا عن النظر من الخارج. فأن يبتعد الإنسان عن فترة الطفولة ويكبر بالمعنى الحقيقي للكلمة أمر جيد جداً. فحين يذهب الطفل إلى ضيافة ما، سيستغرق باللعب مع الأطفال وينهمك في تفاصيل اللعبة إلى درجة يعجز عن الرؤية من الخارج ليدرك: إلى أين جئت؟ وما هي توقعات صاحب المنزل مني؟ وكيف سيكون تصوره عني بعد ذلك؟ وما هي الأشياء غير المسموح لي بلمسها وما هي الأعمال التي لا ينبغي أن أقوم بها؟
من مميزات الرؤية الجيدة قدرة "النظر من الخارج" / من ينظر من الخارج إلى الظواهر سيميّز جذور وآثار كل ظاهرة
- من مميزات الرؤية الجيدة هي أن يصبح الإنسان قادراً على النظر من الخارج. فالناظر من الخارج يميّز أسباب كل ظاهرة وآثارها، كما يكون قادراً على تمييز جذورها ونتائجها. وبالطبع يحتاج النظر إلى الظواهر من الخارج إلى ممارسة وتمرين، والقرآن الكريم ممتاز لتعويدنا على مثل هذه النظرة.
- على سبيل المثال، إن نظرنا من الخارج إلى حضارة الغرب سندرك بسهولة أنها في سبيلها إلى الانهيار. وإن نظرنا من الخارج سنفهم عبر تحليلاتنا الخاصة أن الإمام الحسين(ع) سيسيطر على العالم. وحين نتأمل من الخارج إلى عملية تملّك أبي عبد الله الحسين(ع) للقلوب سنشعر بمدى اقترابنا من الظهور. بعض الأشخاص إذا شارك في مسيرة الأربعين غاص في المسيرة ذاتها فلا ينظر إلى الأربعينية ككل من الخارج، ولذلك يعجز عن إدراك عظمتها.
إن نظرنا إلى مجتمعنا من الخارج سنلاحظ أن الظروف بعد الثورة كانت لصالح الحق دائماً
- لا يرى الكثير من الأشخاص المحاسن المنتشرة في مجتمعنا برؤية من الخارج. بينما لو نظرنا من الخارج إلى محاسن ومساوئ المجتمع، لشاهدنا أن مجريات الأمور بعد انتصار الثورة كانت دائماً لصالح تيّار الحق. فإن تمكّنا من النظر بهذا النمط ستكون رؤيتنا إيجابية.
- وبعد انقضاء حقبة الدفاع المقدس (الحرب المفروضة)، ساور البعض يأس شديد من أنّ أجواء الجهاد والشهادة ستنتهي. أما اليوم فانظروا إلى شهداء ِ حماة الحرم ومدى تلهّف الشباب واشتياقهم للجهاد والمقاومة! فإن نظرنا إلى الأمور من الخارج ستكون رؤيتنا صائبة وإيجابية.
إذا شعرت أن قافلة الزمن تتجه صوب الإمام الحسين(ع) بسرعة فستحاذر من أن تتأخر عنها
- إذا شعرتَ أن قافلة الزمن تتجه صوب الإمام الحسين(ع) بسرعة فستحاذر كي لا تتأخر عنها وستحرص على الالتحاق بها. بيد أنك ستشعر بالوهن وتتباطأ في الجدّ والاجتهاد لو أحسست أن قافلة الزمن تبتعد عن الإمام الحسين(ع).
- حين بدأت موجة التراجع في غزوة أحد، أخذ الجميع يتراجعون دفعة واحدة وتركوا رسول الله(ص) والإمام علي بن أبي طالب(ع) ورجلا آخر لوحدهم، بحيث كان رسول الله(ص) على وشك الاستشهاد. لكن حين جاء نصر الله وبات ظاهراً جلياً للجميع، أتى الناس أفواجا ودخلوا في دين الله: «إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَیْتَ النَّاسَ یَدْخُلُونَ فِي دِینِ اللَّهِ أَفْوَاجاً» (الفتح/1و2)
- الأشخاص الذين لا ينظرون إلى الأمور من الخارج وينكبّون على التفاصيل والقضايا الجزئية لا يشاهدون بعض الحقائق الهامة. على سبيل المثال، قد ينشغل البعض من المتدينين والثوريين بانتقاد مشاكل المجتمع وينهمكون بذلك إلى درجة أنهم لا يشاهدون الوتيرة الهائلة المتصاعدة صوب النصر والنجاح. فاليوم يعاني أدب المتدينين وأنصار الثورة من الضعف والخمول في تعبيرهم عن النصر والفتح، بينما ينبغي علينا أن نقرع طبول الانتصارات دائماً عبر أساليب وتعابير متنوعة.
من ينظر إلى الأمور من منظر أعلى سيتميز بالنشاط والرؤية المستقبلية
- الإنسان الذي ينظر من الأعلى إلى الظواهر يكون نشيطاً. فرؤيتك هي التي تؤدي إلى ظهور الشوق والولع في نفسك للنشاط والبداية بالكفاح والحركة إلى الأمام لتقتحم الساحات. الرؤية من الأعلى والنظر من الخارج وتجنب الانشغال بتفاصيل القضايا وملاحظة الوتيرة المتصاعدة للنجاح، تخلق عند المرء الشعور بالانتصار واغتنام الفرص ليقوم بأعمال صالحة وإيجابية.
- النظر من الخارج يُكسِبك رؤية مستقبلية ويجعلك تشاهد مسيرة الحق الماضية نحو الظّفَر. الرؤية من الخارج تُظهر لك مدى سرعة عجلة النجاح والانتصار وهي بدورها تؤدي إلى تلهّفك لعدم التأخر عن الركب والقيام بعمل ما!
إن نظرنا من أفق أعلى سنشاهد أن الأجواء اليوم أيضاً بنفس روعة أيام الدفاع المقدس، فانتبه لكي لا تتأخر!
- ما حدث في جبهات القتال في حقبة الدفاع المقدس هو أن الشباب كانوا حريصين على التسابق في ميادين الجهاد والشهادة، وكانت عندهم دوافع قوية، بسبب الأجواء الساخنة الرائعة التي كانت سائدة آنذاك. وإن نظرنا اليوم أيضاً من منظر أعلى، فسنرى أن الأجواء أعلى عظمة وروعة من زمن الحرب، كما أنها أشد تحفيزاً وإلهاباً للمشاعر ولا ينقصها إلا الشهادة.
- لم ينجذب البعض إلى أجواء الحرب حتى في فترة الدفاع المقدس ولم ينتقل إليهم ذلك الشعور الجميل المحبّب. واليوم أيضاً لا يختلف الأمر، فالأجواء محمومة بشدة وذات طابع دفاع مقدس وهذا أمر رائع جداً. فإن نظرت من الخارج سترى الأجواء ساخنة جداً وستلاحظ سرعتها. الخشية أن تقول يوم غد بأنه لم يكن لي دور في الظهور أو كان دوري ضئيلاً! انتبه كي لا تتأخر، سجّل حضورك في الطابور الأول، قم بأداء الدور الأول!